هي شيمة الدساترة القدامى بامتياز وهي مرض خطير يدفع للتيئيس والتبئيس فأما من جانب الدساترة فهذا واضح فهم يقزمون كل عمل خير حتى لا تكون صورة أخرى إلا صورة زعيمهم وربهم الأوحد وأما من غير الدساترة فهذا مبعث غرابة فالبعض بدل السؤال عن فائدة الدستور في هذا الظرف ورمزيته فهم يتفهون كل فعل بجهل أحيانا وبسوء قصد أحيانا أخرى. فما فائدة الدستور؟ وما رمزيته الراهنة؟؟ بالنسبة إلى الفائدة ففي الفقه السياسي لا تكتمل الدول ولا يعترف بوجودها إلا بثالوث الأرض والشعب والدستور ولعل الأخير هو جوهر ما في الأمر فالشعب إذا لم يعرف من دستوره قصة اجتماعه ومرام اجتماعه قد يحول العيش المشترك على هذه الرقعة احترابا واقتتالا مستحرين . وأما إن كان له دستور ودون رقعة تأويه قد يتحول إلى شعب مقاتل يحتل أرض غيره وعندها يستعمر غيره ولم نر من صنوف هذا النوع إلا بني صهيون الذين هندسوا بروتوكولا مؤامراتيا قبل وجود الرقعة التي يغتصبونها اليوم واسمها كامن لن يتغير وهي فلسطين وأما إن وجد الدستور والأرض دون شعب فهذا لا يتم إلا في القرى النموذجية أو مخابر التجارب التي تعد غرفها مسبقا لغاية الملاحظة واستنباط القوانين. ولهذا أفلا يحق لنا كشعب أن نحتفل بدستورنا؟؟ قد يقول قائل بل كان لنا دستور وهذا قول صحيح ولقد كان في أوله رائعا وراقيا ومن أفضلها في عصره لكن أيادي الراتقين رتقته حتى لم يعد من كثرة فتقه من مجال للرتق. ورتق المفتتق كشي النبق يضيع الحلاوة ويقلب الألوان سوادا متفحما. فلقد ابتكر فيه التارزي الأول سنته الفاسدة بالرئاسة مدى الحياة فصارت الجمهورية مملكة والرئيس له مستشارة تهتم بالحفاظات وقضاء الحاجة. وعقب خالعه بالتفصيل في الاستفتاءات وتغيير بنوده فهو يسود شعره بالصباغة والقانونيون المقربون يسودون ديباجة الدستور بالتغيير حتى يبلغ الشيب مداه. أفلا يحق لنا الاحتفال بهذا الدستور الذي ماتت من أجله أجيال وفتحت بسبب غيابه السجون والمنافي فلا اعتراف بالاختلاف ولا يافطة إلا للحزب الواحد وجرائه. قد يقول البعض إنه خال من روح الشرع والدين لكن هل نفعتنا روح الدستور الأول و90%من القوانين مستمدة من الفقه المالكي فقولوا لي بربكم هل قانون108سيء الذكر أشعري أم بسطامي أم حنبلي وهو وليد بورقيبي احتضنه ابن علي واحتفل بختانه ببيته الأثير وزارة الداخلية؟. هل غلق المساجد بدستور يعترف بالشرع شرعي؟؟ والزج بالمخالفين في الرأي بالزنازين وصبابط الظلام هل هذا مما تركه لنا الشافعي أم ابن تيمية؟أم ابن القيم؟؟؟ أفلا يحق لنا الاحتفال بالدستور الذي شارك في صياغته المنتخبون من المدن والحواضر و"الدشر " ومن يتحدث عن الثورة الرقمية ومن لا يحسن الحديث إلا بلغة العكري ومن يتحدث بلغة فصحى صميمة ومن يستشهد بالتين الشوكي و"الظلف" كل هذا يجعلنا نحتفل لقبولنا باختلافاتنا وقبولنا بعيشنا المشترك. أم أنكم تعملون بالمثل القائل "حانوت مسكر ولا كرية مشومة" إن كنتم من أنصار العدم والفساد فنقول لكم ردا على فسادكم"كرية مشومة ولا حانوت مسكر "نختلف ونتخالف لنعمر ونبني أفضل من أن نهدم ونهدم . أوليست عمارة الأرض والفكر وتنظيم سبيل العيش والمعاش مما تركته الأديان والشرائع مناطا تتنافس فيه الخلائق لا "الخلايق"