أوكرانيا 2025 .. فضيحة الفساد التي غيّرت مجرى الصراع    انطلاق عمليّة إيداع ملفّات الترشّح لمناظرة الانتداب في رتبة أستاذ مساعد للتعليم العالي    بنزرت: العثور على جثة لاعب كرة قدم مفقود منذ 20 يوما    2025 ... سنة المواجهة مع تجّار المخدّرات والمهرّبين    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية وغلق 8 محلات لعدم توفر الشروط الصحية منذ بداية شهر ديسمبر    العائدات السياحية تناهز 7.9 مليار دينار    مع الشروق : أولويات ترامب... طموحات نتنياهو: لمن الغلبة؟    في حلق الوادي والمعبرين الحدوديين ببوشبكة وراس الجدير .. إفشال صفقات تهريب مخدرات    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    شارع القناص .. فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي انفصام فنّي على القياس ..حسين عامر للصوفيات وحسين العفريت للأعراس    "كان" المغرب 2025.. حكم مالي لمباراة تونس ونيجيريا    كاس امم افريقيا 2025: مصر وجنوب إفريقيا في مواجهة حاسمة..    عاجل: انقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق بنابل    وزير الدّفاع يؤدي زيارة ميدانية إلى القاعدة البحرية بمنزل بورقيبة    عاجل: جنوح عربة قطار بين سيدي إسماعيل وبوسالم دون تسجيل أضرار    ابدأ رجب بالدعاء...اليك ما تقول    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    منع بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون 18 عاما..ما القصة..؟    خبير يوّضح: العفو الجبائي على العقارات المبنية مهم للمواطن وللبلديات..هاو علاش    ماذا في اجتماع وزير التجارة برؤساء غرف التجارة والصناعة؟    عاجل/ مقتل عنصرين من حزب الله في غارة صهيونية استهدفت سيارة شرق لبنان..    زغوان: مجمع الصيانة والتصرف بالمنطقة الصناعية جبل الوسط بئر مشارقة يعلن عن إحداث حقل لانتاج الطاقة الفوطوضوئية    شركة الخطوط الجوية التونسية تكشف عن عرضها الترويجي 'سحر نهاية العام'    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    وفاة ممرضة أثناء مباشرة عملها بمستشفى الرديف...والأهالي ينفذون مسيرة غضب    تعرّف على عدد ساعات صيام رمضان 2026    عاجل: تهنئة المسيحيين بالكريسماس حلال ام حرام؟...الافتاء المصرية تحسُم    البرلمان ينظم يوم 12 جانفي 2026 يوما دراسيا حول مقترح قانون يتعلق بتسوية الديون الفلاحية المتعثرة    وليد الركراكي: التتويج باللقب القاري سيكون الأصعب في تاريخ المسابقة    زيت الزيتون ب10 دنانير:فلاحو تونس غاضبون    موسكو تدعو مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى ألمانيا لهذه الأسباب    فضاء لبيع التمور من المنتج إلى المستهلك من 22 إلى 28 ديسمبر بهذه الجهة..#خبر_عاجل    11 مليون عمرة في شهر واحد... أرقام قياسية من الحرمين    ما ترميش قشور الموز: حيلة بسيطة تفوح دارك وتنفع نباتاتك    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    عاجل: اليوم القرار النهائي بخصوص اثارة الافريقي ضدّ الترجي...السبب البوغانمي    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا عن العلاقات السورية الإيرانية؟ ج 4
نشر في الحوار نت يوم 04 - 04 - 2011

فوضع النظام السوري هو جزء من الفوضى التي أحلها ظلم نظام الخلافة العثمانية والإستعمار البريطاني الفرنسي المتحالف مع الحركة الصهيونية والداعم والراعي لها، ومع الحركة القومية العربية المستخف بها والخاذل لها من قبل، والتي حلت بالعراق حديثا أكثر من حلولها بالمنطقة في أي وقت مضى، والتي كان طرفاها الرئيسيين الإحتلال الأمريكي والإحتلال الإيراني بالعراق، والإحتلال الصهيوني والنفوذ الأمريكي الغربي، والنظام الرسمي العربي الإسلامي المتخاذل بالمنطقة العربية وبالعالم الإسلامي. هذه الفوضى التي يلتقي فيها النظام الإيراني بأمريكا قائدة قوات الإحتلال الغربي الإستعمارية الغازية للعراق ، والتي يلتقي فيها