عاجل/ لحم "العلّوش" يتجاوز ال60 دينارا ودعوة لرئيس الدولة بالتدخّل    الاحتجاجات خلال شهر جويلية الماضي ترتفع بنسبة 45 بالمائة    الإعتداء على مقر اتحاد الشغل: مطالب بفتح تحقيق عاجل    عاجل : وفاة لاعبين اثنين وإصابة ثالث في حادث مأساوي بإيطاليا    البطل العالمي أحمد الجوادي في ضيافة وزير الشباب والرياضة    عاجل: إصلاح ''مظلمة'' التوجيه الجامعي لتلاميذ من الكاف بعد تدخل وزارة التعليم العالي    عاجل/ الديوانة تنتدب في عدّة اختصاصات وهذه تفاصيل وشروط الترشّح    الداخلية السورية تحذر من التنقيب غير المشروع عن الآثار    المصطافون يلقون خلال فترة الصيف قرابة 8 آلاف متر مكعب من الفضلات على الشواطئ    افروبسكييت (انغولا 2025): المنتخب التونسي يعيش فترة انتقالية حساسة وهدفنا تحقيق مشوار مشرف في الموعد القاري" (مهدري ماري)    الجمعية النسائية بسوسة تستهل مشوارها في تصفيات رابطة الأبطال الإفريقية بمواجهة آفاق غليزان الجزائري    عاجل: التلفزة الوطنية تعلن بث مباريات الرابطة بعد بلاغ الجامعة    جامعة كرة القدم تزف بشرى سارة للجماهير    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يكشف عن آخر تعاقداته    هام/ هذا عدد المحلات التي ستشارك في "الصولد" الصيفي..    تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بولاية القصرين بنسبة 90 %    ترامب يعلن بدء فرض رسوم جمركية على 60 دولة بينها سوريا، لاوس، والعراق    وادي مليز: نطلاق مهرجان شمتو مع بابا قطوس و فرقة مزيج للفنان حسان عطا    قابس: التعريف بفرص الاستثمار في القطاع الفلاحي المتاحة لأبناء الجهة في الخارج    زيادة بنسبة 16,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها خلال النصف الأول من 2025    الحماية المدنية: إخماد 115 حريقا خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل: هذه الدولة تستعد لموجة حرراة جديدة تبدأ السبت.. والسخانة قد تصل إلى 45 درجة    فظيع/ مقتل زوجين في حادث مرور مروع بهذه الطريق..#خبر_عاجل    عاجل/ ايقاف "تيكتوكور" معروف من أجل نشر فيديوات فاضحة وخادشة للحياء..    عاجل/ معركة بين مغني "راب" بالأسلحة البيضاء في سكرة..والنيابة العمومية تتدخل..    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    عاجل : فرصة عمل للتونسيين في السفارة الألمانية: شهرية محترمة وظروف عمل مميزة    برنامج الأغذية العالمي: نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة    هاو وين تمشي فلوسك... 26٪ من شهريّة التونسي تمشي للمواد هذه    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    وفاة والدة براد بيت عن عمر 84 عامًا    تاكل برشة من الغلة هذي؟ راك تعرّض في صحتك للخطر    عاجل: قرار صارم ضد الحكم حسام بولعراس بعد مباراة الترجي والملعب    52% من مكاتب التشغيل تستعمل المنصة الإلكترونية.. تعرف كيفاش تسجل من دارك!    عاجل : الحاضر يعلم الغايب ...الصولد يبدا ليوما يا توانسة    عاجل: هذه الدولة تسحب شوكلاطة ''دبي'' من السوق بسبب شبهة تلوّث بالسالمونيلا!    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    طقس مستقر وارتفاع طفيف في درجات الحرارة بمختلف الجهات    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    قراءة قانونية معمّقة في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ... حوار مع الأستاذة نجاة البراهمي الزواوي    وزارة الداخلية: صفحات تعمدت ترويج مغالطات ضد المؤسسة الامنية و يجري تتبعها قضائيا    تونس وجهة صحية إقليمية: اجتماع وزاري لدعم السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    5 دول إفريقية تدفع ثمن سياسات ترامب بشأن "وسائل منع الحمل"    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسة الحكومة في جلسة خصصت للتداول حول عدد من المواضيع التي تتعلق بسير عدد من المرافق العمومية    استشهاد 41 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال    الجزائر.. مقتل 4 أشخاص في سقوط طائرة بمطار جيجل    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    مكانة الوطن في الإسلام    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا بعد المجزرة وفضِّ الاعتصامين؟
نشر في الحوار نت يوم 20 - 08 - 2013

ما ينبغي أن يُقال ابتداءً هو: إن حشر الاحتجاج ضد الانقلاب العسكري في اعتصامي رابعة والنهضة إنما كان محاولة فاشلة لحشرهما في إطار ضيق، بينما يعلم الجميع أن احتجاجات أنصار الشرعية خلال شهر ونصف الشهر قد طالت معظم أرجاء القطر المصري، سواء تمثلت في مهرجانات أم اعتصامات أم مسيرات شبه يومية.
