لقد تبين بالمكشوف اليوم سعي أطراف سياسية متنفذة في مؤسسة الإذاعة و التلفزة إلى تأليب الرأي العام التونسي ضد أعضاء المجلس التأسيسي و خاصة المنتمين إلى حركة النهضة وذلك من خلال حملة ممنهجة بدأت منذ إعلان نتائج إنتخابات 23 أكتوبر فقد فتحت التلفزة الرسمية و لا أقول الوطنية فضاءاتها و برامجها للتيار السياسي المنهزم في الإنتخابات لتوجيه خطاب تحريضي مشحون بأبشع صور الحقد و الإقصاء هذا التيار الذي يدعي الحداثة و الحرية و الديمقراطية. فبدأنا نرى و نسمع خطابا موجها غايته التشكيك في شرعية من انتخبهم الشعب ليمثلونه في المجلس الوطني التأسيسي فسمعنا كلاما يتكرر من قبيل أن الإنتخابات غير نزيهة مائة بالمائة و أن نصف الشعب لم يشارك في الإنتخابات وأن نتائجها لا تعكس حقيقة رغبة التونسيين وأن شرعية المجلس التأسيسي ضعيفة ... إلى غير ذلك من الأقاويل التي تسعى إلى قلب الحقائق و تزوير الواقع و فرض وصاية على إرادة الشعب وقد زادت هذه الحملة المنظمة شراسة خاصة بعد بداية عمل المجلس الوطني التأسيسي و مباشرة اللجان المنتخبة مهامها و مناقشاتها فلا يمر يوم إلا و تخرج علينا نفس الوجوه في الإذاعات و على الشاشات لتتهم الكتلة الفائزة في الإنتخابات بالتكالب على المناصب و الحقائب و التسلط و الإستبداد و العقلية المتحجرة و الغرور حتى أن أحد مقدمي نشرة الأخبار على الوطنية قال وهو يحاور المدعو خميس قسيلة : هل عدنا إلى ديكتاتورية جديدة ؟ و نسي أنه مطالب بالتزام الحياد و الموضوعية كصحفي و الغريب أن الأطراف التي تقود هذه الحملة ليس لها أي وزن سياسي و لا شعبي ورغم ذلك هي تستدعى ليلا نهارا في كل وسائل الإعلام تقريبا و تتكلم باسم المجتمع المدني و باسم الشعب الذي لم يصوت كما يقولون و أنهم هم الأقلية التي ستحافظ على المكتسبات و الحريات بكل الوسائل كالإعتصامات و الأحتجاجات و الظغوط... لقد سقط القناع اليوم عن هذا التيار السياسي الإستئصالي الذي يدعي الحداثة و الديقراطية وأعلن صراحة من خلال رموزه و ممارساته و مواقفه رفضه لاختيار و إرادة الشعب التونسي و بدأ فعلا في عملية إنقلابية منظمة و ممنهجة تساهم فيها مع الأسف القناة الرسمية التي كانت مطالبة بالتزام الحياد و الموضوعية خاصة وهي مرفق عمومي ملك للشعب التونسي كله لاينبغي أن يوظف أو أن يكون بوقا لتيار سياسي أصبح مكشوفا لدى الجميع. إن أكبر خطر يهدد المسار الإنتقالي اليوم في تونس هم أصحاب هذا الفكر الإقصائي الإنقلابي و أقول لشعبنا العظيم أن الفتنة السياسية التي بدأت هذه الأقلية في إشعالها لن تزيد التونسيين إلا تمسكا بثورتهم و ثوابتهم و خياراتهم أبو جعفر من فرنسا