بعد هروبه، من أسره عند الحوثي، اعلن الرئيس هادي بأن صنعاء عاصمة محتلة، ولم تمضي ايام على هذا الإعلان، حتى أعترف سعود الفيصل بأن ايران تسيطر على العراق، وان بغداد عاصمة محتلة هي ايضا. عاصمتان عربيتنا محتلتان، الأمر ليس جديدا، فالكل يعرف ذلك منذ زمان، ولكن الاعترافات الواضحة، من مسؤولين عاليين، هي الجديد في الأمر. في الحقيقة ليست عاصمتان فقط في الأسر، او تحت الاحتلال، المباشر والغير مباشر، من طرف ايران، انما العدد اكثر من هذا بكثير. صنعاءوبغداد ودمشق ولبنان، هذي العواصم ثبت احتلالها بالرؤية، ولا بالتوقع والتحليل. ولا نعلم ما يفعل الإيرانيون في المغرب العربي، تونس والمغرب والجزائر وربما ليبيا ايضا، فحملات "التبشير الشيعي" قد فضحتها تقارير صحفية كثيرة، وبعض اهل السنة المحروقين على دينهم، وعلى عروبتهم، وصمت عنها الساسة ضمن تأويلات غامضة لمصير أمّة تنتظر نتائج "الفوضى الخلاّقة" و"سايس بيكو" جديدة. العواصم العربية تقع تحت مأزقين، او كماشتين، أو "ذراعين" كما جاء في كتاب المذكرة الاستراتيجية، الصادر في 2011، للكاتب، الغير معلوم، محمد بن عبد، منظّر تابع للتيار الجهادي، وخاصة "داعش". اذ يرى محمد بن عبد الله بضرورة وضع العواصم العربية بين ذراعين، اليمن جنوبا والعراق وسوريا شمالا، ليسهل طحنها. ولكن المفاجأة، هو ان ما تمّ الحديث عنه بإسهاب في الكتاب، قد جاء بأياد ايرانية، وأعلن العرب عن الأنشاء الفعلي "للذراعين"، فقال هادي بان صنعاء عاصمة محتلة، وقال سعود الفيصل بان ايران تسيطر على العراقوبغداد. الذراعان الإيرانيان، يطوقان الآن العواصم العربية. ومحاولات جادّة من تنظيم الدولة "المشبوه"، وبعض الدول الإقليمية الأخرى، لتوريط الأردن في حرب مشبوهة، ضد كيان تمّ انشاءه فجأة، لتحقيق أهداف غير معلنة وغير واضحة المعالم، قد تكون ايران وراءها. فقد اثبتت هذه الدولة جدارتها في فرض رؤيتها، او جزء منها، على المجتمع الدولي، وعلى امريكا خاصة، والثمن يكمن وراء الاتفاق حول البرنامج النووي. بعد هذا الاتفاق ستكون ايران أقوى، وهي التي كسبت الكثير من جولات الحوار، امام كل الدول الغربية. على عكس العرب الذين يناورون خلف مشاريع لا ينتمون اليها، او لا تضمن لهم وجودهم، خاصة ونحن قادمون على تغيير الخارطة العربية، بقوة الاقتتال والفوضى، وقد ذهب منها الكثير. الآن فقط قال لنا هادي بأن صنعاء محتلة، مع ان الحال يقول بأن صنعاء احتلت منذ زمن بعيد، والآن فقط يقول لنا سعود الفيصل بأن بغداد عاصمة محتلة، مع ان احتلال بغداد يعود الى التسعينات، فهل ينقذ العرب ما تبقى من العواصم العربية، حتى لا نعلن ونحن لاجئون او مغتربون باننا خسرنا اوطاننا؟ د. محجوب احمد قاهري / تونس