العهد البائد بشهادة جميع التوانسة عهد كله سوء و شرور و فساد و جرائم و نهب و ظلم وظلمات لا يكاد المرء يجد في سجله الأسود حسنة واحدة تشفع له أو تجعل الناس تذكره بخير. وقد أثبتت فترة ما بعد الثورة أن أغلب أفراد الشعب كانوا متضررين من اعتداءات الرئيس وعائلته وأصهاره وعصابته. هذا العهد خدمه أعداء تونس من الخونة والإنتهازيين والساكتين على الحق وشهود الزور وأشباه الرجال وأراذل القوم وشرارهم ، وأقصي منه بالمقابل كل شريف وكل مخلص وكل وطني. هناك ممارسات هي التي صنعت الديكتاتورية في تونس وفي غيرها من البلاد المستبدة وأفسدت وغولت وفرعنت الحاكم وجعلته سفاحا إرهابيا. منطق التاريخ يؤكد أن عدم القطع مع هذه الممارسات يوقع الشعوب التي تنجز الثورات في مخالب ديكتاتوريات جديدة. هذه الممارسات يمكن إيجازها في الأمور التالية : أولا : تأليه الحاكم ويبدأ التأليه بتفصيل توارزية القانون المأجورين لدستورعلى قياس الحاكم يمكنه من صلاحيات لا يتمتع بها حتى الأنبياء والرسل ويخول له اتخاذ ماشاء من القرارات والمراسيم الجائرة ويوفر له حصانة تجعله فوق القانون وتفلته وعائلته وجنوده من أي محاسبة. ويلعب الإعلام الرسمي الدور الأكبر في التأليه من خلال الدعاية الرخيصة التي تطبل وتزمرللطاغية في كل وقت وحين وتقلب وتدلس الحقائق على الناس وتصور الجرائم منجزات . وتتجلى مظاهر التأليه خاصة : - في تصدر صوره المقرفة يوميا للصفحات الأولى للجرائد والمجلات الصفراء وفرض تعليقها على أصحاب المحلات والعربات مع معاقبة الرافضين لذلك ، وحملها في كل التظاهرات السياسية والثقافية والرياضية والدينية . ( الوفد الوحيد الذي يحمل صورة الرئيس في موسم الحج هو الوفد التونسي ) تجوب ألمانيا طولا وعرضا لا ترى فيها صورة واحدة لأي مسؤول في الدولة. - في تخصيص الجزء الأكبر من نشرات الأخبار لنشاطاته المموهة الزائفة. - في إنشاء وكالة الإتصال الخارجي ورصد ميزانيات ضخمة لها لتلميع صورته البشعة في العالم. - في تسبيح المسؤولين على اختلاف مواقعهم بحمد ولي النعمة صباحا مساءا بمناسبة وبدون مناسبة وأنه وراء كل المشاريع الرياضية والإقتصادية والتنموية ، وعدم معارضته بالمرة. - في نسب نجاحات المبدعين في كافة المجالات لشخصه المفدى ، أسامة الملولي يفوز بميدالية ذهبية يعود الفضل في ذلك لسيادته ، أسامة الدراجي يسجل هدفا جميلا الفضل يعود لسيادته ، طالب ينجح في دراسته الفضل يعود لسيادته ، فلاح يخدم أرضه فتنتج خيرا وفيرا الفضل يرجع لسيادته ، مخرج سينمائي ينتج فيلما يحقق نجاحا الفضل يعود لسيادته ، مبدع يصنع جهازا أو آلة متطورة الفضل يعود لسيادته . - في تقبيل يده والركوع أمامه كما يقع في بعض المملكات. - في إخراج الناس طوعا وكرها خوفا وطمعا وكرائهم بالزيت والدقيق والمال وتوفير الحافلات التي تنقلهم إلى المواقع التي سيحل بها ركبه للصراخ والتصفيق والرقص. - في مساندة المتمعشين من حكمه ترشيحه لولايات رئاسية أخرى تمهيدا لبقاءه مدى الحياة في سدة الحكم.
هذا النفاق الذي هو نهاية في التخلف لا يليق بالشعوب الثائرة ويجب القطع معه إلى الأبد وأقترح في هذا المجال : 1- أن يحكم تونس في المستقبل رئيس شرفي ويدير الدولة رئيس وزراء أو مستشارعلى شاكلة الدول المتقدمة أو نظام برلماني أو أن يحكمها مجلس رئاسي منتخب ويتكون من أكثر من شخص . 2- أن يعتبر الرئيس مواطنا عاديا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق يخطئ ويصيب وليس رئيسا معصوما يقول فيه المنافقون شئت لا ماشاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار فلا مجال للحديث عنه في وسائل الإعلام إلا نادرا وفي الأحداث المهمة . 3- أن يقلص عدد حراسه ( الذين يتقاضون أجورا خيالية تقتطع من قوت الشعب الجائع ) ، الحاكم يحرسه عدله ( حكمت فعدلت فأمنت فنمت ) وليس مئات الحراس كما يفعل طغاة العصر. 4- أن يساءل ويحاسب ويخصع للتحقيق ويقتص منه من طرف القضاء العادل هو وعائلته وأصهاره عند الظلم والتجاوز والفساد أو الإخلال بالنظام . 5- أن تسن عقوبات : لكل من يمدح الرئيس الظالم تزلفا وتملقا ونفاقا مهما كان موقعه سواءا كان وزيرا أومستشارا وبرلمانيا أو واليا أو معتمدا أو رئيس بلدية أو مواطنا عاديا أو شاعرا يقول فيه القصائد الكاذبة وأقترح في هذا المجال غرامة مالية باهضة حتى لا يعود إلى صنيعه. لكل من يضع صورة الرئيس الظالم تزلفا وتملقا ونفاقا داخل محله أو على سيارته أو على ملابسه أو يأخذها معه إلى ملاعب الكرة أو إلى المنتديات الثقافية وأقترح في هذا المجال ستة أشهر سجنا لمن يفعل ذلك. 6- أن يتولى البرلمان الحر والصحافة الحرة مراقبة أداءه وفضح ممارساته الخاطئة ومعارضة سياساته الجائرة وتقويم اعوجاجه. 7- أن تحدد فترة رئاسته بدورتين لا أكثر حتى وإن حرر القدس. 8- أن تحصى ثروته وثروة عائلته قبل تسلمه المنصب وبعده وأن يسأل من أين لك هذا إن وجد عنده مال مشبوه.