ممدوح أحمد فؤاد حسين رغم إنني أكتب هذا المقال صباح الجمعة 18/3/2011 أي قبل بدء التصويت على التعديلات الدستورية ب 24 ساعة إلا أنني أتوقع أن تكون النتيجة صادمة وخادعة!!!. فرغم الحشد الرافض للتعديلات الدستورية الذي جمع بين كل الأحزاب الكرتونية الموجودة قبل ثورة 25 يناير، والغالبية العظمي من المثقفين العلمانيين واليساريين والماركسيين، والكنيسة. ورغم سيطرتهم على 90 % من وسائل الإعلام بمختلف ألوانها. ورغم نجاحهم في إخفاء حقيقة توجهاتهم، وأرتدائهم ثوب الدفاع عن أهداف ثورة 25 يناير، وظهورهم بمظهر المدافعين عن الديمقراطية، زاعمين بأن التعديلات الدستورية ستأتي بمبارك جديد. رغم كل ذلك فإنني أتوقع أن يصدمهم الشعب المصري ويصوت ب (نعم) بنسبة تتدور حول 60 %. وهذا ما أقصده من القول بأن نتيجة الاستفتاء ستكون صادمة. أما كونها ستكون خادعة، فمرجع ذلك أن التحالف الرافض للتعديلات نجح في خداع قطاع لا بأس به من الشعب، فرغم أن حجمه الحقيقي يتراوح ما بين 10 – 15 % فإن من سيصوتون ب (لا) سيتراوح ما بين 30 – 40 %. قبل أن أكشف عن الأسباب الحقيقية لرفضهم التعديلات الدستورية - وهي سياسية بالدرجة الأولى – أوضح أنه يمكن تقسيم الرافضين للتعديلات الدستوريه إلى فريقين: الفريق الأول ويضم ثلاث قوى: 1) كل أحزاب ما قبل ثورة25 يناير فهي بلا شعبية وغير قادرة على خوض الانتخابات الآن، ولن تكون قادرة على خوضها في المستقبل، لذلك فهي ترفض التعديلات الدستورية حتي لا تخوض - ولأول مرة - انتخابات نزيهة فينفضح عجزها. في عصر الرئيس المخلوع كانت تبرر فشلها، وافتقادها للشعبية، بتزوير الانتخابات والتضييق الأمني .. فبماذا تبرر فشلها بعد الثورة .. لذلك فهي ترفض التعديلات الدستورية على أمل أن يحدث على الساحة السياسية أمرا ما يعفيها من خوض انتخابات نزيهة فلا ينكشف ضعفها. 2) كل القوى العلمانية والإلحادية – المهيمنون على وسائل الإعلام – يرفضون المادة الثانية من الدستور، وبعد الثورة أصبحت المادة الثانية في سبيلها لتشق طريقها إلى الحياة، فالإسلاميون لم يعودا معتقلين ولا محظورين ولا مهمشين ولا مضهدين. لذلك فهم يرفضون التعديلات الدستورية من أجل أكتساب مزيد من الوقت لعلهم يجدون وسيلة لإقامة دولة تعادي الدين عامة والإسلام خاصة تحت زعم الدولة المدنية. 3) إنني شخصيا شاهد أثبات على أن المسيحيين شاركوا في الثورة منذ اليوم الأول وتم احتجاز عدد منهم بمعسكر الأمن المركزي بمدينة السلام ليلة 25 يناير وهم بذلك يعتبروا شركاء الثورة بالإضافة لكونهم شركاء الوطن، إلا أن قيادات الكنائس الثلاثة أعلنوا صراحة يوم 24 يناير رفضهم المشاركة وحثوا أتباعهم على عدم المشاركة وأقاموا صلوات استثنائية يوم 25 يناير لكي يمنعوا أتباعهم من المشاركة في الثورة. لذلك يجب علينا أن نميز بين قيادات الكنائس وبين المسيحيين أنفسهم. الفقرة السابقة ضرورية قبل أن أوضح أن قيادات الكنيسة المصرية ترفض التعديلات الدستورية بزعم أنها مفصلة على مقاس الإخوان المسلمين كما قال القمص/ عبد المسيح بسيط، ودعا جميع المسيحيين