بالفيديو: أمطار غزيرة في منزل بورقيبة بولاية بنزرت صباح اليوم الخميس    الجامعات البريطانية ترفع الحظر عن احتجاجات غزة وتؤكد حرية التعبير    عاجل/ إضراب ب3 أيام بشركة الملاحة    عاجل/ وزارة الخارجية تكشف وضع الجالية التونسية في إيران    تعرف على توقيت مباراة أنس جابر وبولا بادوسا في ربع نهائي الزوجي والقنوات الناقلة    موعد انطلاق العمل بالبطاقات الإلكترونية مسبقة الدفع بمآوي مطار تونس قرطاج    قافلة "الصمود" تصل الى الأراضي التونسية    إيران تقصف مبنى استخبارات لجيش الاحتلال في بئر السبع    ما هو صاروخ ''سجيل'' الذي استخدمته إيران ضد إسرائيل لأول مرة؟    عاجل: برميل النفط يتجاوز 77 دولارًا وسط مخاوف من صراع إقليمي    بداية من الأحد: إجراء جديد لدخول مآوي مطار تونس قرطاج.. #خبر_عاجل    النادي الإفريقي: لجنة الإشراف على الجلسات العامة تتوجه بخطاب إلى المنخرطين    الترجي الجرجيسي يضم مدافع الملعب القابسي مختار بن زيد    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    عاجل: وزارة التعليم العالي تنتدب 225 عونًا في مناظرة مهنية جديدة.. طريقة التسجيل    نتائج البكالوريا: ابتداءً من الساعة 10 صباحًا، يمكن للمرشحين إرسال رسائل قصيرة    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    غازي معلّى : ثبات إيراني، تردّد أمريكي، وعجز إسرائيلي    قيس سعيد: يجب توفير كلّ الوسائل اللاّزمة للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم لتقوم بدورها    قافلة الصمود تعود إلى تونس وغسان هنشيري يؤكد المعنويات المرتفعة ويبشّر ب"قافلة الصمود 2"    طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    محرز الغنوشي: ''الحمد لله على الأجواء الفرشكة..كلو ولا الشهيلي''    "وول ستريت جورنال": ترامب وافق على خطط الهجوم ضد إيران    قيس سعيد: يجب إعادة هيكلة عدد من المؤسّسات التي لا طائل من وجودها    بلومبيرغ: واشنطن تستعد لاحتمال توجيه ضربة لإيران خلال أيام    رئيس الجمهورية يشدّد على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية    هجوم صاروخي كبير على تل أبيب وبئر السبع    كأس العالم للأندية: العين الإماراتي يسقط أمام يوفنتوس بخماسية    كأس العالم للأندية : هزيمة قاسية للعين الإماراتي على حساب جوفنتوس (فيديو)    كأس العالم للأندية: سالزبورغ يتصدر محموعته بفوز صعب على باتشوكا    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    لجنة الاشراف على الجلسات العامة والمنخرطين بالنادي الافريقي - قبول القائمة الوحيدة المترشحة برئاسة محسن الطرابلسي    نابل...وفاة طفلة غرقا    الإعلاء    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    سأغفو قليلا...    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    عاجل/ خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    بطولة برلين : أنس جابر تزيح جاسمين باوليني وتتأهل الى الدور ربع النهائي    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتفاضاتهم... وانتفاضتنا
نشر في الحوار نت يوم 15 - 03 - 2011

كانت التظاهرات الشعبية التونسية في عهود الاستبداد والخمول، مجرد تجمعات بشرية تجول في الساحات بعقود الياسمين حول الأعناق، وبوردة الفل خلف الأذن، تحمل الأعلام الوطنية الزاهية، تنشد الأناشيد الوطنية الحماسية التي تتغنى بالكرامة والمجد، وتقوم بمراسيم احتفالية تؤمن لمنظميها الرتب والألقاب الحكومية من "السلطان الجائر" وممن يلوذ حوله بالسلطة من الذين هضموا حقوق المواطن، وابتزوا أمواله، واستعبدوه وقد ولدته أمّه حرّاً.
