55 سنة مضت و هي عدد سنين عمري ما كنت يوما احلم ان يطول بي العمر لكي ارى يوما يتنفس فيه التونسي هواء الحرية... و يتكلم بكل حرية...و ينتقد بكل حرية...و يكتب بكل حرية...و جاء اليوم و في غفلة من الزمن حدثت المعجزة في زمن ولت فيه المعجزات و تراكمت فيه الاماني الى حد القنوط و الاحباط لأن للظلم اعوان و طوابير من المرتزقة تعد بالآلاف بل بالملايين و تضيق عليك الدنيا بما رحبت و تصبح تلهث على لقمة العيش و ضمان دراسة ابنائك و تربيتهم بما تربيت عليه من اصول دينية و اخلاق عربية اصيلة لتجعل من اسرتك دولتك المصغرة التي ترعى قوتها و امنها و تحافظ على تماسكها وسط مجتمع يتفكك من حولك و اخلاق تنحط يوما بعد يوم و انحلال و تفسخ يسري كالنار في الهشيم و تصبح غريبا في وطنك و بين بني جلدتك و ترى و تسمع الاعاجيب من السلوكيات و التصرفات التي لا تمت الى هويتنا بصلة و لكنك تحس بالعجز و تصاب بالتبلد فلا انت تستطيع رد الفعل و لا انت قادر على التغيير و تصبح سلبيا كغيرك...و تمضي الايام و الشهور و السنين متشابهة من دون ان يضهر ضوء في آخر النفق بل بالعكس يزداد الظلم...و يستفحل الاستبداد...و يزدهر الفساد ليمس كل الميادين و زادت سطوة العائلات المتنفذة القريبة من الرئيس المخلوع و اصبحت تتحكم في كل دواليب البلاد و في مقدمتها زوجته التي تكمنت من خلق بطانة قوية تجاوزت حتى شخص الرئيس و بدأت الصراعات و المؤامرات لتطيح ببعضها البعض و تنفرد بالسلطة مستقبلا و لكن مشيئة الله لا تغيب ابدا و هو الذي يمهل و لا يهمل و لكن حكمته لا يمكن ان نستوعبها و احكامه محال ان نتنبأ بها...و في لحضة تاريخية نسجت خيوطها في الغيب الرباني بدأ العد التنازلي لسقوط الطاغية و انهيار ملكه و تشتت طغمته و اتجاج قواعد بنيانه العنكبوتي ...و جاء اليوم الموعود الذي ما كان احد يتوقع حدوثه بهاته السهولة و بهاته السرعة ...و ارتجفت اوصال الطاغية ...و بعث الجبار في فلبه الرعب و الخوف الذي لطاما حكم بهما شعبه الذي استبشر في يوم قدسنا ذكراه حتى انقلبت الى كابوس لا احد يريد ان يذكره و تمنينا زواله من باليوم و الشهر و السنة و ازالت تسمياته على الانهج و الساحات و المشاريع في ردت فعل تخفف من ما لحق التونسي من اذى بسبب هذا اليوم سيئ الذكر...هذه تونس الي كنت احلم بها...عشتها اليوم ...و تحقق الحلم...حلم الملايين ... حلم تحقق بفضل ثورة شباب تونس الشجاع الذي رفض ان نورثه الخوف كما توارثناه اب عن جد... و التحدي ألآن هو ان نجعل تونس تسع الجميع بلا اقصاء او تهميش...مع الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية التي حرمنا منها طيلة 55 سنة من التغريب و الاستبداد.