تتعرَّض جماعة الإخوان المسلمين في مصر حاليًا إلى هجوم عنيف، كان في السابق من خلال الأداة القمعيَّة من جانب النظام السابق، ليُضاف إلى ما كانت تتعرَّض له الجماعة من وقتٍ لآخر منذ تشكيلها في العام 1928 على يد مؤسسها الراحل الشيخ حسن البنا. ولكن الهجوم الذي أصبحت تتعرَّض له الجماعة حاليًا أصبح هجومًا فكريًّا بكل المقاييس من جانب التيارات العلمانيَّة والناصريَّة واليساريَّة، والتي كلها بدأت تحذِّر الرأي العام المصري من أن الإخوان هم الخطر القادم على مصر، وأن حكمهم في حال تولِّيهم السلطة سيكون حكمًا بديلا عن النظام البائد. بهذه الصورة وبهذا الانطباع صار أمثال هؤلاء يصدِّرون "فزاعة" الإخوان إلى الرأي العام المصري، واعتبارها بديلا عن نظام مبارك، فإلى هذا الحدّ يتمُّ التعامل مع هذه الجماعة، ومواجهتها من جانب العديد من القوى والتيارات والأحزاب السياسية، وتعبئة الرأي العام حولها. على هذا النحو يناصب دعاة الحرية وحماة الديمقراطيَّة العداء لمخالفيهم، وهو ما باتَ يظهر في العديد من الفعاليَّات المختلفة التي تشهدها القاهرة، فضلا عن الماكينة الإعلاميَّة التي يُشرف عليها أمثال هؤلاء، ويوجِّهون حمم العداء، للدرجة التي جعلت البعض يتحرَّك لتأسيس جبهات مضادَّة لما أصبحوا يصفونه بالثورة الظلاميَّة، في إشارة للصحوة الإسلاميَّة بمصر. وفي ندوة كلية الشئون الدوليَّة والسياسات العامة بالجامعة الأمريكيَّة في القاهرة، كان النصيب الأكبر فيها هو الهجوم على الدكتور عصام العريان، المتحدث باسم الجماعة، والذي كان أحد الحضور. الهجوم الذي تعرَّض له الإخوان في الندوة التي أقيمت بعنوان "الأحزاب الجديدة في مصر وتحديات المرحلة الانتقاليَّة" تنوّع بين محاضري الندوة من ناحية، وبين عامَّة الحضور من ناحية أخرى، مما دفع بالعريان قبيل انتهاء الندوة إلى مغادرتها متعللًا بأن لديه ارتباطاتٍ مسبقة. وخلال كلمة العريان أوقفه حضور الندوة أكثر من مرَّة إما بالصفير أو الاعتراض بصوتٍ عال، وهي الظاهرة التي باتت تشهدها الفعاليات المصريَّة المختلفة، من حشد معارضين للمتحدثين، فيقومون بالتشويش عليهم، كما حدث أخيرًا في ندوة عمرو موسى، المرشَّح المفترض للرئاسة، في ندوة ساقية الصاوي، وغيرها من الفعاليَّات. ودفع هذا الهجوم من القاعة على العريان برئيس الندوة الدكتور مصطفى كمال السيد، أستاذ العلوم السياسيَّة بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكيَّة، إلى التدخل أكثر من مرة للتأكيد للحضور بأن مقاطعتهم هذه غير ديمقراطيَّة، وأن على القاعة الاستماع، "ومن لديه اعتراض فيجب إرساله بورقة مكتوبة إلى المنصَّة". إلا أن ذلك لم يشفعْ للحضور هجومهم على العريان والجماعة من وقتٍ لآخر، مما دفعه إلى القول "يبدو أن كلامي هنا في الجامعة الأمريكيَّة غير مرحَّب به". وعزَّز ذلك بقوله: "أعرف أن رفضي لأي تدخلات أمريكية أو غيرها في شئون مصر غير مرحَّب به هنا، ولذلك أؤكد أن من سيحدد مستقبل مصر هم المصريون أنفسهم، وليس الأمريكيين أو غيرهم". الهجوم الأبرز الذي تعرَّض له العريان كان من الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسيَّة