أنور الجمعاوي* مثّل الرابع عشر من جانفي نقطة تحوّل تاريخي في سيرورة الاجتماع التونسي، فقد نجحت حركة الاحتجاج الجماهيري على نظام القمع وآلة الاستبداد في الإطاحة برأس الديكتاتوريّة في تونس، فقد دفعت صيحاتُ الجماهير، وأصوات الشّعب، ودماء الشّهداء الزكّيةالطاغية إلى الهروب من البلد رفقة عدد من أفراد عصابته، غير مبال بمصير النّاس، وغير آبه لمستقبل البلد، فكلّ آماله كانت معلّقة على الحفاظ على ثروة جمعها من عرق المتعبين، ومن إفقار المعدمين، ومن كدّ الكادحين وأموال المواطنين، لذلك فرّ إلى غير رجعة، يطلب مأوى يقيه انتفاضة شعب عانى الويلات، وتوزّعت نُخَبُهُ الحيّة بين السّجون والمنافي، وبين قوارب الموت والمقاهي، وبين أروقة جهاز إداري نخرته أدواء الفساد والرّشوة والمحسوبيّة، فعلى مدى عقود من الزّمن هُمّش أصحاب الكفاءة وانتشرت البطالة، وعمّ النّاسَ شعورٌ بالإحباط والإحساس بالضّيم بلغ درجة الإعلان عن إضرابات الجوع، وحرق الجسد احتجاجا على نظام همّش الإنسان، وعدّ أعوانُه البلدَ مزرعةً يعيثون فيها فسادا صباح مساء. وكان أن واكب الإحساسَ بالقمع وعيٌ تاريخي بخطورة الظّلم وتوق أكيد إلى العدالة وشوق عظيم إلى الحرّية واسترجاع الكرامة وإقرار الحقّ في العمل، فقد أنتج استمرارُ القمع الثّورة على القمع وعلى رموزه، وولّد الكبتُ الانفجارَ، وتَرجمت ذلك عمليّ ثورةالكرامة التي أسّست لمرحلة جديدة في تاريخ الاجتماع التونسي خصوصا، والمجتمع العربي عموما. والواقع أنّ الدّارس الموضوعي للثورة المباركة يمكن أن يتبيّن عدّة سمات وملامح وسمت هذا الحدث التاريخي، وجعلته علامة فارقة في المشهد العمراني التونسي، فقد بدأت انتفاضة النّاس بمبادرات فرديّة وصرخات احتجاج في وجه آلة القمع لتتطوّر تدريجيّا إلى حركة احتجاج جماعي، فقد التفّت جموع التونسيّين حول قضيّة محمّد البوعزيزي وغيره من أبناء تونس المهمّشين، وانتقلت المطالب بطريقة واعية وتلقائيّة من كونها قضيّة فرد إلى كونها قضيّة جيل، بل قضيّة مجتمع بحاله، لا يروم تحقيق التنمية الجهويّة وتفعيل الدّورة الاقتصاديّة وضمان القوت اليومي والشّغل فحسب، بل يروم تأسيس دولة الحقّ والواجب، وإرساء دولة المواطنة والحقوق المدنيّة، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وبذلك انطلقت االثورة من رحم الشّعب، ونطقت بهواجس النّاس وأحلامهم، وعبّرت عن طموحهم إلى إرساء دولة يُعامل فيها النّاس على أنّهم مواطنون لا رعايا، وعلى أنّهم فواعل حيّة لا مجرّد أدوات أو دُمًى يحرّكها السّلطان. ومن ثمّة، فقد كانت حركة الشّارع حركة نابعة من الدّاخل لا مُسقطة من الخارج، وزاد في صِدْقِيَّتِها أنّها حركة شعبيّة، تنطق بهموم النّاس على اختلاف انتماءاتهم الفكريّة والاجتماعيّة والعمريّة والطبقيّة والسياسيّة، فقد نجحت ثورة الكرامة في الاستجابة لنبض الشارع، ووسّعت أفقها المطلبي من المطالبة بالشّغل والعدالة الاجتماعيّة إلى المطالبة بالحرّية والكرامة والدّعوة إلى محاسبة رموز الفساد والاستبداد، والمطالبة برحيل الدّكتاتور فورا، وبإلغاء دولة الحزب الواحد وتأسيس مجتمع ديمقراطي تعّددي تفاعلي للإنسان فيه مكان. ومن العلامات الواسمة لثورة الكرامة في تونس أنّها حركة احتجاجيّة سلميّة، حرص المشاركون فيها على المطالبة بالحقوق مع تلافي كلّ أشكال العنف، وإلحاق الضّرر بالآخر، فقد واجه المتظاهرون الجيش بالزّهور، وواجهوا الشّرطة والقنّاصة وأعوان مكافحة الشّغب، والغاز المسيل للدّموع والرّصاص المطّاطي والرّصاص الحيّ بصدور عارية وبأصوات عالية تقول: لا... لا لبن علي... لا للدّيكتاتوريّة، فأُريقت دماؤهم من أجل تونس الحرّة، وسقطوا شهداء في سبيل عزّة هذا الوطن وكرامة أبنائه، وهو ما نمّ عن الحسّ النّضالي للتونسي، ورقيّ سلوكه الحضاري، وحرصه على التمييز بين التّخريب والرّغبة في التّغيير من أجل البناء والتّعمير ومن أجل العدل وحرّية التّعبير، فكان