يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة التونسيين إلى النخب السياسية من خلال نتائج الرئاسية
نشر في الحوار نت يوم 28 - 11 - 2014

لئن أشرنا في مقال سابق بتاريخ 20 نوفمبر 2014 تحت عنوان "رسالة التوانسة إلى حركة النهضة" إلى الرسالة التي وجهها الناخب التونسي إلى حركة النهضة من خلال نتائج الإنتخابات التشريعية فإن هذا الناخب نفسه وجه من خلال الإنتخابات الرئاسية رسائل متعددة وجب على النخب والناشطين السياسين فهمها واستيعابها.
ويمكن اختصار هذه الرسائل في النقاط التالية:

أولا: اثبت المجتمع التونسي، وبناء على نتائج العلوم الانثروبولوجية والإجتماعية، انه يتفاعل مع الأحداث كما يتفاعل معها الكائن الحي. ذلك ان الكائنات الحية قد تعريها في مراحل معينة من حياتها وتطورها حالة من الخمول والكسل فتركن إلى الراحة والدعة وتغفل بذلك عن الكثير مما يحيط بها، إلا انها عندما تفاجئ بحدث جلل يهدد وجودها أوهويتها فإنها تستفيق فجأة وتنتفض لتحاول إنقاض نفسها. وما حل بالمجتمع التونسي بعد التشريعية كان أقرب إلى المشهد الذي أتينا على وصفه، ففوز النداء، باعتباره يمثل المنظومة القديمة التي اذاقت التونسبين الويلات، جعل الناخب يستشعر الخطر القادم الذي يهدد هويته ويفقده الأمان الذي ظل يبحث عنه منذ اندلاع الثورة دون جدوى، رغم تعاقب الحكومات، وفي مثل هذه الحالات التي تستهدف فيها الكينونة يفزع المجتمع إلي هويته، كما يقول هوركايمر، في دراساته منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وهوية التونسي هي مبادئ ثورته، ولذلك اتجه إلى تعديل الكفة لصالح الثورة.

ثانيا: تعمق هذا الخوف والإحياس بفقدان الأمان خاصة بعد تصريحات قيادات النداء وخاصة منها تصريحات الثلاثي المتشدد فيه (البكوش، مرزوق وكسيلة) الذي كانت بمثابة صفارات الانذار التي تدوي لتحذر من خطر الحريق الزاحف وذكرت التونسيين بأحلك أيام تونس في زمن المخلوع الهارب.

ثالثا: رفض الناخب شهوة الحكم والرياسة الذي أصابت النخبة السياسية، وخاصة منها النخبرالثورية والديمقراطية. فشهوة الحكم والرياسة التي يمكن فهمه أنثربولوجيا لأنها تتضخم لدى من جاوز الخمسين من عمره أكثر من غيرها من الملكات، فإن الناخب التونسي أراد أن بعيد هذه النخب إلى أرض الواقع ويطلب منها الكف عن هذا الغرور المغشوش وأراد تذكيرها بان مراكز الإحصاء كانت تحد من حظوظ هذه "الزعامات"، ولكنها أصرت على الدخول إلى معركة الرئاسة دون دعم شعبي يسندها فتشتت اصواتها وظهرت بنتائجها الصفرية في موقع مخجل ومخز. وبذلك خسرت هذه النخب ليس امام السبسي، ومنظومة المال الفاسد والإعلام الاصفر المتحالفة معه، أو حمة الهمامي الذي نجح في توحيد العائلة اليسارية، أو الرياحي وثروته المشبوهة، فقط، وإنما ايضا أمام شخص كان محل سخرية وتندر من هذه "الزعامات" وهو الهاشمي الحامدي الذي غلبها بخطابه البراغماتي والشعبوي مرتين، الأولى سنة 2011 في التأسيسي وهذه السنة في الرئاسية.

رابعا: الناخب التونسي يرفض الإستقطاب لأنه بمجرد بقاء النهضة على الحياد جعل العملية الإنتخابية تسير بشكل سلس ودون عنف رغم وجود بعض التجاوزات التي نرجوا أن تحقق فيها الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات.

خامسا: تحدى الناخب التونسي المال السياسي والرشاوي التي اعتمدها بعض المرشحين خاصة من التابعين للمنظومة القديمة بحيث أنها رغم ما دفعت واشترت من ذمم ومحاولاتها تزوير الإنتخابات بكل الطرق والوسائل إلا أن هذا المال الفاسد لم يقلب المعادلة رأسا على عقب رغم ما احدثه بها من خدوش.

سادسا: وهي رسالة أخرى وهذه المرة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي لاحظنا تحسنا طفيفا في جهدها لتأمين العملية الإنتخابية إلا أن عملها لم يسلم من إخلالات كبيرة، وخاصة في الخارج إذ حرم العديد من الناخبين من حقهم الإنتخابي لأنهم لم يجدوا أسمائهم في سجلات الهيئة الإلكترونية والورقية أو ان أسمائهم وجدت في مكاتب اقتراع بعيدة جدا عن محال سكناهم، وهو ما مثل هنة كبيرة في هذه الإنتخابات، ورغم أن الهيئة وعدت أنها سوف تراجع الأمر في الرئاسية إلا انه لم يحدث شيئ مع الاسف. وهذا يدل، إذا افترضنا حسن النوايا، أن عمل الهيئة كمؤسسة لا يزال في مرحلته الأولى وأنها لم تستفد بما فيها الكفاية من تجربة سنة 2011 الإنتخابية. وهذا موضوع آخر يحتاج بدوره إلى الدراسة.

سابعا: وهو استخلاص عام يمكن ان نخرج به بعد تجربة التشريعية والرئاسية حيث وجدنا أن منظومة الفساد لا تزال هي "المؤسسة"!؟ الأقوى في تونس وهي مدعومة داخليا من إعلام أصفر ومال فاسد وجهاز أمنى يحتاج إلى إصلاح وكذلك من قوى خارجية معادية للربيع العربي وللثورة التونسية، مما يجعلني افهم جيدا تخوفات الدكتورابو يعرب المرزوقي في مقالاته الأخيرة التي يمكن تلخيصها تحت شعار "ما أتوقعه ولا أتمناه"، والتي أشار فيها بدقة إلى التنسيق الكبير بين القوي المعادية للربيع العربي في المنطقة العربية وما يمثله من خطر على هذا الربيع نفسه. ورغم ما في وجهة نظر الفيلسوف المرزوقي من معقولية إلا انه لا يزال لدي قناعة بأن الناخب التونسي قادر من خلال صندوق الإقتراع أن يقلب المعادلة ويعيد الثورة المضادة إلى قمقمها. ولكني قد أكون بهذا التحليل متفائل مفرط في تفاؤله.
حسن الطرابلسي - ألمانيا 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.