اندلعت ثورة الياسمين، وكان سبب اندلاعها عندما حرق محمد البوعزيزي نفسه أمام ولاية سيدي بوزيد احتجاجا للوضع المتردي الذي عاشه جرّاء أزمة البطالة. ولميخطر بباله حين فعل ذلك أنه سيتسبب في ثورة شعبية واسعة النطاق من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب للبلاد التونسية وأنها سوف تطيح بطاغية لطالما نكّلبخصومه السياسيين وأذاقهم ويلات السجون، ولم يكتف بذلك بل أعطى الإذن لنظامه الفاسد بأن يذيقوا معارضيه ألوانا من العذاب وكذلك شرّد عائلات كانت في يوم منالأيام آمنة مطمئنة، وقتل آخرين وأصمّ آذانا وأغلق أفواها حتى بات يتحكم في رقاب التونسيين. يقرّب إليه من يشاء ويبعد عنه من يريد. الذي يعارضه في أفكارهوتوجهاته يقصيه ويلحق به الضرر سواء داخل البلاد وخارجها. كل التونسيين مهما علا شأنهم كانوا يخافونه ولو كانوا وزراء وأصحاب نفوذ، طاغية بالتمام والكمال. بحركة البوعزيزي الاحتجاجية هذه، والتي أودت بحياته رأى بعض الناس الذين لا يعلمون موقف الشرع الحنيف الذي أدان بشدّة هذا العمل المشين واعتبر أن الذي يقتلنفسه كمن يقتل غيره أن محمد البوعزيزي يعدّ من بين الشهداء عند الله سبحانه وتعالى إذ أنه تسبب في طيّ صفحة قاتمة من عهد عرف بالظلم والطغيان. فايدة حمدي عون تراتيب بلدية المكان نفت أنها قامت بصفع الرجل الذي ثار من أجله الملايين وأنها اتهمت باطلا كما أيّد محمد البوعزيزي كلامها قبل أن يتوفى فيمحضر أقيم في هذا الغرض من قبل رجال الأمن، لكنه كما يقال رضي الخصمان ولم يرض القاضي. فأهالي سيدي بوزيد اعتبروا أن فايدة أجرمت في حق البوعزيزي،وأنها هي من قامت بصفعه حتى حصل ما حصل. ليس هكذا تحلّ القضايا يا سادتي فالدين الإسلامي علّمنا وبتّ في مثل هذه القضايا عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «البيّنة على من ادّعى واليمين على منأنكر»، فالإدانة لا بد أن تكون مقرونة ببيّنة وحجة وإلا فالمتهم بريء ولو قام بجرم فعلي فما بالنا لو أن المعني بالأمر لم يدن خصمه البتة. ومن أكبر القضايا شناعة هو اتهام الزوج لزوجته بالزنا. فإن لم يأت الزوج بأربعة شهداء ممن شهدوا أن الزوجة قد زنت مع رجل آخر مشاهدة فعلية لا ظنية. فعليه أنيحلف بالله أربع مرات أنه شاهد زوجته وهي متلبسة بالزنا ويلعن نفسه إن افترى عليها كذبا. وتدرأ عنها الإدانة إن حلفت هي أربع مرات أن زوجها كان من الكاذبينوالخامسة أن تلعن نفسها إن كانت من الكاذبين ويفرّق بينهما. ننظر سادتي الكرام كيف يحلّ الإسلام قضاياه وإن كانت شائكة بموضوعية وحكمة لا نظير لها. لذا أقول لسكان سيدي بوزيد اتقوا الله في فايدة واعلموا أنكم تسألون منأجلها أمام الله تعالى وستأخذ حقها منكم. كان على ساستنا المحترمين أن يولوا عناية لهذا الملف وأن يوضعوا النقاط على الحروف لأنهم ذاقوا من قبل مرارة الظلم فكيف بامرأة مسكينة أطردتها عشيرتها وتنكّرتلها كما اتهمتها بأنها هي من تسببت في قتل البوعزيزي وهي براء من دمه. هل هكذا يعامل الأبرياء في وطننا العزيز. فعلى السياسيين الذين اختارهم الشعب بإرادته نيابةعنه أن يهبوا جميعا لنصرة هذه الضعيفة. فالفرد للمجموعة والمجموعة للفرد وأن يعملوا على فض هذا الخلاف إن لم نقل سوء الفهم حتى تعود المياه إلى مجاريها بينفايدة وأهالي سيدي بوزيد. وأن لا يتملص الساسة من هذه القضية لأنهم يعتبرون محمد البوعزيزي هو سبب لما هم فيه من نفوذ وسلطة. فالله وحده هو من قام بهذا التغيير بعد أن امتحن عباده فيسجون بن علي. وبإمكان الأئمة وخصوصا في سيدي بوزيد أن يصلحوا ما فسد من العلاقة الاجتماعية بين فايدة وأهالي المنطقة أثناء أدائهم لخطبة الجمعة فقضيتها لم تعدقضيتها وحدها وإنما هي قضية كافة التونسيين. أعانكم الله... أيدكم الله... نصركم الله فيصل البوكاري تونس