أما الجانب الآخر فيتمثل في محاولة إعلام الفلول والدول الداعمة للانقلاب حشر الاحتجاجات في جماعة الإخوان، وهو جانب لم ينتبه أنصار الانقلاب إلى أنه كان يعطي الجماعة حجمًا كبيرًا جدًّا يُكذِّب مقولاتهم حول فقدانها لشعبيتها خلال عام من حكم مرسي، والذي كان أقرب إلى حكم صوري منه إلى حكم حقيقي ظل بدوره تحت هيمنة الدولة العميقة بكل تجلياتها الأمنية والسياسية والمدنية، بدليل تشكيلة حكومة ما بعد الانقلاب التي أبقت على أهم وزيرين (الدفاع والداخلية)، فضلاً عن خمسة وزراء من حملة الحقائب المهمة.
والحال أن احتجاجات أنصار الشرعية قد تجاوزت الإخوان إلى حشد كبير من القوى الأخرى؛ إذ يشير المراقبون المنصفون إلى أن الإخوان لم يكونوا يشكلون أكثر من ربع المحتجين في طول البلاد وعرضها، مما يؤكد من جانب آخر أن رفض الانقلاب يشمل قطاعات واسعة من المجتمع، وإن بدا أن الجزء الأكبر منها ينتمي إلى التيار الإسلامي بأحزابه (الحرية والعدالة، الوسط، البناء والتنمية، الوطن، حازمون، وما سواها)، ورموزه المستقلة أيضا من سلفيين وإسلاميين وسطيين.
نأتي هنا إلى فضِّ الاعتصامين الرئيسين، والذي رآه البعض بمثابة إعلان بإنهاء الاحتجاج، وقد جرى التمهيد لفضِّهما من خلال الإعلان عن فشل الوساطات لإنهاء الأزمة، وهي وساطات لا يعود فشلها إلى تعنت الإخوان كما روَّج إعلام الفلول، بل إلى حقيقة أن الطرف الانقلابي لم يعرض عمليًّا على أنصار الشرعية أكثر من خروج آمن (كأنهم معتقلون!)، مع عرض متدرج بالإفراج عن بعض الرموز المعتقلين، والذي بلغ تعدادهم الآلاف (تضاعف الرقم بعد مجزرة الأربعاء)، وبعد ذلك السماح لهم بالاندماج في عملية سياسية مبرمجة على شاكلة تلك التي كانت متوفرة أيام المخلوع؛ يحصل من خلالها الإسلاميون بكل ألوانهم على ما لا يزيد عن 20 في المائة من مقاعد مجلس الشعب، كما قال أحد أهم منظري الانقلاب (هيكل) لبعض مَنْ حاوروه (أين استكمال أهداف ثورة يناير؟!).