النظام الرسمي العربي بنظام البيت الأبيض الأمريكي في مستوى ما يروج، على أن نظام ما يسمى ب" الصحوات " بالعراق، والتي ليست أكثر من مجموعات من المرتزقة المأجورين، هو من صناعة النظام العربي، والمدعوم أساسا من النظام الأسري العضوض بالمملكة العربية السعودية. هذه الفوضى التي من المفروض أن تلتقي فيها إيران صاحبة النفوذ الأكبر بالعراق، من خلال حكومة نوري المالكي وحكومات الإحتلال الإيرانية الهوى والتوجه الطائفي المذهبي التي سبقتها، ومن خلال الأحزاب الإيرانية في الجنوب خاصة، إضافة إلى ما يسمى بالتيار الصدري، ومن خلال النفوذ الكاسح لميليشياتها التي هي المكون الأساسي كذلك لما يسمى بالجيش العراقي والشرطة العراقية ذات الهوى والتوجه الطائفي الشيعي المذهبي الجعفري، وذات التدريب والتكوين الأمريكي الغربي، بالنظام العربي صاحب مشروع ما يسمى ب" الصحوات "، وهي جهات وأطراف ومكونات كلها خادمة اليوم للمشروع الأمريكي الإيراني، وهادمة للمشروع الوطني العراقي، ومواجهة للمقاومة في حركة التحرر والتحرير العربية الإسلامية، لإقامة المشروع العربي الإسلامي. هذا المشروع الذي مازال مبكرا القول أنه يمكن أن يكون النظام الإيراني ضمنه، وهو النظام الذي يبدوا ومن خلال مؤشرات ودلائل كثيرة مازال مصرا وببساطة على بناء مشروعه القومي الفارسي الطائفي المذهبي المستقل، الذي يعمل على فرضه بالعالم وعلى المنطقة العربية خاصة. وهي المنطقة التي ظلت دائما وللأسف الشديد الأسهل أن يفرض عليها أي طرف غريب عنها ودخيل عليها مشروعه، تماما كما تعمل أمريكا والغرب عموما على فرض المشروع الغربي الصليبي، وكما يعمل الكيان الصهيوني على فرض المشروع الصهيوني اليهودي. هذا المشروع الذي هو في النهاية مشروع المقاومة وحركة التحرر والتحرير العربية الإسلامية، وهو المشروع الذي ليس ثمة من هو أوضح فيه وأجدر بتمثيله بالعراق المحتل غير قوى المقاومة الشريفة وهيئة علماء المسلمين برئاسة الشيخ العالم المجاهد حارث الضاري، والذي ليس ثمة من هو أوضح فيه وأجدر بتمثيله بالمنطقة العربية وبالعالم الإسلامي غير قوى ومكونات مختلف تنظيمات الحركة الإسلامية في حركة المقاومة والتحرر والتحرير العربية الإسلامية في مختلف أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين وفي العالم هو المشروع الذي لا يؤمن به النظام الرسمي العربي والإسلامي عموما، ولا تؤمن به النخبة العلمانية اللائكية العبثية منها والتقليدية العدمية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين ولا تقبل به وتحاربه، كما لا تقبل به القوى الغربية الصهيونية الدولية وتحاربه.

هذه الفوضى التي تريدها وتديرها أمريكا وقوات التحالف الغربي الغازية لتبرر بها استمرار وجودها كقوات احتلال، ويريدها النظام العربي الرسمي لتبقى كذلك أمريكا، وليبرر وجودها بمواصلة محاولة فرض النظام والإستقرار في المنطقة، ولتكون حامية للعروش الآئلة للسقوط مما يمكن أن يهدد وجودها واستمرارها في الوجود، وهي التي كانت أمريكا ترعبها بفزاعة نظام صدام حسين، والتي استمرت ترعبها بالنظام الإيراني الذي لم يستطع أن يهدىء من روع هذه الأنظمة، وأن يجعلها تطمئن إليه وتثق به، وتريدها إيران وتدعمها بقوة وتلتقي فيها مع أي كان ممن له وجود ودور في العراق وتأثير على مجريات الأمور فيه، حتى تنتهي الضغوطات عنها في ما يخص برنامجها النووي، والتي قد لا تصبح في حاجة إليها عند تفجير أول قنبلة نووية لها. وهي التي تتسابق مع الزمن في ذلك الإتجاه، وهي التي يعتبر النظام السوري كذلك أنها في صالحه حتى لا تتخلص أمريكا من هذا الوحل وتجبره عما تريد إجباره عليه، ولتنتهي به إلى الإحتواء أو الإطاحة به كما أطاحت من قبل بنوريقا وبميلوسوفيتش وبالمللى عمر وبصدام حسين عسكريا، وهو الذي يوفر بالداخل كنظام استبدادي وراثي طائفي علماني وعلوي نصيري، كل أسباب الإطاحة به في الوقت الذي تقرر أي جهة قادرة على إسقاطه ولها مصلحة في ذلك فعل ذلك.
