آمال الرباعي / ألمانيا / لقد شهدت تونس ومصر ومن بعدهم ليبيا واليمن وسوريا وبلدان أخرى تحركات احتجاجية مطلبية وسياسية. بدأت تشهد زخما وتأثيرا تصاعديا خلال الأسبوع ثم ما فتئت أن قويت واشتدت فشدت إليها الانتباه والتعاطف الشعبي أكثر فأكثر كلما اقتربت من يوم تساءل غير المسلمين عن سره : فيم إن كان له من أثر في نجاح الاحتجاجات وحصول ثورتين وأخريات تكاد تقطف ثمارها شعوب ظلت تناجي ربها في صمت وتكابد ظلم سلاطينها وفسادهم وترقب غناءهم وفقرها وتلألئهم بين عالم السياسة والمال وأفولها بين السعي للقمة العيش والتنحي أمام غطرستهم للمّ شتات كرامتها؟؟؟؟ لم تكن الإجابة عن السؤال صعبة فهذه الثورات صلب عودها في أيام لا تكفي لولادة مولود يحتاج بضعة أشهر ليكتمل في تكوينه فيرى النور ويتنفس الهواء ذلك أن بذرتها جهزت عبر سنين القهر والقمع رغم تلميع الصورة من الشرق والغرب ورغم الألقاب الموزعة على كل قائم على أمر بلاد بسخاء كلما كان ظلمه أشد وأنكى. فجمعوا من الألقاب والشهادات كل على مقاسه من حيث ما يفتقده أو أفقده لشعبه. وجدوا الإجابة في تكرر هذه الاحتجاجات في نفس اليوم وفي نفس التوقيت من كل أسبوع ، فيوم الجمعة هو يوم مشهود أرعب الرؤساء وحلفائهم. فأصبح كل جمعة موقظ للمضاجع يُنتظر أن يحصل فيه شيء ما. ففي تونس التي حورب فيها المصلون وروقبت بيوتهم عند صلاة الفجر وسئل شبابها إن كانوا يؤدون الصلاة. فإن أجابوا بلا أضيف لهم السؤال الثاني: إن كانوا يشاهدون الكرة. فإن أجابوا بنعم سئلوا عن آخر مباراة ولمن كانت النتيجة حتى يتأكدوا من أن الشاب منقطع عن المساجد والصلاة منشغل بما أريد له أن يكون له الوسيلة لإخراج طاقته وحماسه فيه ويأخذ الحيز الأكبر من اهتمامه. لم تخرج الثورات من ملاعب الكرة بل كانت الملاعب مسرحا للفرقة بين أبناء الوطن الواحد أحيانا وبين أبناء الأمة أحيانا أخرى، وخرجت الثورات من المساجد التي أغلقت بين الصلوات وأفرغت من المصلين لكنها عادت فامتلأت بشباب فهم السياسية في صمت وصدع بكلمته في غفلة من ولي الأمر بعد أن استكان واطمأن على أن العرش له ولأبنائه من بعده. فولدت الأمة من جديد بانبعاث الروح فيها : روح مجاهدة الظلم والتضحية بالنفس ولم يعد للخوف بعد ركعتي الجمعة من أثر بعدم التخاطب مع الصديق والقريب والأحباب كما كان بعد كل جمعة قبل أن يكشر النظام عن أنيابه بل توجه الخطاب إلى أولي الأمر صادعا .الشعب يريد إسقاط النظام. فهل يمكن الفصل بين وجدانهم وفعلهم وبين إحساسهم بقيمتهم الإنسانية وأدائهم في المجتمع والسياسة.