كريستيانو رونالدو يتحرك لعقد صفقة مدوية في الميركاتو    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار بولاية مونتانا الأمريكية    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    التوجيه الجامعي.. تلميذ متميز متحصل على معدل 18 /20 طلب شعبة الطب فوجه إلى علوم الاثار    حجز 735 كغ من الأسماك الفاسدة…    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..    عاجل/ نقابة التعليم الأساسي تقرّر يوم غضب وطني وإضراب عن العمل..وهذا موعد..    عاجل/ إضراب جديد في النقل..وجلسة تفاوض مرتقبة..    تجهيزات جديدة بالمرافق الصحية بولاية زغوان    عاجل/ بعد نشر مقاطع فيديو لأطفال من حفلات المهرجانات الصيفية: وزارة الأسرة تتدخل وتعلم النيابة العمومية….    على ركح مهرجان الحمامات الدولي .. لطفي بوشناق... يتسلطن    الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية تحذر من تزايد محاولات القرصنة    بعد تجهيز 11 معبرا حدوديا بآلات متطوّرة...ملاحقة مهرّبي السيارات وكشف عصابات دولية    النجم المغربي أشرف حكيمي أمام القضاء بتهمة الاغتصاب    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    الحمامات تحتفي بالسينما التونسية الشابة في تظاهرة "نظرات..." ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي    عاجل/ تعيين مدرب جديد للنادي الافريقي..وهذه التفاصيل..    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    رسميا/ الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم : برنامج مقابلات الجولة الافتتاحية..#خبر_عاجل    سهرات فنية متنوعة تؤثث المهرجان الصيفي بمرناق من 3 اوت الى 8 اوت 2025    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    نتائج الدورة الرئيسية للتوجيه الجامعي 2025: تحسّن في نسبة الإستجابة لإختيارات المترشّحين    المسرح الوطني التونسي: اعلان قبول الترشحات لمدرسة الممثل    جندوبة: انطلاق أشغال صيانة طريق "سبعة مشايخ" الرابطة بين طبرقة وبوسالم    عاجل/ المكتب الجامعي لكرة القدم يتخذ قرار هام..    بطولة افريقيا للبوتشيا - ذهبية ثالثة لتونس عن طريق ميساء الجويني    لطفي بوشناق يتغنى بالوطن والمرأة على مسرح مهرجان الحمامات الدولي    فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة 26 من أيام قرطاج المسرحية    جمعية الكشاف التونسي تنظم مخيما كشفيا دوليا بجربة بمشاركة 800 كشاف من عشر دول    عاجل: النقل يرجع يخدم الليلة.. الجامعة العامة تعلن نهاية الاضراب    كمبوديا تعتزم ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    تحب تزور متحف ولا موقع أثري؟ نهار الأحد ما تخلّصش    شنوة يلزم يكون في صندوق الإسعافات الأولية متاعك؟    الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية جديدة تطال تونس وعدداً من الدول    كارثة بيئيّة في بنزرت: مياه الصرف تغمر 4 هكتارات من الأراضي الفلاحية في هذه المنطقة    بطاقة إيداع بالسجن في حق إطار أمني على خلفية قضية مخدرات    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    وزير الشؤون الدينية يُعاين جامع قرطاج ويقرّ جملة من إجراءات الصيانة    للتوانسة: الصولد الصيفي ينطلق نهار 7 أوت... هذا هو اللي يلزمكم تعرفوه!    مونديال الكرة الطائرة U19: تونس تحقق أول فوز على الجزائر وتقترب من المركز 21    مانشستر سيتي يودّع أحد عرّابي نجاحه : تفاصيل    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    عاجل/ فاجعة في حفل محمد رمضان بالساحل الشمالي وسقوط ضحايا..    عاجل: انطلاق موسم العمرة في تونس.. تفاصيل وإجراءات جديدة    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    وزارة الصحة تدعو إلى الإقبال على الرضاعة الطبيعية خلال الستة أشهر الأولى من عمر الطفل على الأقل    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    عاجل/ ظاهرة كونية غامضة تهدد الأرض وتثير ذعر العلماء..الناسا تدق ناقوس الخطر..ما القصة..؟!    عاجل: تعرف على الحكم الذي سيدير لقاء السوبر بين الترجي والبقلاوة    عاجل/ إيران تفجرها وتحسم: لا عودة للمفاوضات قبل دفع الثمن الأمريكي..    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    موجة نوايا الاعتراف الأوروبية بدولة فلسطين: بين الرمزية والواقعية    استعادة 6 قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت يختبئ في زغاريد الفرح..