إلي الاشتراك في الاستفتاء والتصويت ب (لا) ولم يستثني المرأة الحامل. أدخل على الرابط التالي لتسمعه بنفسك الفريق الثاني ويضم أربع أصناف: 1) الذين اتخذوا موقفا مضادا أو معاديا للثورة، طبيعي أنهم يتمنوا فشلها فدعوا لرفض التعديلات الدستورية على أمل قطع الطريق أمام الأستقرار، وأجراء أنتخابات برلمانية ورئاسية حقيقة يختار فيها الشعب المصري حكامه بنفسه لأول مرة منذ قرون. 2) الذين كانوا ملء السمع والبصر قبل الثورة، إلا أنهم لسوء تقديرهم السياسي أو سلبيتهم وجبنهم أتخذوا موقفا مائعا، أو لم يشاركوا، أو شاركوا على طريقة مسك العصا من المنتصف، هؤلاء فقدوا كثيرا من شعبيتهم ومصداقيتهم خصوصا أمام الشباب. وبالتالي اتخذوا موقف الرفض للتعديلات الدستورية وارتدوا ثوب الثورة والدفاع عن أهدافها وزعموا أن التعديلات التفاف علي مطالب الثوار على أمل أن يستعيدوا بعضا من مصداقيتهم. ومن أمثلة هؤلاء زعيم الدعاة الجدد الذي اشتهر بمواقفه التي تشق الصف الإسلامي بدءا من زيارته للدنمارك عام 2006 في عنفوان الدعوة لمقاطعة البضائع الدنمراكية بسبب الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. 3) عبد مشتاق، مثل من استبعد من لجنة تعديل الدستور، كأحد الفقهاء الدستوريين الذي شن هجوما ضاريا علي التعديلات الدستورية ثم قال في زلة لسان أنه كان وكيل لجنة أعداد دستور 71 الذي جعل مدة الرئاسة مدى الحياه!! واليوم يرفض التعديلات التي قصرتها على 8 سنوات بحد أقصى!!! 4) أصحاب الطموح الذين فاجئتهم الثورة، والانتخابات البرلمانية إذا جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم، وهم يريدون الترشح للانتخابات، والوقت لا يسعفهم للاستعداد للترشيح فعمدوا إلي الدعوة لرفض الاستفتاء ليكسبوا مزيدا من الوقت لعلهم ينالون جزءا من الكعة. الحقيقة إن أعضاء الفريق الثاني أقل شأنا من أن نعيرهم اهتماما، إلا أن أعضاء الفريق الأول هم بحق أصحاب الثورة المضادة، الذين كانوا قد أستعدوا للانقضاض على المادة الثانية لمحوها من الدستور بعدما نجحوا في محوها من الحياة اليومية، إلا أن الله خيب أملهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، فها هي بشائر الحق والعدل تظهر، فالذي قال قبل 25 يناير(إن الإخوان لا مكان لهم في مصر) يقبع الآن داخل السجون، وها هم المعتقلين ينالون حريتهم، حتى المذيعات المحجبات يتم رفع الظلم عنهم ويعدن إلى شاشات التليفزيون. خدعوك فقالوا أن أذناب النظام، وبقايا الحزب الوطني هم من يقودون الثورة المضادة، وأنهم يستعدون للعودة للبرلمان، والحقيقة التي ستثبتها الانتخابات القادمة أنهم أضعف من أن يخوضوا أي انتخابات، إن الترشيح على قوائم الحزب الوطني أصبح عار يهرب منه الكثير والكثير جدا!!. الحقيقة إن تحالف الفريق الأول هم أصحاب الثورة المضادة، النادمين على نجاح الثورة، الذين يشتاقون إلي عودة نظام مبارك تحت أي مسمي لقمع الإسلام والمسلمين. وخطورة هذا الفريق أنهم يرتكزون إلي عقائد وايديولوجيات. فالحذر الحذر من الأصحاب الحقيقيين للثورة المضادة.