فإذا كان ما يلتقي فيه نظام البعث لآل الأسد في سوريا مع نظام الثورة " الإسلامية " الشيعية هو مناهضة المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، وإذا كانت إيران تستجمع كل أسباب القوة وتعمل على توفير المزيد منها للتمكين لمشروعها الأمبراطوري الفارسي عبر الشيعة والتشيع والتشييع وإثارة النزعة الطائفية في المنطقة، فإن النظام السوري لا يقدم شيئا للمشروع القومي العربي، ولا يمكن أن يكون ذلك ممكنا ولا صحيحا ولا حقيقيا من خلال علاقة مماثلة مع إيران، لأن الأصل في هذه العلاقة أن لا تكون إلا علاقة صراع خاصة في العراق، ولكن لا وجود لهذه العلاقة هناك، بما يجعل النظام السوري ليس أكثر من خادم للنظام الإيراني وللمشروع الأمبراطوري الصفوي الإيراني، من حيث يريد أو لا يريد ومن حيث يشعر أو لا يشعر ومن حيث يقصد أو لا يقصد. ولأن المنزع الطائفي كان غلابا، فإن حلفاء وأعوان وأتباع إيران في العراق هم من العرب الذين أصبحوا كافرين بالعروبة وبالقومية العربية على المعنى الذي اكتوت بنيرانه المنطقة العربية والأمة العربية من خلال الحركة القومية العربية والنظام القومي العربي وعلى رأسها نظام البعث في العراق، وقد كان ولاءهم لإيران على أساس الطائفة والمذهب، وليس للنظام القومي العربي العلماني على أساس العلمانية والإشتراكية والقومية والعروبة.
فإذا كان النظام السوري حريص على عروبة العراق ووحدته، فإن النظام الإيراني يعمل ضد عروبة العراق، ولصالح الطائفية وفارسية إيران، وضد وحدة العراق، ولصالح الإنقسام والفيدرالية، وضد الوحدة العربية ولصالح الوحدة الشيعية. وبذلك تكون العلاقة ضد مصالح سوريا وعلى حساب سوريا، وربما تكون مؤقتا كذلك فقط لصالح الطائفة العلوية ولحسابها.
وإذا كانت سوريا جادة فعلا في ما تزعم وما تعلن أنها جادة فيه ومعلنة له، فإن كل المعطيات والحقائق والوقائع تؤكد أن ذلك الزعم وذلك الإعلان باطلان وغير صحيحين.
3- المكاسب من خلال العلاقة بلبنان :
إن المتأمل لخارطة المنطقة العربية من العالم الإسلام يجد أن إيران التي، وإن كانت تتوسط هذا العالم، ليست ضمن الأقطار المكونة لهذه المنطقة كما هو معلوم. وبالمنطق القومي، ليست ولا يمكن أن تكون ضمن النسيج الإجتماعي القومي العربي بمختلف أقلياته العرقية والطائفية والأثنية. وبذلك كانت في عهد الشاه، ومن منطلق قومي فارسي، وفي ما كان قبله من العهود، ضمن القوى المناهضة لسكان المنطقة العربية ولأنظمتها، وخاصة الأنظمة القومية في الدولة القطرية ذات الطبيعة القومية العربية. وكانت ضمن الحلف الغربي الأمريكي الصهيوني. وكانت منغلقة على نفسها اجتماعيا، مكتفية بالحفاظ على طبيعة العنصر الفارسي، والطبيعة القومية الفارسية لشعبها، ولم يكن لها، انطلاقا من طبيعتها تلك، طموح في الإمتداد للخارج، ولا لتتخلل ولا لتتداخل نسيج أي مجتمع من المجتمعات من حولها، لأن نظام الشاه، بحكم طبيعته العلمانية لم يكن يعتمد العنصر الطائفي في الإنفتاح على العالم العربي الإسلامي من حوله. وكانت قياداتها سواء القومية الفارسية الشاهنشاهية أو الفارسية الإسلامية الطائفية المذهبية الجعفرية، قيادات عدوانية ذات ميول توسعية على المستوى الجغرافي، ومؤمنة إيمانا راسخا بسيطرة العنصر الفارسي على كل مرافق وتفاصيل الحياة، وبالسيطرة الكاملة له حتى في مناطق الأقليات العرقية والدينية والمذهبية الأخرى، سواء تلك التي كانت، وبصفة طبيعية ضمن الإمتداد الجغرافي لأرض فارس القديمة، أو تلك التي تم ضمها بعد ذلك وفي مراحل مختلفة وفي ظروف مختلفة ولأسباب وغايات وأهداف مختلفة، لتكون مشمولة بخارطة إيران الحالية، كالمناطق الكردية ومنطقة الأهواز العربية وغيرها...