المتظاهرون على درجة عالية من الإحساس بالمسؤوليّة، لذلك تفادوا الإضرار بالممتلكات العامّة، وتفادوا الوقوع في مطبّ الاستفزاز البوليسي، أو في أتون الاستفزاز الصّادر عن ميليشيّات النّظام المستبدّ. فكان أن زاد الطّابعُ السّلمي للثورةمن تعاطف النّاس معها، ومشاركتهم فيها والتفافهم حولها وطنيّا وعربيّا وعالميّا. وأكّد تشكيل اللّجان الشعبيّة أيّام الثورة حرص التونسيّين على التكاتف والتضامن، ورغبتهم في استتباب الأمن وحرصهم على التعاون من أجل الصالح العامّ، فتعارفوا وتآلفوا وتقاربوا وتآزروا، وامّحت بينهم الفوارق الحزبيّة والطبقيّة والجهويّة والفئويّة، ممّا مثّل سندا شعبيّا للثورة، وشرّع لانتشارها في كلّ نواحي البلاد من أقصاها إلى أقصاها. ومن الخصائص المميّزة لثورة تونس قدرة المشاركين فيها على هتك جدران التّعتيم الإعلامي وحملات التّشويه التي شنّتها أبواق دولة العنف المنظّم على المحتجّين، فقد وظّف التونسيّون التقنيات الرقميّة وفضاءات التواصل الاجتماعي على الشابكة ممّا جعل المواطن الإلكتروني في كلّ أصقاع العالم على بيّنة ممّا يحدث على أرض الوطن العزيز، فكشفوا ألاعيب الطاغية وزبانيته، وفضحوا ممارساتهم القمعيّة ضدّ مواطنين عزّل طالبوا بحقّهم في الحرّية والعيش الكريم، فأصبح كلّ مواطن مراسلا متطوّعا لوكالات الأنباء عبر العالم، ويكفي وجود هاتف جوّال وحاسوب لتفكّ شفرة التّعتيم، وتهزم سياسة الكذب المنظّم لنظام استبدادي مفلس. وقد ألهم وهج الانتفاضة المبدعين في تونس وخارجها، فتعدّدت أشكال التّعبير، وتطوّرت من الرّاب الثائر إلى الأغاني الملتزمة مرورا بالكاريكاتور والقصائد ولوحات الرّسم ولقطات الفيديو المعبّرة عن هموم النّاس، ومشاغلهم ومعاناتهم، وصرختهم المدوّية في وجه آلة القمع. لذلك فقد كان لاستيعاب التونسيّين للثقافة الرقميّة ولنسبة تعلّمهم العالية دور كبير في توظيف وسائل الإعلام وتقنيات الاتّصال الحديثة لخرق جدران الصمت وفضح دولة القمع، ونشر نور الثورة في كلمكان. لقد ضحّى التونسيّون بالغالي والنّفيس، بالدّم والمال والعرض والرّوح والعقل والجسد والولد من أجل تحرير الخضراء وضمان عزّتها وكرامتها. لذلك من المهمّ بمكان أن نحافظ على هذه الثورةوعلى روحها الحيّة، وعلى منجزاتها الرّائعة تأسيسا لعصر أنوار جديد. لكن ما السّبيل للحفاظ على مكاسب االثورة؟ وما هي آليّات الانتقال السّلمي نحو الديمقراطيّة؟ وكيف يمكن أن نبني دولة الأنوار؟ هذه أسئلة أخرى هي مشروع نصّ آخر. * جامعي ------------------------------------------------------------------------
أنور الجمعاوي عضو في جمعية البحث في الترجمة واللغات عضو في وحدة بحث "اللسانيات والترجمة " – كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة عضو في لّجنة التقييس المصطلحي – المهعد الوطني للمواصفات والملكية الصّناعية بتونس المؤهلات العلمية : الشهائد العلمية : إعداد أطروحة دكتورا في الترجمة باللغة العربية بعنوان " ترجمات آيات الأحكام في الخطاب القرآني إلى الانجليزية : قراءة في مسارات الترجمة وخلفيات المترجم" * شهادة الدراسات المعمقة في اللغة العربية : اللّسانيات العامّة بملاحظة حسن جدا - اللغات المتقنة : أجيد اللغات العربية والفرنسية والانكليزية قراءة وكتابة ومشافهة التجربة المهنية : 2009/2006 * تدريس الترجمة العامّة (انجليزية- عربية-فرنسية) لطلبة السنوات الأولى والثانية والثالثة لغات أجنبية مطبقة. * تدريس الترجمة المختصة (الترجمة الإدارية – الترجمة التقنية – الترجمة الاقتصادية والقانونية) لطلبة السنوات الثانية والثالثة لغات مطبقة وملتيميديا وطلبة انجليزية الأعمال بالمعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل. * تدريس علم المصطلح و اللغة العربية لطلبة السنوات الثانية والثالثة لغات أجنبية مطبقة * بالمعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل : - علم المصطلح