طوال الأسابيع الماضية كانت عمليات التحضير النفسي لفضَّ الاعتصامين تسير على قدم وساق، وبالطبع من خلال سيل من الأكاذيب التي تحدثت عن أسلحة ثقيلة موجودة في ميدان رابعة (لماذا لم تستخدم؟!) فضلاً عن جثث وتعذيب، إلى غير ما هنالك من أكاذيب، وصولاً إلى قول "مناضل قومي": إن اعتصام رابعة يمثل مستوطنة، في وصف طاعن في الخسَّة والنذالة والتحريض في آن. وفي المقابل يكشف ذلك الكمُّ الهائلُ من التحريض بسالةَ وإيمانَ الجمهور الرافض للانقلاب، والذي لم يتأثر بذلك، بل أبدى صمودًا مذهلاً في الميادين رغم أكثر من 300 شهيد، ومئات الجرحى، وآلاف المعتقلين (كل ذلك قبل مجزرة الأربعاء)، فضلاً عن الإجراءات التعسفية الأخرى من مصادرة ممتلكات وتجميد أموال، إلى جانب استمرار ملاحقة عدد من الرموز.
جاءت عملية فضِّ الاعتصامين لتكشف استهتار الانقلابيين بدماء المصريين (تأكد ذلك من جديد أمس الجمعة)، ورأينا كيف استخدم الرصاص الحي في قتل الناس بدم بارد، ورأينا مئات الشهداء وآلاف الجرحى يتساقطون على الهواء، وإلى جانب ذلك رأينا ذات الحملة الحقيرة من التشويه الذي رافق العملية، ومن ضمن ذلك الادعاء بوجود أسلحة (لم تستخدم بالطبع)، وادعاء سقوط عشرات الضباط والجنود (لم يثبت ذلك)، مع أن إمكانية تصفيتهم بسبب رفض أوامر إطلاق النار تبقى واردة، وقد أكد الصحافيون الأجانب أن سلاحًا لم يُستخدم من قبل المعتصمين بأي حال. ولا تسأل عن الادعاء بوجود 28 جثة تحت منصة رابعة بزعم أن الإخوان هم من قتلوهم سابقًا؛ لكأن جثثًا يمكن أن تبقى في الحر لأكثر من ساعات، فضلاً عن أيام وأسابيع!
لم يحسب القتلة حساب ردة الفعل في طول البلد وعرضه، والذي اشتعل بالكامل، مما دفع إلى فرض حالة الطوارئ ومنع التجول، وهو ما يؤكد أن المعتصمين لم يكونوا مجرمين ولا معزولين عن ضمير شعبهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو:
هل انتهت القضية بفضِّ الاعتصامين؟! وهل سيجلس الانقلابيون مرتاحين يقتسمون غنائمهم ويتبادلون الأنخاب؟!
الجواب الأَوَّلي على هذا السؤال جاء يوم الجمعة بعد المجزرة؛ حيث اجتاحت المسيرات شوارع المدن في طول مصر وعرضها، وسقط المزيد من الشهداء، في تحدٍّ للسلطة وجبروتها.
من المؤكد أن ما جرى لن يكون آخر المطاف؛ إذ إن الاحتجاجات من أجل استكمال ثورة يناير ستتواصل بطرق شتى، وفي ميادين أخرى، لاسيما أن مسار السياسة التالي سيكون واضحًا في ميله نحو تكريس وصاية العسكر على الحياة السياسية من جهة، وترتيب ديمقراطية ديكورية مبرمجة من جهة أخرى. والأسوأ أن يتم ذلك معطوفًا على حملة قمع واسعة لأنصار الشرعية في طول البلاد وعرضها.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن تسلسل الأحداث سيزيد في فضيحة الانقلابيين ومن منحوهم الغطاء، ويفجِّر تناقضاتهم تبعًا لذلك (استقالة البرادعي واثنين آخرين من الحكومة هي البداية)؛ فإن مسيرة استكمال ثورة يناير ستمضي قدمًا بمرور الوقت، ولن يهنأ الانقلابيون ومن موَّلوهم من الداخل والخارج بإهالة التراب على الثورة، ومن ورائها ربيع العرب. ومن يعتقد أن هذه الضربة ستنهي الإخوان والإسلاميين عمومًا فهو غارق في الوهم؛ لأن الحركات المتجذرة فكريًّا وفي واقعها الاجتماعي لا يمكن اجتثاثها بضربة أَمنية مهما بلغت شدتها وبشاعتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.