نشر في الحوار نت يوم 23 - 06 - 2013

هناك في ضيعة جنوبيّة صغيرة نشأ "هاشم" الذي انخرط مع بداية شبابه في الأمن ، كان مثالا للرجل الصلب الجريء صاحب القلب القويّ إلا أنّه كان ضعيفا جدا أمام ابنة عمّه "فاتنة" التي تصغره بعشرة أعوام والتي أخذه الغرام بها منذ عادت ووالديها للاستقرار نهائيّا من روسيا حيث درس والدها وزاول مهنة الطبّ هناك وتزوج من أمّها الروسيّة، كانت وحيدة بين ثلاثة من الذكور، مدللة لأنّها الصغرى، جذّابة بسيطة كأمّها التي أخذت منها الكثير حتى الملامح ولون العيون الخضراء.
وفي يوم وبينما كان يلاعب ابنة أخيه فاتحته شقيقته فألحت عليه بالتفكير في موضوع الزواج بشكل جدّي لأنّه تعدى الثلاثين من عمره ببضع سنوات وخاصّة أنّ شقيقه الأصغر قد تزوج قبله وأصبح عنده أطفالا، ومن كثرة إلحاحها تركته تائها يتخبّط مع أفكاره المتدافعة إلى أن قرّر أن يحسم أمره فيزور عمّه الذي يمتلك وزوجته مستوصفا في المحافظة القريبة تمهيدا لطلب يد ابنته للزواج، أخبر جدّته ووالدته بما عزم عليه فرحّبت الأولى واعترضت الثانية!.
بعد إقناع الأمّ التي لم يعتد على معاندتها في أمر أو رأي من قِبَل أخته الكبرى أخذ موعدا للزيارة التي تمّ تحديدها يوم الجمعة فهو اليوم الوحيد الذي يتسنى لوالد فاتنة التفرّغ فيه لنفسه واستقبال الزوّار.
وصلوا قبيل منتصف النهار بقليل، خرج بعدها الرجال لأداء صلاة الجمعة بينما انهمكت النساء في تحضير الغداء..
مضت ساعة أو تزيد قليلا عادوا بعدها من الصلاة، النساء منهمكات في إعداد الطعام والجدّة جالسة تناظر وتتحرق لأن تجمعهما سويّا فهي لم تكن تعلم أنّ قلبيهما قد تآلفا منذ اللقاء الأول وكانت هذه الإلفة والمودة تزداد مع كل زيارة ينزل فيها ابنها الطبيب وعائلته لزيارتها..
الجدّة تنادي "فاتنة" ومن ثمّ تخرج إلى الحديقة برفقتها محاولة بذلك طرح الأمر عليها أو تمهيده، لذا قررت هي أن تواجه الردّ بشكل أوليّ بعيدا عن أيّ مراوغة قد تحدث أو إحراج، فكلاهما أحفادها.. تطرقت بأسلوب فلسفي ممزوج بفطنة ووعي كبيرين لا يمتلكهما إلا حكيم، وتوصّلت إلى ما أرادت بل وأرضاها ذلك..
انتهى تحضير الطعام، اجتمع الجميع على الطاولة، أكلوا في جوّ من الألفة المخلوط بالترقّب وهالة من الأحاسيس المتداخلة.
رفع الطعام بعد ذلك وأثناء احتسائهم للقهوة فاتحتهم الجدّة بالطلب قائلة بصوت مرتفع وأسلوب جريء:" الكلّ بيعرف أديش بكره الطلعة من الضيعة، لكن الشي الوحيد اللي خلاني إجي هو إنّي جيت طالبة إيد بنت ابني لابن ابني.. وإنتو بتعرفوا إنّو ولادكون عندي متلكون، بيبقى اسمع الرد.. والرد ناطرينوا من عندك يا دكتور"!.
الطبيب متفاجئ ليس من أسلوب أمّه فهو يعرفها جيدا ومعتاد على أسلوبها هذا لكنّه متفاجئ من الطلب، ينظر إلى زوجته التي تغشاها ابتسامة زادت من إشراقة وجهها السمح، ثم يلتفت إلى ابنته التي كانت بصدد النهوض من مكانها...
