كلما أخوض في محادثة مع أحدهم تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بحركة النهضة الا و أشعر بانزعاج وارباك شديدين، فأمام كم الاتهامات التي توجه للحركة وخاصة من جهة اعتبار مشروعها كمشروع يطمح لتأسيس دولة دينية بالمعنى الحرفي للدولة الدينية من تضييق صارخ للحريات الشخصية وهتك لحرمة الحياة الخاصة وممارسة العنف بكل أشكاله تجاه المختلف وفهم الاسلام واختزاله في الشريعة واختزال الشريعة في اقامة الحدود أشعر حينها اما أني أنا الذي لا يعرف شيئا عن النهضة و أن تعاطفي معها ليس غير تعاطف مبني على أوهام و أني أبله وساذج للحد الذي يجعلني أتعاطف مع مشروع لا يمكن في كل الحالات الا أن أعاديه ، أو أن يكون الأمر غير سوء فهم حتى لا أقول سوء ضن بالحركة وأن هذه الحركة التي أتعاطف معها أشد التعاطف وان لم انتم اليها تنظيميا يوما ما انما هي الصورة والخطاب والمشروع المقابل لكل هذا الذي قيل فيها، وأنه بقدر ما يتأسس مشروعها في ضل هويتنا العربية الاسلامية فانها لا تفعل حينها غير أن تلامس كل ما هو كوني من قيم الحداثة كونية متأتية ومتأصلة من كونية القيم الاسلامية ذاتها. لا أنكر أن جزءا كبيرا من قواعد النهضة تلتبس في ذهنه القيم و أسس المشروع وتقوده تعميمات بالية و أحكام مسبقة سواء تجاه الحداثة أو الاسلام ذاته الا أني على يقين أن الحركة في نخبها وقيادتها وفي ما تسعى من تكريسه من قيم انما تتموضع في بعد مخالف تماما. انه من مصلحة الجميع وانها لمسؤولية أخلاقية ووطنية ودينية أن يزال سوء الفهم هذا، وهو سوء فهم لا يمكن تجاوزه الا من خلال حوار حقيقي وجاد يدفع من خلاله كل طرف الطرف الآخر ليكتشف في ذاته أولا كل ما هو مشرق وانساني