وبعد سقوط النظام، أصبحت إيران استنادا إلى طبيعة نظام الثورة " الإسلامي "، تطرح نفسها على أنها دولة ضمن العالم الإسلامي الذي أصبحت تعتبر أنه محيطها الطبيعي وامتدادها الجغرافي والبشري الحيوي، لأنها بإسقاط نظام الشاه العلماني تكون قد خرجت من ضيق الأفق القومي الفارسي إلى رحابة الأفاق الإسلامية، وخرجت من المشروع القومي الفارسي الضيق، إلى المشروع الصفوي الطائفي الأرحب الذي يمكن أن تأخذ فيه امتدادها إلى ما لا نهاية له في العالم.
وهي اليوم ومن خلال :
1- ما تمتلكه من قوة تعمل باستمرار وباطراد على الزيادة فيها وتعزيزها.
2- ضعف وفساد وتخلف النظام العربي غير المتجانس ولا المتصالح مع بعضه ومع جماهير شعوب المناطق أو الأقاليم أو الأوطان التي له عليها إشراف وسيطرة وإدارة خاصة.
3- القدرة على الإستقطاب الإعلامي الذي حققت فيه نجاحا كبيرا وذهبت في ذلك أشواطا، بخلفيات ولحسابات استراتيجية كثيرة، بتبنيها خطابا متحديا ومناهضا للوجود الأجنبي في المنطقة العربية، وإظهار عدم قبولها بهيمنته عليها، مقابل الإلحاق الكامل للنظام العربي وللنخب العلمانية واللائكية ثقافيا وسياسيا واقتصاديا والإحتماء به والفرار له.
4- هذا الوجود الأجنبي الغربي الأمريكي والصهيوني الذي استطاعت إيران أن توظفه لصالح مشروعها الأمبراطوري القومي الطائفي المذهبي.
- وهي التي لم يكن تفاعلها معه بتلك الطريقة حرصا منها على إنهائه، ولكن توظيفا له في خدمة ذلك المشروع.
- وهي التي لا يمكن أن تكون جادة يمكن وصادقة في حرصها على مناهضة الوجود الأجنبي لتخليص وتحرير المنطقة منه إلا لتحل محله، ولتكون الهيمنة لها عليه بدل هيمنته، معتبرة أن ذلك من حقها التي هي أولى به.
وهي المنطقة التي لها سبق تاريخي، خاصة من قبل الطيف القومي العربي، في القبول بالتحالف مع العدو الإستعماري البريطاني والفرنسي للإنفصال عن الكيان الإسلامي الشرعي، بعد أن آلت القيادة من خلال خطة الخلافة إلى الأتراك، الذين ظلموا وجاروا مثل ما ظلم وجار غيرهم من العرب كذلك من قبل من خلال نفس الموقع، وهم من كانوا مسلمين سنة وليسوا شيعة.
وإذا كان ذلك قد حصل في حق أولئك وانتهوا بالمنطقة إلى وضع أسوأ مما كان عليه، وقد انتهى فيه الحكم بنظام الشريعة حتى بصيغة الملك العضوض الظالم، وأحلوا محله أنظمة تقليدية أسرية عشائرية، وقبلية وفردية مستبدة، وأنظمة علمانية مغشوشة مناهضة للإسلام نفسه ومعادية له، فضلا على نظام الشريعة الإسلامية المطعون في وجوده أصلا نصا وتاريخا. فكيف يمكن أن تقبل ويقبل أهلها بهيمنة فارسية طائفية شيعية ومذهبية جعفرية؟ وكيف لا تكون هذه الأنظمة غير حليف للأجنبي؟ وكيف يقبل السنة عموما بما فيهم الرافضون للوجود الأجنبي الغربي والصهيوني والمتحالفة معه الأنظمة الفاسدة والمتقاربة منه بالعالم الإسلامي بنظام طائفي تكفيري يعلم الجميع أنه سيكون الأسوأ على المنطقة إذا قدر له أن يحل محل الأجنبي، وهو الذي بهذه الصفة القومية والطائفية والمذهبية التكفيرية أجنبي كذلك.
