شرح الكاتب في الجزء الأول من مقاله كيف أن المناداة بإلغاء عقوبة الإعدام تتنافي مع مبدإ العدل والإنصاف متسائلا كيف يريد البعض الإبقاء على حياة مرتكب الجريمة باعتبار أن الحق في الحياة مقدّس في حين أنه كان السبب في حرمان كائن بشري من حقه في الحياة ..وفي الجزء الثاني يواصل شرحه للموضوع فيقول: اعتقد جازما أن وراء هذه الحملة وغيرها من الدعوات خطة ممنهجة لضرب الدين الإسلامي؛هذا الدين الذي يمتاز على غيره من الأديان بالسماحة والعدل والاعتدال والوسطية ونبذ العنف ومقاومة الرذيلة و الأخلاق الفاسدة . وقد أشاد كبار العلماء والفلاسفة الغربيون المنصفون و نوهوا بهذا الدين و بالحضارة الإسلامية التي غزت أوروبا. واذكر على سبيل الذكر لا الحصر روجي غارودي الذي كان يساريا فهداه الله إلى نور الإسلام و أصبح من المدافعين عنه. لقد شن البعض ممن يعتبرون أنفسهم من الحداثيين والديمقراطيين والعلمانيين وحماة حقوق الإنسان حملة شعواء ضد ثوابت هذا الشعب بدأت بالخصوص داخل قاعة لجنة الأستاذ عياض بن عاشور وامتدت إلى قناة «نسمة» الفضائية عند عرضها للشريط المسيء للذات الإلهية فيما نادى بعضهم بضرورة المساواة في الإرث بين الذكر والأنثى خلافا للنص القرآني الصريح ؛ ثم نشر صور خليعة بإحدى الصحف اليومية مرورا بدعاة المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام وبفتوى إباحة شرب الخمر وانتهاء بما جاء على لسان المدعو جلال بن بريك الذي سمح لنفسه باستعمال ألفاظ بذيئة سوقية تمس من الذات الإلهية و القرءان العظيم و الرسول و أصحابه و أخيرا و ليس آخرا المطالبة بإمكانية أن يكون رئيس الجمهورية غير مسلم والغريب أن أحدا على حد علمي عدا فضيلة مفتي الجمهورية لم يحرك ساكنا ولم يصدر بيانا يشجب فيه تلك الإساءة رغم ادعائهم بأنهم يعتبرون أنفسهم من المدافعين عن حرية المعتقد بل إن بعضهم يردد على الملإ قولهم تملقا أو نفاقا : «بأنهم مسلمون». إن المتأمل في إثارة هذه الدعوات الباطلة يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن جل أصحابها إن لم يكونوا كلهم معروفين بعدائهم للأديان جميعا لا للإسلام فقط فهم ينتهزون كل فرصة في محاولة يائسة منهم لضرب الشعب التونسي في مقدساته و هويته و ثوابته متناسين أن الإسلام متوغل في أعماق الشعب التونسي وليس هناك أية قوة فكرية أو إيديولوجية أو عقائدية قادرة على انتزاع هذا الدين من قلوب الناس وعلى هؤلاء أن يكفوا عن استفزاز الشعب التونسي والعبث بمشاعره ومقدساته ومعتقداته وهويته العربية الإسلامية وأن هذا الدين الذي تجاوز الأربعة عشر قرنا سيظل الدرع الحصين لهذا الشعب الآبي وإنني أتحدى المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام أن يعرضوا مقترحهم هذا على استفتاء الشعب التونسي صاحب السيادة والقول الفصل في الموضوع عندها سيصابون بصدمة عنيفة علها توقفهم عند حدهم وتعيد لهم رشدهم و تمنعهم من مواصلة طعن الشعب التونسي بالتحامل على القرءان الكريم و سنة الرسول صلى الله عليه و سلم وفي ذلك صفعة قوية لهؤلاء الذين تشبعوا بالفكر الغربي وثقافته وبالإيديولوجيات المتطرفة التي ترى أن الدين أفيون الشعوب. إن الدعوة لإلغاء عقوبة الإعدام سينجر عنها حتما تزايد جرائم القتل و تفشيها في المجتمع ليقين القاتل انه سيبقى حيا وانه سيسعف في يوم ما بالحط من العقاب و السراح الشرطي والأخطر من ذلك أن لا مانع لأحدهم أن يرتكب إبادة جماعية ورغم ذلك سيبقى حسب رأي هؤلاء في مأمن من الحكم عليه بالإعدام رغم توليه قتل عشرات من البشر بل حتى المئات . ألهذه الحالة يريد المنادون بإلغاء عقوبة الإعدام إيصالنا إليها؟ الم يطلع هؤلاء المهووسون بالغرب على تفشي جرائم القتل في بعض تلك الدول؟ أليس هناك البعض من الولاياتالمتحدةالأمريكية تنفذ فيها أحكام الإعدام إلى اليوم ؟ الم يفكر الأمريكيون رغم تفوقهم الحضاري في إلغاء هذه العقوبة من البعض من ولاياتهم و كذلك الأمر بالنسبة للصين و روسيا وغيرهما من الدول؟ إن المناداة بإلغاء عقوبة الإعدام فيها انتهاك صارخ للنص القرآني المقدس ولمبدإ العدل والمساواة ودعوة صريحة حتى إن كانت عن غير قصد إلى تفشي جرائم القتل في المجتمع وفي ذلك هدم للعلاقات الاجتماعية وانخرام للأمن و هتك للأنفس وانتهاك حقيقي للحق المقدس في الحياة. بقلم: الأستاذ خالد المحجوبي*