تنظيرا وتطبيقا - الترجمة والمصطلحية - المصطلح والمعلوماتية... * تدريس اللغة العربية للاجانب بمعهد بورقيبة للغات الحيّة(صيف2008). * تدريس ساعات عرضية في الترجمة الصحفية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار(2006). * الإشراف على مذكرات ختم الدّروس : - في مجال علم المصطلح (معاجم مختصة – مسارد مصطلحية – معاجم الكترونية) - في مجال الترجمة (تعريب مقالات من الانجليزية والفرنسية والتعليق على الترجمة-نظريات الترجمة وتطبيقاتها...) * المشاركة في لجان مناقشة مذكرات ختم الدّروس الجامعية الأنشطة العلمية : 2009/2006 * البحوث المنشورة : نشر مقال بعنوان " المدارس المختصة في علم المصطلح و حدود المقاربة العربية " ضمن أعمال الندوة العالمية التي نظمها المعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل بالتعاون مع المعهد العالي للغات بتونس حول " تعلّمية لغات الاختصاص تنظيرا و تطبيقا " نابل – نوفمبر2005. - نشر مقال بعنوان " التعريف المصطلحي بين المدوّنة والمدوّنة اللغوية" ضمن أعمال الندوة العالمية التي نظمتها جمعية " المعجمية" بتونس – ماي 2006 * البحوث غير المنشورة : - إلقاء مداخلة بعنوان " في المقارنة بين الترجمة البشرية والترجمة الآلية" ضمن فعاليات ندوة "الثقافة العربية وترجمة العلوم" بصفاقس بتاريخ أفريل 2005. - مداخلة بعنوان " ترجمة المصطلح التقني إلى العربية : سؤال الضرورة الحضارية والتحدّيات اللغوية" ضمن أعمال الندوة العالمية التي نظمها المعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل بالتعاون مع المركز الوطني للترجمة حول " الترجمة من التكوين إلى التمهين " الحمامات – نوفمبر2008. - مداخلة بعنوان " أسئلة المترجم في المصطلح الهدف" ضمن أعمال الندوة العالمية التي نظمها المعهد العالي للإنسانيات بتونس بالتعاون مع المركز الوطني للترجمة حول " الترجمة اليوم " تونس- مارس 2009. - مداخلة بعنوان " مشكلات ترجمة المصطلح الطّبي" ضمن أعمال الندوة العالمية التي نظمتها منظمة الصّحة العالمية – المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بالتعاون مع بيت الحكمة حول " الترجمة العلمية " قرطاج – ماي 2009. * ترجمة مقالين من الانكليزية إلى العربية لحساب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالسكو): - الاول بعنوان : A comparative Analysis between traditionnal islamic institution and government islamic schools in some northern states of Negeria-by: DR. Jibril Yola. - الثاني بعنوان : Muslim Resistance to European colonialism in west Africa: A case study of the Ansar in northern Nigeria 1900 to 1960. by: DR. Asma'u G.Saeed. * تنظيم الندوات العلمية : - الإشراف عاى فعاليات ندوة علمية عالمية بعنوان " الترجمة من التكوين إلى التمهين" نظمها المعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل بالتعاون مع المركز الوطني للترجمة - الحمامات – نوفمبر2008. - عضو في اللّجنة العلمية لندوة" تعلّمية لغات الاختصاص تنظيرا و تطبيقا " نابل - نوفمبر2005. - عضو في اللّجنة التنظيمية لندوة " الواب : نمط جديد من القراءة والكتابة"- الحمامات – نوفمبر 2007. * أنشطة تربوية أخرى : - الاضطلاع بمهمة التنسيق بين أساتذة الترجمة (2009- 2007). - المساهمة في إعداد محتوى البرامج الدّراسية في مادتي الترجمة وعلم المصطلح وفق منظومة إمد. - حضور لجان المداولات واجتماعات التنسيق. - الإشراف على الامتحانات وتقييمها. - المساهمة في مشروع التعاقد مع المؤسسة. - إحداث نادي "الترجمان" بالمعهد. - المساهمة في إحداث موقع واب خاص بالترجمة والمترجمين - المشاركة في مشروع معجم علمي (فرنسي-عربي) بالتعاون مع المجلس الدّولي للغة الفرنسية. الهوايات : * المطالعة * الإبحار عبر الشبكة العالمية المعلوماتية للاتصالات (الانترنت) * الرياضة