لقد سبق السيف العذل..كلمات مأثورة تعبر عن الحسرة عند فوات الاوان ..فدخول النهضة " للهياة العليا لتحقيق اهداف الثورة و الاصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي" خطوة غير مدروسة و غير محسوبة فجلوسها فيها كان مجرد ديكور ديمقراطي و إضفاء شرعية مزعومة و وفاق مغشوش خصوصا بعد اعلان تركبتها المربية ذات اغلبية مطلقة من شخصيات يسارية ماركسية و استئصاليه معادية للهوية و صلت يبعضهم الوقاحة المطالبة بعدم قراءة الفاتحة ترحما على الشهداء من الجيش الوطني في تعد سافر على المشاعر واستخفاف بتضحيات هؤلاء الابطال .. لقد نجح حزب العمال الشيوعي كعادته في نسج خيوط اللعبة و ارباك النهضة بموقفه المعلن والمقاطع للهياة في نفس الوقت كان الماسك و المتحكم في كل قرارات الهياة التى ربما تتحول لاحقا الى مجلس مستشارين مدة صلاحيته 5 سنوات قابلة للتجديد . كما نجح حزب العمال بالمسك الكامل بالعملية الانتخابية من خلال الرفيق كمال الجندوبي رئيس "الهياة العليا لانتخابات " و الذي لعب دورا حاسما في تأجيل موعد الانتخابات استجابة لمطالب "حزب العمال" مسجلا بذلك انتصارا سياسيا على حساب محور تثبيت الموعد المتمسك بتاريخ 24 جويلية هذا المحور المتكون اساسا من" حزب المؤتمر" و" النهضة" اللذان رحبا على عجل بالموعد الجديد المعلن من قبل الوزير الاول المؤقت في مشهد كاركتاري نادر يجعل الاحزاب الرافضة مجرد مثيري زوبعة في فنجان اذ كيف يمكن اعتبار هذا التاريخ الجديد توافقيا و الحال لم يكن يتوسط تاريخا التثبيت و التاجيل أي بين 24 جويلة و 16 اكتوبر ..بل كان مزايدا و منحازا الصالح جبهة التاجيل فبأسلوبه البرقيبي المعهود- فيه شىء من الاستبلا ه العقول- نجح السيد الباجي قائد السبسي في تمرير الموعد الجديد 16 اكتوبر +7 محققا نجاحا كبيرا في في امتصاص الغضب و تحييد العاصفة فلم يكن هذا الرجل القادم من "الارشيف" وفي منتصف عقده التاسع من صنف "هرمنا" بل كان صاحب حيوية و شباب لا يوصفان و قدرة كبيرة على الترويض والتنويم و تمرير القرارات الهامة. لقد نجح السيد السبسي في تاجيل المطالب الانية و المستعجلة كمحاسبة قتلة الشهداء و المورطين في الفساد كما نجح في تهميش قرار العفو العام و افراغه من محتواه فلآلاف المطرودين لم يعودوا جميعا لسالف اعمالهم و لم تسوى اوضاعهم رغم بلوغ اكثرهم سن التقاعد او على ابوابه كذلك الحال للآلاف من الطلبة و التلامذة الذين تحنطهم السجون و افترست شبابهم العاهات و الأمراض فممن كانوا في العشرينات من اعمارهم قد تجاوزوا اليوم سن الاربعين معظمهم حرموا من مواصلة الدراسة و من التأهيل المهني و جميعهم احيل على التقاعد القصري فلا شهائد و لا كفاءة مهنية و لا اجسام قادرة على العمل فلا مكان لهم في طوابير المعطلين عن العمل ذوي الشهائد العليا و كيف لهم ايجاد عمل وقد تجاوازت اعمارهم السن القانونية للانتداب و أين حقوق الآلاف من الذين قاوموا ظلم و استبداد العهد البائد و اين دماء الشهداء الزكية التى سكبت من اجل الحرية و الكرامة و اين دموع الثكلى و النساء آلاتي ترملن و الالاف الابناء الذين حرموا من دفء الأبوة و اين حقوق العشرات الذين غادروا السجون بدون عقولهم و اين ...و اين... . لطالما طالبت الاحزاب و الجمعيات بالعفو العام و لطالما كان هذا المطلب عنوان بياناتهم و ديباجة خطبهم السياسية ... و لطالما نادت بتاهيلهم النفسي و المهني ..لقد سقطت كل الاقنعة و غيب الحديث و الكلام عن حقوق هؤلاء الضحايا في الهيات المعينة و في صالونات السياسة و في التظاهرات و التجمعات الشعبية و في الجمعيات الحقوقية التي خفت بريقها منذ ان تقدم السياسي عن الحقوقي فعلقت المطالب و كثرت الحسابات و التكتيكات ووقع الجميع في فخاخ السبسي و اليسار الاستئصالي ضمن سياسة ارض الواقع و في سياق مشهد سياسي فريد و بعيد كل البعد عن تحقيق اهداف و مطالب الثورة المجيدة. رصد الأخطاء لا يعني الغياب المطلق للايجابيات ولا يعني البتة جلد الذات ولا الحكم المسبق بالفشل قبل خوض الرهان بل يعني شحذ الهمم و تقدير جملة المخاطر بغية إيجاد خارطة طريق في كل الاحتمالات المتوقعة مع وضع وصفة العلاج وفق منهج الإدارة الجيدة للازمات . فالذي سبق ان تحدثنا عنه هو في الواقع جملة من الحقائق تستدعي حسن التدبير و الراي الحصيف لتتدارك الأخطاء و الاستعداد الغير متنطع لكل المحطات السياسية الكبرى بما فيها المحطة الانتخابية القادمة مع شحذ الهمم لاعادة المبادرة و "الوثبة" تتطلبها المرحلة الراهنة للدفاع عن المطالب المشروعة التى قامت من اجلها الثورة و ضحى من اجلها الآلاف و استشهد من اجلها المئات. اكرر بعيدا عن فزاعة الإحباط و تثبيط العزائم الحديث عن الأخطاء و سوء التقدير وعدم استثمار هذه اللحظة التاريخية "الفريدة" هي حقيقة لا غبار عليها و قد تكون لها تداعيات خطيرة على حاضر و مستقبل البلاد كيف لا خصوصا انها تساهلت ( النهضة ) في مرحلة دقيقة تعيشها البلاد من كل المناحي الدستورية و الانتخابية و النقلة الديمقراطية وتكمن الخطورة اكبر و المسؤولية اعظم في صياغة دستور- قد يعمر لعقودا طويلة - متحكما في رقاب الاجيال القادمة ربما تصاب بالصدمة و الدهشة عند معرفة الحقيقة ان احد اطرافه الموقعة هم من كانوا حراس الهوية و حماة الثورة و قتها لا نجد عذرا في تحمل المسؤولية و تداعياتها . فما الحل اذا للخروج من هذا المأزق..لا خيار الا خيار التعبئة و دخول الانتخابات بكل الثقل مع ربط و جسور أوتاد التحالفات على قاعدة جملة من المبادئ المشتركة لا يجب التنازل عنها ولو على حساب المصلحة السياسية الحزبية الضيقة . خوض الانتخابات القادمة تفسر من زاوية" إدارة الأزمات" * بمعنى الخروج بأقل الأضرار و الخسائر لا غير . هذا رأينا و لله اعلم. La Gestion des crises*