وتمضي الابنة إلى غرفتها لكن الأبّ يتبعها، يطرق باب الغرفة ثم يدخل، يسألها عن رأيها بكلام جدّتها ويطلب منها أن تبدي رأيّها دون تردّد، ويخبرها أنّه مع القرار الذي تتخذه سواء بالإيجاب أو الرفض ويضيف أنّ مثل هذا الموضوع هو قرار مصيري يجب التروي فيه.
ابتسمت البنت في وجه أبيه واحمرّت وجنتاها وهي تقول " أعرف بابا"...
الأب يسأل مجددا:"إذا ما رأيك؟ ماذا أجيبهم؟ هل أقول لهم أنّها تريد أن تأخذ وقتا وتفكر؟؟ أم ماذا ؟"..
"فاتنة" تقاطع والدها وتطلب منه مناداة أمّها، يخرج الأب من الغرفة ويطلب من والدتها الذهاب إليها..
أم هاشم تنظر إلى زوجها وابنها وهي تغلي كبركان، وحماتها تنظر إليها وتعضّ على شفتها وكأنّها تريد منها أن تتريث وتهدأ قليلا..
تذهب الأمّ لابنتها ولكن الجدّة تتبعها، تطرق الباب وتدخل.. ثم ما تلبث إلا أن تنادي ابنها الطبيب " يا دكتور تعا شوي"... دقائق قليلة وتخرج الجدّة وهي تزغرد وتلقي بأهازيج هي كل ما جادت عليها به ذاكرتها من الماضي الجميل..
كل شيء يتمّ بسرعة فائقة وكأنّ هناك شيء ما يسيّره، البيت موجود ولا اعتراض عليه رغم أنّه بيت بسيط على عكس فيلا والدها، عقد القران تمّ بين جموع من الأحبّة والأهل والأصدقاء، وموعد الزفاف حُدّد ليكون يوم ذكرى ميلادها كما أراد هاشم..
يمضي الوقت سريعا، تقضم الأيام شهورها، خمسة وخمسين يوما ثم يكون يوم الفرح، فرح الفاتنة التي ستقترن بالرجل الذي لطالما تمنّت وحلمت أن يكون زوجها، المعازيم يتوافدون بكثرة، بعض الشبّان ينقلون المشروبات والحلويّات والأطعمة التي ستُقدّم للضيوف والبعض الآخر مشغول بالدبكة مع العريس.. الأغاني تصدح وترتجّ لصوتها الأبنيّة ارتجاجا، البنات يرقصن وينقلن أقدامهنّ بخفّة أمّا كبيرات السنّ فإنّهنّ يتمايلن على كراسيهنّ في محاولة منهنّ لاستحضار زمن الشباب الذي انقضى..
ساعات أربع أو خمس تمرّ كالسحاب لا بل كالشهاب وينتهي الحفل ولفّة العروس ويذهب كلّ إلى منزله، ويمضي العروسان إلى عشهما الجديد.. هاشم يضع مسدسه على الطاولة، تسأله فاتنة "هل تحمله دائما؟".. فيجيبها "نعم".. تهمّ بحمله، يمسك يدها ويقول:" انتبهي إن حملتيه".. ثمّ يأخذه منها يخرج ما به من ذخيرة.. يصوّبه نحو الأرض، يضغط على الزناد مرّة مرّتين ثلاث خمس لا شيء أبدا.. يقول لها "خذي الآن" ترفعه نحوه مازحة وهي تقول ضاحكة:" هيا سلّم نفسك .. سلّم نفسك.."... تضغط على الزناد... رصاصة تطير كالبرق من المسدس تخترق صدره لتسكته بعدما كان يضحك ويقول لها "ههههههههه... هيّا هيّا"....
هاشم ينظر إليها مبتسما رغم الألم وهي تتخبط بثوبها الأبيض الذي اجتاحته الدماء صارخة بشكل هستيري:"لا تتركني وترحل، نبقى سويا أو نرحل معا!..". يمسح على وجهها وكأنّه يخضبها بدمائه، ثم تقع يدّه من على وجهها.
يا لبشاعة زغرودة هذه الرصاصة حين طارت من بين أنامل أنثى في ليلة عمرها فاخترقت جسد حبيبها ليسجى هو تحت التراب، وتدفن هي في مستشفى الأمراض العقليّة.

تمام قطيش

- قصة واقعية مع اختلاف الاسماء -


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.