يوم السبت 05فيفيري 2011 ، كان الطيب البكوش (صاحب الانقلاب الأبيض على الاتحاد لسنة 1981 و حلقة في سلسلة علاقات صداقة و مصاهرة مع البشير الحميدي و حزمة عبد الرحيم الزواري،،،) دعا التلاميذ ليدوسوا على ما تبقى من كرامة أستاذ التعليم الثانوي ، و بعدها و إلى الآن تعيش المؤسسات التربوية حالة انفلات يشتم فيها الأساتذة و يطردون من الأقسام تحت عبارة "ديقاج" و تخرّب سياراتُهم و توضع المزابل على مكتب الأستاذ في قاعة الدرس و يُنكّل به شتمًا بعبارات جنسية نابية من خلال الكتابات على الجدران ...كلّ ذلك و نقابة التعليم الثانوي مكتفية بتحرك محتشم ، رغم أنّ جريمة الطيّب البكوش ستبقى في ذاكرة كل أستاذ تونسي تمت إهانته و ذاكرة كل تلميذ تونسي رأى أستاذه في صورة " الشلاكة " البالية ، و رغم أنّ جملة الحالات التي سجلت في العنف ضدّ الأساتذة في تاريخ التربية في تونس قد لا تمثل شيئا في المستوى الرّمزي مقارنة مع ما آلت إليه الأمور الآن من امتهان و إذلال للأستاذ . و مع ذلك و برغمه ، و رغم اعتصامين في القصبة لكنس الرموز الفاسدة من الحكومة ، و رغم أنّ ما تجرّأ البكوش على فعله لم يتجرّأ عليه أحد من وزراء بورقيبة و لا بن علي ، فإن البكوش بقي في الوزارة ...فتحالفات النقابة العامة للتّعليم الثّانوي و حساباتها صارت أهمّ من كرامة الأستاذ ومن الهيبة التّربويّة و من القيم النبيلة التي طالما كانت أساس علاقة التلميذ بالأستاذ . و أسلوب فرض الأمر الواقع على الأساتذة ، لم يقف هذه المرّة عند البيروقراطية النقابية المعهودة المُلزمة بما يعتبرونه " انضباطا نقابيّا " أو حفاظا على المُنظّمة ، لكنّ الخطاب الذي ساد لدى زملائنا النقابيّين في الجهات و في المعاهد هو أن نقد النقابة فيه عداء للثّورة ..فكلّ شيء مسجّل على الثورة ، حتى إذا ارتبط الأمر بالمطالبة بإقصاء وزير فاسد بدأت تنتشرُ رائحة التفافه على النقابة العامة للتعليم الثانوي في نطاق تحالفات رخيصة لا تخدم الأستاذ في شيء ، و على حساب كرامتهم . لكن أين ستهربون من التّاريخ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ في تاريخ النقابة العامة تاريخ حافل من " الثورجيّة " ، بدأ بحسابات كانت لسيء الذكر عبيد البريكي في تحالفات مع النظام البائد و اليسار " التنويري" مجسما في شخص محمّد الشرفي ، مكّن الدكتاتور بن علي من الانطلاق في تهرئة المنظومة التربويّة بالتركيز على الانطلاق من اجتثاث كل ما هو فكري و استئصال كلّ ماله علاقة بهويّتنا ، و مضى حال تخريب التربية على مدى عقديْن و فعل الدكتاتور الجاهل ما فعله ...فأين كانت نقابتنا آنذاك ؟؟ أم أنّ روحها " الثورجيّة " تقتصرُ على دعم البيروقراطية النقابية و الوقوف الدائم خلفها ما دامت داعمة لبن علي في كلّ الانتخابات الرئاسيّة ؟وما دامت تُبارك الخوصصة بمقابل تحت الطاولة ؟ ما دامت تتيح لقياداتها امتلاك شركات المناولة ؟ و ما دامت تتاجر بقضايا الشّغّالين ؟؟ ،،، و لنقابة الثانوي في الانتدابات و النقل نصيب في المقايضات القذرة ؟؟ عبر عقدين من الزمن انتُهكت كلّ الحرّيّات في المؤسّسات التربويّة و طُبّق المنشور 108 سيء الذّكر ، و أهينت أستاذات و أطردت تلميذات ،،بل إنّ قسما من الأساتذة بحكم الايديولوجيات تعاونوا مع الإدارة ،،،و هو ما بقينا نعيشه إلى 13 جانفي .. فأين كانت النقابة آنذاك ؟؟ أم أنها تؤمن بحريّات دون حرّيّات ؟ ؟؟ أم أن من وقعت إهانتهنّ لسن من الشعب التونسي؟؟؟ انطلقت الوزارة بعد الثورة في إعادة المتمتعين بالعفو العامّ ، و هذا بفضل ما أهداه للشعب التونسيّ شبابُنا المُقصى المهمّش و المُتآمر عليه من نقابيين فاسدين ،، و هنا أسأل النقابة العامة للتعليم الثانوي : أين كنت حين أُخذ هؤلاء من قاعات الدّرس و من بيوتهم و ألقيَ بهم في قبو الدّاخليّة ثمّ في السّجون و شرّد أبناؤهم و حرموا من الدّراسة و عرفوا الجوع و العراء و رأوا الويلات و صاروا في اعتبار الجميع " محلّ شبهة " ..أليس هؤلاء أساتذة ؟؟؟ فأين كانت " ثورجيّة " النقابة ؟؟؟ . لكن أين ستهربون من التّاريخ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ و بعد الثّورة ، لماذا تصرّ النّقابة على معاداة روح الثّورة ؟؟أن روحها " الثّورجيّة " دفعتها إلى الصّمت على الانتدابات المشبوهة ، حتى أنّها باركت إدماج الجميع ممن انتدبوا قبل 14 جانفي 2011 تزكية للوزارة و " تحقيقا " لنصر مُبين " رغم أنّ الأولى بها أن تطالب بتحقيق هويّات هؤلاء و انتماءاتهم السياسية و أساسًا في كيفيّة انتدابهم دون مناظرات على حساب الآلاف من شبابنا الذين ثاروا بسبب تهميشهم و إقصائهم و تشغيل فئة على حسابهم ؟؟ بماذا نفسّرُ هذا التواطؤ ضدّ إرادة شباب عرّضوا صدورهم للرّصاص ؟؟ ؟ هي انتدابات تمّت على أسس تنقية بوليسيّة تمّ فيها إقصاء كلّ شابّ قال كلمة ضدّ الدكتاتور ،،، و مع ذلك فالنقابة العامة للتعليم الثانوي تتبجّح بانتصار ، هو في الأصل مقايضة سلبية منها و مغالطة لشبابنا العاطل المقهور. . لكن أين ستهربون من التّاريخ ؟ سهى العياري استاذة تعليم ثانوي