من بين الوقفات و الإعتصامات التي شهدتها يوم أمس الجزائر العاصمة و التي شارك فيها أساتذة متقاعدون و عسكريون سابقون مفصولون، و المئات من ضحايا الإرهاب أمام مبنى رئاسة الجمهورية ، تظاهرات عبر فيها المحتجون على غضبهم و سخطهم تجاه سياسات الحكومة التي إعتمدت و لا تزال تعتمد تهميشهم و عدم النظر في مطالبهم و تجاهل إحتججاتهم، هذا الإزدراء للمطالبين بحقوقهم تمارسه الحكومة و الرئيس منذ إندلاع الثورات الشعبية التي يعرفها مأخرا العالم العربي، لكون أن الرئاسة والحكومة تعتبر أن مثال الجزائر لا ينطبق على الدول الأخرى و العكس صحيح ،و عندما يصرح بعض الوزراء المهمين كوزير الشؤون الخارجية الجزائرية مراد مدلسي، الشهر الماضي حين نزل ضيفا على قناة تلفزيونية فرنسية، مصرحا لما سئل عن أحوال الشارع الجزائري و مطالب المحتجين بأن ما يجري في البلاد، ما هو إلا سحابة عابرة ، و أن الجزائر قد عرفت ثورتها سنة 1988، و أنه لن يتكرر هذا السناريو، لأن الشعب الجزائري اليوم ينعم بكامل حرياته ، فضلا عل الرخاء الإجتماعي و النمو الإقتصادي اللذان يطبعان واقع البلاد حسب زعمه. و للعلم فإن كل المراقبين و المتتبعين للشأن الجزائري، يعلمون بأن الإنتفاضة الشعبية، أو حركة العصيان المدني التي عرفتها الجزائر سنة 1988، كانت نتاجا لمخطط عسكري قاده أنذاك ظباط سامون من البرجوازيين الفاسدين المنتمين للمخابرات، و أخرون من الجيش النظامي، مخطط إعتمد في تنفيذه على مرتزقة من حزب جبهة التحرير الوطني من الضمائر الميتة و من الإنتهازيين من أتباع الحزب الواحد السابق، الذين حرضو الشباب على الخروج الى الشوارع و إعلان عصيانهم ،أحداث دامت أسبوع واحدا مخلفة مليارات من الخسائر المادية طالت الممتلكات العامة و الخاصة، الأمر الذي أدى بزعزعت نظام حكم الرئيس الشاذلي بن جديد و الإسراع في سقوطه لاحقا ، ثم إستحواذ البرجوازية العسكرية و المخابراتية التي تمكنت في فرض سطوتها على الحياة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية، مؤسسة لنفسها بعد ذالك كيانا عظيما يعتمد على جمع الثروات الهائلة، و نشر الفساد و قمع الحريات، و فرض مناهج و أجندات سياسية بإسم حالة الطوارئ و الحرب على الإرهاب إلخ.......... نرى اليوم على غرار الإعتصامات و المظاهرات التي يقودها عسكريون سابقون من ظباط و ظباط صف و جنود متعاقدون و عاملون قد فصلو من الجيش بطرق تعسفية مبالغا فيها في غياب، و تواطئ أجهزة الرقابة و العدالة العسكرية التي طالها الفساد هي الأخرى، و كذالك حالة الخوف المسيطرة على بعض القادة من العسكر. إن هؤلاء المتظاهرين من العسكريين المفصولون الشرفاء من الذين عملو طوال سنين في مكافحة الإرهاب و قدمو سنوات شبابهم قربان للجزائر و شعبها، و لأجل أن يعيش و ينعم مواطنوهم بالأمن و الأمان، و بعد ما قتل مئات الألاف منهم و شردت عائلتهم ، و بعد معاناتهم من البطالة و الفقر و الأمراض العضوية و النفسية نتيجة قمعهم و تهميشهم ، هؤلاء من الذين كان أصلا علينا تكريمهم و توقيرهم ، من الرجال و الأبطال المنسيين المحكوم عليهم بالصمت قهرا، الذين إستبسلو و أستماتو سنوات في الدفاع على الجزائر و شعبها، بينما سخرت كل الإمكانيات المادية و المعنوية من طرف الرئيس بوتفليقة خدمة لسياساته الخارجية، و محاولة منه لترسيخ حكمه عبر قانون المصالحة، و الوئام لمن كانو ينتمون الى الجماعات الإسلامية المسلحة التي عاثت في البلاد فساد و دمارا، و سفكا لدماء الجزائرين مدة 15سنة، كل هذه الإستحقاقات و المنن لمن حملو السلاح ضد الشعب في الفترة الماضية. و من الغريب أن نرى في الجانب الأخر من الضفة، قادة أركان الجيش الوطني الشعبي لا يحركون ساكنا ولا يدلون بتصريح ينوه أو يعتذر لمن طالهم الظلم و الفصل و الإقصاء من بني مؤسستهم على يدهم . إن الجيش الوطني الشعبي ، ظباطا سامون، ظباطا، ظباط صف، و جنود على كامل تشكيلاتهم و أسلحتهم ، و كذالك الكثير من قادته يساندون الحركة الإحتجاجية لمفصولي الجيش من مختلف الإسلحة، و يتوعدون الرئيس و قيادة الأركان بالتصعيد إن لم تلبى مطالب العسكريين المفصولين الشرعية،و هذا بإعادة إدماجهم في صفوف الجيش و تعويضهم على سنوات الفصل التي طالتهم، ناهيك على الإلتزام الكامل و غير المنقوص بصرف معاشاتهم كاملة ، و هذا أدنى شيئ يمكن تقديمه كتعويض لهؤلاء العسكريين الشرفاء، فمن غير المعقول أن يستفيد بقانون المصالحة من كان ضدها، و يقصى من كان معها منذ البداية، أية معادلة هذه تطرحها علينا يا فخامة الرئيس بوتفليقة .....؟!!!!! العميد المتقاعد: ب. سليمان.