أيام قليلة تفصلنا عن بداية انطلاق الحملة الانتخابية لتبلغ خارطة الطريق منتهاها باجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية لتكتمل خطوات اعادة بناء الدولة. واستقر القانون ورأي الخبراء والعرف الانتخابي على أن نزاهة الانتخابات وشفافيتها تحيل الى نصف الطريق نحو التطور الديمقراطى وتجديد المؤسسات الوطنية وإعادة بناء الشرعية. ويرى المتابعون ان نزاهة الانتخابات مرهونة بجملة من الشروط الاساسية يبقى اهمها مسالة ادارة الأموال في العملية الانتخابية من حيث الإنفاق على الدعاية وتمويل الحملات الانتخابية وقيام بعض المرشحين المستقلين أو الأحزاب السياسية بتدوير المال السياسي ضمن العملية الانتخابية بما من شانه ان يفوت مبدأ تكافئ الفرص بين الاحزاب فيما بينها اولا وتأثير ذلك على حظ المترشح المستقل ثانيا. في الواقع انطلقت حملات الرشوة السياسية اول امس بجهة منوبة حيث سعت احزاب الى شراء ذمم ناخبين والتاثير عليهم من خلال منحهم محافظ استعدادا للعودة المدرسية وقد تضمنت تلك المحافظ شعار الحزب وكانت مدخلا للمترشحين لجلب اطراف الحديث مع ناخبي الجهة. علما ان الدور الوظيفي للمال السياسي ليس بظاهرة جديدة فى الحياة السياسية وإنما جديد الظاهرة هو حجم الاموال المرصودة على نحو غير معهود في المقام الاول وغموض مصادرها ثانيا. وتواترت فى الطرائف السياسية لتاريخ ما قبل الانتفاضة الشعبية التونسية «قصة الكسكروت والخمسة دنانير« التى كان تدفع للناخب فى الأرياف والمدن على حد السواء قبل الاقتراع اضافة الى الاستعمال المكثف لمؤسسات الدولة وادواتها من سيارات وارصدة مالية وهو ما كانت الاحزب المعارضة ترفضه. اما اليوم فان ادوار المؤسسات الحكومية قد ولى ليفتح الباب امام المال السياسي ذي النكهة الاجنبية, اموال توظف لدعم جهات سياسية معلومة كثيرا ما نفت علاقاتها باموال الخارج وسط صمت غير مبرر من البنك المركزي. وعبرت احزاب عن تخوفاتها من استغلال اطراف سياسية لنفوذ بعض رجال الاعمال وتاثير مثل هؤلاء عن السير العادي للمشهد الانتخابي وكانت اولى التعابير الرافضة لخلط المال بالعملية الانتخابية وتاثير ذلك على سيرورة التحول الديمقراطي ما أعرب عنه رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار لدى افتتاحه لورشة فنية بتونس نظمها مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية حول موضوع مراقبة تمويل الحياة السياسية حيث اعرب عن تخوفه من تأثير المال السياسي على نزاهة الانتخابات، لافتا إلى أن هناك «تهديدا جديا لنزاهة الانتخابات وشفافيتها في ظل مراهنة عدد من الأحزاب على رجال الأعمال». من جهته اعتبر الامين العام لحزب العمال ومرشح الجبهة الشعبية للانتخابات الرئاسية حمة الهمامي في تصريح ل»الصباح» على هامش اجتماع شعبي بجهة قرقنة من ولاية صفاقس ان استعمال المال السياسي في الانتخابات يشكل مدخلا لتزوير الارادة الشعبية. واستنكر الهمامي ما اعتبره «توظيف لرجال الأعمال في خدمة أجندات حزبية خاصة و أن المال السياسي سيصادر حرية الناخبين خلال عملية التصويت وسيدفع باتجاه انتخابات فاقدة للنزاهة والشفافية وتفوز فيها الأحزاب الأكثر قدرة على ضخ المال». وقد نقلت وكالة «ميدل ايست اون لاين» عن عدد من السياسيين موقفهم من المال السياسي حيث دعا رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني إلى عدم تحويل البرلمان القادم إلى برلمان لرجال الإعمال وعدم التداخل بين سلطة المال والسلطة التشريعية. وقال الهاني إن ما لم يجرؤ عليه بن علي، جرأت عليه الترويكا وسمحت بالتداخل بين سلطة المال والسلطة التشريعية، داعيا رجال الأعمال إلى الاستقالة من مؤسساتهم لخوض الانتخابات أو سحب ترشحهم. وعزت جنات بن عبد الله، المرشحة عن قائمة مستقلة عن دائرة اريانة « ان استقطاب الأحزاب السياسية الكبرى لرجال الأعمال إلى «نزعة خدمة المصلحة الحزبية الضيقة» على حساب المصلحة الوطنية»، مؤكدة أن «ترؤس عدد من رجال الأعمال لقائمات في مدن لها ثقلها الاقتصادي والسياسي والانتخابي يشكل خطرا على حرية الناخبين». وأضافت بن عبد الله «إن أخطر ما يهدد الانتخابات القادمة هو شراء الأصوات إما بطرق مباشرة، أي الرشوة، أو بطرق غير مباشرة من خلال السطوة التي يمارسها المال في توجيه مواقف الناس واتجاهات الرأي العام». ويبدو رفض الشخصيات الوطنية لزواج المال بالسياسة له ما يبرره في ظل غياب مراقبة حقيقية لاستعمال المال «الملوث» حسب تصنيف الامين العام لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية عماد الدايمي. ويبدو جليا ان البحث عن بريق المال والسلطة والسياسة بات حلم يرواد السواد الاعظم من «النخبة» ولكن يبقى السؤال اي مشروعية لزواج المال بالسياسة؟ زواج متعة ام «زواج محارم»؟
مصدر الخبر : الصباح التونسية a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=26535&t=الانتخابات في تونس وعلاقة المال بالسياسة: الفوز لمن " يضخ" أكثر!؟&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"