أمّا بعد شرارة لهب الشهيد محمد البوعزيزي، لم تعد هذه المظاهرات ترفاً، ولا ذكريات للتغني، ولا احتساءً للشاي المرّ مع البندق في المقاهي شأن الكسالى المنتفخين غروراً وجهلاً، بل أصبحت بمثابة نقاط انطلاق لعودة التونسيين إلى ساحات الجهاد في المدن والقرى لبعث الوعي الوطني في وجدان الشعب، ولكشف منابع قوته.
لقد تحوّلت التظاهرات الشعبية في تونس إلى انتفاضة عامرة تجسد فعل التاريخ المضيء، العلمي والعملي، الذي يحيك لأجيال تونس خيوط المستقبل، وحين نتطلع إلى انطلاقة الانتفاضة نرى لوحات تونسية تتزاحم بكثافة مذهلة لتملأ ساحات سيدي بو زيد معلنة أن الحرية، العدالة وحق تقرير المصير قضايا حيّة فاعلة... وفود تتقاطر من كل حدب وصوب، لا ينقطع سيل صفوفها تدق الأرض بأقدامها وتملأ الفضاء بدوي هتافاتها: " أرحل، أرحل... لتحيا تونس حرّة".
أي عمق عجيب في ارتباط القلب والشعور والإرادة والعقل، يتفجر في كيان كل واحد من المنتفضين بالفرح والزهو والاعتزاز وهم ينشدون مقطوعة ملهمهم الشاعر الرائع أبو القاسم الشابي:
" إذَا مَا طَمَحْتُ إلِى غَايَةٍ رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُورَ الشِّعَابِ وَلا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُسْتَعِر"

أمّا الانتفاضات الشعبية التي انفجرت في جميع أقطار العالم، قادتها فئات شعبية نذرت نفسها لخدمة شعبها ووطنها، ولو كان ثمن هذا النذر التضحية بالحياة نفسها، ومن يبدي استعداده للتضحية بحياته من أجل هدف إنساني، وطني، سام ونبيل، هو إنسان مؤهل ومستعد لاستعمال جميع الوسائل المدنيّة والعسكرية للوصول إلى هدفه بانتصار الانتفاضة، وقد قرأنا في كتب التاريخ أن الانتفاضات السلميّة، المدنيّة التي كانت غافلة عن الأخطار الكامنة لها قد فشلت في تحقيق هدفها، عكس الانتفاضات اليقظة التي حملت سلاحها في يدها لتملي إرادتها، فحققت انتصاراً، وأقامت نظاماً جديداً يضمن تقدماً لأوطانها.
وإن كنّا لا نستطيع أن نقيس أسلوب الانتفاضة الشعبية في تونس بمقاييس الانتفاضات التي حسمت أمرها باستعمال السلاح، إلا أن شروط استعماله ما تزال قائمة ما دامت العناصر الأمنية الفاسدة تستعمل العنف الشديد بحق المنتفضين في أكثر من منطقة، وبتواريخ متتالية، أو إلى أن يتم تطهير مؤسسات الدولة من الانتهازيين والفاسدين.
حتى الساعة ما تزال الانتفاضة الشعبية التونسية تحافظ على خصوصيتها المدنيّة السلميّة، صابرة على مسلسل القتل، التعدّيات والسرقات، مما يجعلها في خطر دائم، حتى أن البعض أعطاها اسم " انتفاضة الياسمين" كدليل على مسالمتها وطيبتها ووداعتها ورقتها بالرغم من "سقوط مئات الشهداء والجرحى والمتضررين" على حد تعبير المجاهد الحقوقي الأستاذ أيوب الصابر.
وبالتأكيد هناك من يعتبر أن استعمال السلاح ليس عبارة عن انحطاط ثقافي أو دليل شراسة، بل دليل تفوق نفسي راقٍ إذ ما استعمل بأخلاق وذكاء وبموضوعية، وبأشراف جيشنا الباسل لأن القوة هي القول الفصل في وقف مسلسل التعديات والإسراع في تثبيت الأمن وإحلال السلام.
في غياب الرؤية السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والعسكرية الواضحة والشفافة لمستقبل انتفاضتنا المباركة، تبقى الأبواب مفتوحة على مصارعها لأية احتمالات بعضها يثير الريبة والقلق، وينقل الشعب من " دلفة" الاستبداد والفساد والديكتاتورية، إلى " مزاريب" لا تحمد عقباها.
تيسير العبيدي باريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.