- ثم لأنه المدخل والمبرر لنشاطها الطائفي في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي.
- وهي التي يظل العالم الإسلامي كله جاهلا أو متجاهلا لها لو لا ملف الوجود الأجنبي والصهيوني.
ولذلك فإن إيران هي أحرص من يكون على الوجود الصهيوني والغربي الأمريكي وبقائه، أو تسجيل أي وجود وحضور له، لأنها من خلالهما ومن خلالهما فقط استطاعت تستطيع في ظل والواقع والوضع الراهن للمنطقة وللأمة وللعالم، أن تظهر أنها وحدها المناوئة والمعادية له، والمساندة للمقاومة، وتعمل على تخليص وتحرير المنطقة منه. وتستطيع العمل وبمبرر صحيح أن تأخذ امتدادها في المنطقة وفي العالم الإسلامي..في عالم أصبحت فيه شعوب الأمة محاطة بالأعداء من كل مكان، بدءا بالأنظمة السياسية التقليدية منها والعلمانية المغشوشة، ومرورا بقوى الهيمنة الدولية الغربية والصهيونية العالمية، وانتهاء بالدعاية الفارسية الطائفية المذهبية التي حذقها النظام الإيراني، مستفيدا من :
أ- الجهل بالإسلام الصحيح الذي تكرسه النخبة المتغربة التكفيرية الفاسدة والأنظمة المستبدة.
ب - ومن الغباء وضعف الوعي السياسي لدى الفئات الواسعة من المسلمين.
ج- ومن العداء الكبير والرفض الواسع للوجود والهيمنة الأمريكية والغربية والصهيونية من خلال تلك النخبة ومن خلال تلك الأنظمة من طرف شعوب أمة العرب والمسلمين.
ومن خلال ما تبديه من رفض لوجود الكيان الصهيوني بالمنطقة وعلى أرض فلسطين المحتلة والدول العربية المجاورة لها، تعمل إيران على أن يكون لها دور في قيادة أمة العرب والمسلمين على قاعدة البعد القومي الفارسي والطائفي الشيعي والمذهبي الجعفري، مثلما كان للعرب من قبل وللأتراك من بعد.
فكل المؤشرات تفيد أن إيران تعمل اليوم ليس للدفاع عن مصالحها ومجالها الحيوي فقط، ولكن لتكون لها اليد الطولى ولها الهيمنة على العالم العربي تحديدا.
هذا العالم الذي جعل منه أهله من النخب العلمانية والتقليدية والأنظمة المكونة منها والداعمة لها، منطقة غير قابلة إلى حد الآن إلا لتكون منطقة لهيمنة الآخر الأجنبي عليها، قوميا وطائفيا ومذهبيا وتاريخيا وحضاريا..
لهذه الظروف ولهذه الأسباب، وللطبيعة الإسلامية التي ظهرت بها إيران على العالم وعلى أمة العرب والمسلمين، أصبح لها قبولا، ليس من طرف الأقليات الطائفية الشيعية فقط، ولكن من طرف الكثير من مكونات مجتمعات شعوب المنطقة العربية خاصة، خصوصا في ظل الإنقسام الخطير الذي أوجدته فيها الأنظمة العلمانية والنخبة التغريبية التكفيرية المكونة والداعمة لها، ومن خلال النفوذ الأدبي والفكري والسياسي والإقتصادي والعسكري للغرب الصليبي الصهيوني الإستعماري العنصري، وفي ظل التخطيط الإيراني لذلك بدعم مالي كبير وإعلامي وأدبي ومعنوي، مع القابلية الكبيرة التي يؤكدها مثل هذا الدعم للعنصر البشري في المنطقة العربية للتأثر وللإستجابة للإستقطاب، مثلما استقطب الغرب الليبرالي المثقفين العرب والمسلمين ونجح في فرض مشروعه الثقافي العلماني بقوة السلاح أولا، ثم بقوة الإعلام والتعليم والدعم المادي السخي والدعاية السياسية ثانيا، ومثلما استقطب الشرق الشيوعي النخبة في العالم العربي والإسلامي وأحاطها برعاية مادية وإعلامية وسياسية وأدبية ومعنوية حتى أصبحت طرفا له من النفوذ ما لا يستطيع أن ينكره عليه أحد، وسط فراغ للفكر الإسلامي ونبذ للثقافة العربية الإسلامية الأصيلة في مرحلة أولى، ووسط قمع شديد للحركة الإسلامية حاملة هذا المشروع الثقافي العربي الأصيل المتطور في مرحلة ثانية. (يتبع)
علي شرطأني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.