بعد مفاوضات صعبة تواصلت أكثر من ثلاثة أشهر منذ إبرام بروتوكول الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956، تم التوصل يوم 15 جوان 1956 إلى صياغة اتفاق التعاون الديبلوماسي، ولم تكن فرنسا مستعدة للتخلي للدولة التونسية الفتية عن حقها في سيادتها الخارجية من ذلك ما جاء في البند الرابع من الاتفاق «ريثما يتم إبرام المعاهدة التي تضبط كيفية المشاركة في ميدان الشؤون الخارجية، فإن الحكومتين تتخابران وتتشاوران في جميع الأمور التي لها مصلحة مشتركة في هذا الميدان، وذلك في جو المودة والتضامن الذي يسود علاقتهما». ونذكر أيضا ما جاء في البند الثاني من أنه «في الأقطار التي تقرر البلاد التونسية توجيه بعثة ديبلوماسية قارة بها، فإن الجمهورية الفرنسية مستعدة للقيام بتمثيل ورعاية المنظورين التونسيين والمصالح التونسية هناك...». الفصل 1: تمثل فرنسابتونس وكذلك البلاد التونسية بباريس بواسطة سفير. يلقب كل من الممثلين الديبلوماسيين لهذين القطرين بسفير فوق العادة مبعوث خاص للجمهورية الفرنسية لدى جلالة ملك تونس، وسفير فوق العادة، مبعوث خاص لجلالة ملك تونس لدى الجمهورية التونسية. الفصل 2: في الأقطار التي تقرر البلاد التونسية توجيه بعثة ديبلوماسية قارة بها، فإن الجمهورية الفرنسية مستعدة للقيام بتمثيل ورعاية المنظورين التونسيين والمصالح التونسية هناك إذا طلبت الحكومة التونسية ذلك. وفي هذه الصورة فإن الأعضاء الديبلوماسيين والقناصل الفرنسيين يعملون طبق تعليمات الحكومة التونسية. الفصل 3: تؤيد فرنسا ترشيح البلاد التونسية في المنظمات الأممية التي لم يكن لتونس تمثيل بها. الفصل 4: ريثما يتم ابرام المعاهدة التي تضبط كيفية المشاركة في ميدان الشؤون الخارجية، فإن الحكومتين تتخابران وتتشاوران في جميع الأمور التي لها مصلحة مشتركة في هذا الميدان، وذلك في جو من المودة والتضامن الذي يسود علاقتهما. الإمضاء: الحبيب بورقيبة روجي سايدو ألقى السفير «روجي سايدو» في موكب تقبل أوراق اعتماده يوم 21 جوان 56 الكلمة التالية: «مولاي، للمرة الأولى منذ عدة سنين خلت، يتقدم موفد دولة صديقة بأوراق اعتماده لرئيس الدولة التونسية، وأرى رمزا ساميا في كون ذلك السفير هو ممثل فرنسا. وإني لأشعر من أعماق قلبي بالشرف الذي أتاحه لي سيدي رئيس الجمهورية عندما أوفدني بوصفي سفيرا فوق العادة ومبعوثا خاصا لدى جلالة ملك البلاد التونسية المستقلة. وقد أرادت الحكومة الفرنسية بذلك التعيين إظهار مقدار اهتمامها بمواصلة السير دون تراجع في كنف التطور وان كان غاية في السرعة في الأشهر الأخيرة، إلا أنه قد تواصل في وفاق بين البلدين. وهذا الوفاق الذي بقي مستمرا رغم الصعوبات التي اجتزناها في طريقنا كان انجازه أمرا حتميا نظرا للعزيمة الصادقة والمثابرة بين شعبين جمعهما كذلك التاريخ والجغرافيا. إن هناك علاقة صداقة وتعاون بين فرنساوتونس يرجع أصلها، من وراء النصوص، من تقادم العلاقات بين الشعبين وكذلك من مكانة البلدين في عالم البحر المتوسط ومن مصالحهما المشتركة والقرابة والتشابه الموجودتين بين عقليات وأدبيات الأمتين. والسكان الفرنسيون بالبلاد التونسية هم جد متقنعين أكثر من سواهم بتأصل تلك الصداقة وان تعلقهم لشديد بهذه البلاد ورغبتهم في أن يعيشوا على أديمها وأن يعملوا في كنف السلم للصالح المشترك. وإني لعلى يقين من أن حكومة جلالتكم سوف لن تتوانى في الترحيب بتلك الرغبات الشرعية، كما اني أعتبر أن من أهم أجزاء وظيفتي أن أشارك في جعل التعاون بين البلدين يزداد دوما حيوية ونجاعة، وأتيقن أنه في تنظيم ذلك التعاون على أساس الحرية لأحسن عمل يقوم به بلدانا لفائدة مصالحهما المشتركة، وهكذا يشاركان بصفة أفيد لإيجاد السلم والاستقرار فوق هذه الرقعة من العالم التي تنتسب إليها فرنساوتونس على حد السواء. ولتسمح لي جلالتكم بالتعبير عن أملي في أن أجد لديكم ولدى حكومتكم الثقة والصداقة لتمكيني من القيام بمأموريتي على أحسن وجه. وفي الختام اسمحوا لي يا صاحب الجلالة أن أقدم تمنيات سيدي رئيس الجمهورية والحكومة الفرنسية، وتمنياتي الشخصية لشخصكم الكريم وأسرتكم وللعمل التجديدي الذي تقوم به حكومتكم ورئيسها ولنجاح المفاوضات التي ستشرع فيها حكومتا تونسوفرنسا ولسعادة ورفاهية الشعب التونسي الكريم».