بجامعة القاهرة، والذي قال إنه ليس معنى التضحية التي بذلها الإخوان على مدى العقود الماضية أن يتمَّ منحهم مكاسب سياسيَّة، وهو ما سبق أن ذكره العريان بأن "هذه التضحية لا نمنُّ بها على أحد، ولكنها حقيقة واقعة". وفي الوقت الذي أبدى فيه حمزاوي اعتراضَه على التعديلات الدستوريَّة، وتأكيده على أن الإخوان سيكونون أول المستفيدين من إجرائها، وأن حزبه الذي من المقرَّر أن يدشنه قريبًا وغيره من الأحزاب المرتقبة لن يكون لها نفس نصيب الإخوان، فإن العريان وجه نقدًا حادًّا لحمزاوي عندما ذكر أن "هناك أمور لا بدَّ من تصحيحها لحمزاوي، والذي انتقل تاريخه من العمل الأكاديمي إلى الناشط الساسي ثم إلى الفاعل السياسي أيضًا". إلا أن حمزاوي أثارته هذه الكلمات ليؤكد "لأول مرة أرى أن الرأي لا بدَّ أن يتمَّ تصويبه على المنصَّة" وهو ما قابله العريان بصمت، أضاف إليه ما أثار حمزاوي أيضًا، عندما قال العريان: إن الجيش شريك في الثورة المصريَّة، "فهو الذي دعَّمها وعمل على حمايتها". غير أن حمزاوي ردَّ بقوله: إن "ذلك لا يعني استمرار الجيش في السلطة، فدوره ينبغي أن يكون حاميًا للثورة وتحقيق أهدافها". ولم يكن هذا الهجوم وحده الذي تعرَّض له العريان، بل استتبعه هجوم آخر من المهندس أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط، رفيق العريان السابق في جماعة الإخوان، عندما ذكر أنه ليس بالضروري أن تكون الأغلبيَّة مستقبلا للإخوان، "فإذا كان قهرهم في السابق منحهم تعاطفًا شعبيًّا، فإنهم أصبحوا اليوم مطالبين بالإجابة عن أسئلة الشارع حول برامجهم وآلياتهم في المستقبل". وأوضح أبو العلا ذلك بأن على الإخوان إما أن يمارسوا السياسة في إطارها الحزبي الذي يعتزمون القيام به، أو أن يكون لهم دورهم الدعوي القائم حاليًا في إطار الجماعة". ووجَّه أبو العلا انتقادًا آخر إلى الإخوان بتجاهلهم دعوة حزب الوسط لجولات الحوار الذي تنظمها الجماعة حاليًا، ودخلت الجولة الخامسة منها الأربعاء الماضي، بحضور العديد من القوى والأحزاب السياسيَّة. وفي المقابل دافع أبو العلا عن التضحيات التي واجهها الإخوان وحزبه، مؤكدًا "لم نيأسْ على مدى 15 عامًا، ظللنا نحاول إنشاء حزب سياسي، على الرغم من الرفض المتكرر من لجنة الأحزاب السابقة، ولم تفعل القوى الأخرى أو الناشطون الراغبون في إنشاء أحزاب ما فعلناه". ولم يتوقف الجدل عند المنصَّة وحدها، بل انتقل إلى القاعة ذاتها، عندما صعد للحديث ناصر عبد الحميد، ممثل ائتلاف شباب الثورة، مما دفع إحدى الحاضرات للإعلان بصوتٍ عال أنها ترفض أن يتحدث أحد باسمها، "فالثورة ليست من أفراد أو أشخاص، ولكن الشعب كله هو الذي قام بها". وعلى الرغم من خلاف الحضور حول التعديلات الدستوريَّة وتوقيت تغيير الدستور، إلا أن الجميع اتفق على أهمية إلغاء الدستور، والشروع في إعداد دستور جديد للبلاد، يدشِّن لمستقبل مصر. مصدر الخبر : الإسلام اليوم a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=16044&t="فزَّاعة" الإخوان في الساحة المصريَّة ! &src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"