بقلم / يحيى أبوزكريا . ماذا أقول لك أيها الشعب التونسي , و أنت تعلم أن العجز عن التعبير هو أبلغ من كل تعبير , كيف أشكرك وكل مفردات لسان العرب لإبن منظور لا تكفيني , ومع كل ذلك سأترك قلبي يكتب بأوجاعه و أحزانه رسالته إليكم .. شكرا لكم أيها التونسيون لأنكم أكدتم بجهادكم و دمائكم أن الشعوب لا ولن تموت , بوركتم لأنكم أثبتم أن صناعة التغيير ممكن بدون الدبابة الأمريكية النجسة , و لا الطائرات الفرنسية الآثمة . لقد أكدتم أن الإنسان العربي و المسلم قادر على رجم الطغاة و الجبابرة , و قد أهديتم العرب والمسلمين أعظم ثورة عربية نظيفة في الألفية الثالثة .. شكرا لكم , لأنكم أفرحتموني أنا المظلوم التائه في شوارع العالم منذ ثلاثة عقود , و بالتأكيد فقد أفرحتم كل الأحرار و كل المظلومين و كل المسجونين و ضحايا نظام البؤس والبوليس و المافيا و المحسوبيات و العوائل المتجبرة .. يا أحرار تونس بتطهيركم تونس من رجس زين العابدين بن علي و حرمه ليلى الطرابلس إنما طهرتم العالم العربي من داء الطغيان والإستبداد وقمع أجهزة الأمن , و سوف يسري درسكم التونسي العملاق في كل الأراضي العربية , و سوف يردد الأحرار في العالم : الأرض تتكلم تونسي .. يا أبناء الثعالبي والشابي , يا من عملتم بما قاله شاعرنا العظيم أبو القاسم الشابي : ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبَدَ الدهر بين الحفرْ لقد أنتجتم أعظم ثورة في تونس , و ستمتد إلى كل الدول المغاربية و المشرقية والعالم , و قد بدأ اللهب ينطلق في عواصم عربية مؤذنا بزوال الطغاة و أفول الطغاة الذين إستضعفوا شعوبهم و سرقوا ثروات شعوبهم , و أبادوا شعوبهم , و الذين سكنوا القصور و تركوا شعوبهم في حاجة إلى كسرة الخبز ... شكرا لكم أيها التونسيون لأنكم ذكرتمونا بالزمن العربي الجميل , عندما كانت الشوارع العربية تثور على الحكام العملاء الجهلاء ... يا آلاه ما أعظمها ثورتكم و إنتفاضتكم إذ تأتي في زمن عربي كله عهر وتردّي و إنكسار و تراجع , في عصر كل حكامه طغاة . ثورتكم أيها التونسيون ستعجل بسقوط أنظمة الطاغوت و العار التي أذلت مواطينها و سخرت أموال النفط التي هي أموال الأمة في خدمة الجنرالات و المخابرات والطغم الفاسدة ... لقد أعدتم مجد الزيتونة و الحركات الوطنية التي كانت تحارب الإستعمار الفرنسي , و أعدتم مجد الثورات العربية , لقد أكدتم للعرب و المسلمين أن حكامهم وملوكهم جبناء لقطاء حقراء لصوص و سرقة , لقد سرقت ليلى الطرابلسي وهي تفرّ من تونس طنا ونصف الطن من الذهب الخالص الذي هو قوت التونسيين وأبقى شين العابدين وليس زين العابدين خزينة الدولة خالية ... لقد أكدتم أن الحاكم العربي الذي يستقوي بالكلاب البوليسية هو أضعف و أجبن من أن يقاوم شعبا واجه النيران الحية بصدره العالى .. وهنا لا بد لي أن أشكر الشهيد محمد البوعزيزي رمز العزة العربية , و الذي لم يشعل الثورة التونسية فحسب بل أشعل نهضة العرب المرتقبة , والذي سيؤسس لعالم عربي بدون طغاة وبدون جبابرة .. شكرا لكم أيها التونسيون ..لأنكم أسعدتم الأحرار و المظلومين و السجناء والمنفيين قسرا من بلادهم و الثكالى و الأطفال الذين سينشأون في عالم عربي بدون طغاة يصادرون فكرا هنا و ثقافة هناك و رأيا هنالك .. أنتم أنتم أيها التونسيون الذين عشتم ردحا من الزمن تحت هيمنة الخوف حتى أصبحت تونس مملكة الخوف بإمتياز , خرجتم من أنفاق الخوف لتعلنوها ثورة عملاقة , أحمد الله على أنه أطال عمري لأرى شبابا عربيا يصرخ بملء فيه : لا للطغاة , لا للجبابرة , لا للصوص , لا للظالمين , لا للمستكبرين , لا للقساة البغاة , لا للعملاء أدوات الإستعمار , نعم للشارع و نعم للشعوب والمستضعفين ... أيها التونسيون شكرا جزيلا لكم , ومن الآن فصاعدا مدرسة ثورتكم سينضم إليها الجميع لينتجوا لنا أجمل الثورات ضد الطغاة في زمن العهر العربي ..شكرا جزيلا لكم , شكرا لكم بإسم كل الشعوب العربية و الإسلامية المظلومة .. وإحذورا من أن تسرق ثورتكم الجميلة , كما سرقت ثورات المغرب العربي من قبل ضبّاط فرنسا , و ثورات المشرق العربي من قبل الضباط الإنجليز و الأمركيين , صونوا ثورتكم كما صنتم عرضكم , صونوا منجزكم السياسي و منجز العرب , ولا تسمحوا لبقايا بن علي أن يلتفوا على ثورتكم , و لا تسمحوا لثورتكم الطاهرة أت يلوثها الأنجاس الأرجاس المصبوغة أيديهم بدماء شاب تونس الحكراء بدماء شهدائها الأبطال رضوان الله عليهم . و إذا أحرقتم الطاغية فبإمكانكم إحراق أتباعه , أرجوكم حافظوا على ثورتكم , لأنها ثورتنا , صونوا ثورتكم لأننا سننطلق منها لصناعة الغد العربي الخالي من الطغاة ...