كأس العرب: التركيبة الكاملة لطاقم تحكيم مواجهة المنتخب الوطني في المباراة الإفتتاحية    يحي الفخراني في تونس    خبير مناخ يحذّر: موجة برد قطبية في طريقها إلى تونس... ودرجات حرارة قد تنخفض ب20 درجة دون المعدّل    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في مجال المياه والأمن المائي    قبلي: انطلاق فعاليات شهر التمور من المنتج الى المستهلك بالعاصمة بمشاركة 40 موزعا من قبلي وتوزر    الإعلان عن قائمة الأعمال المشاركة في مسابقة قرطاج للسينما الواعدة    الصحفيون التونسيون ينفذون تحركا وطنيا دفاعا عن حقوقهم وتأكيدا على وحدة الصف الصحفي    فيديو صادم يوثّق اعتداء على طفل بروضة.. هذه خفايا اعادة النشر !    قابس: تأجيل القضية الاستعجالية ضد المجمع الكيميائي التونسي    عاجل/ قضية مقتل رحمة الأحمر: إصدار بطاقات ايداع بالسجن    ميزانية الدولة 2026: الزيادة في اعتمادات وزارة التربية بنسبة 8,16 بالمائة    هل تعاني من برودة الأطراف في البرد؟ قد يكون هذا مؤشرًا لمشكلة صحية!    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025) – ميدالية برونزية لميساء البريكي في منافسات الجوجوتسو لوزن تحت 57 كلغ    أشرف حكيمي يفوز بجائزة أفضل لاعب كرة قدم أفريقي لسنة 2025    كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة    الرابطة الثانية - الهادي المقراني مدربا جديدا لمستقبل القصرين    الديوان الوطني للصناعات التقليدية يشارك في المعرض التجاري للصناعة التقليدية بالدار البيضاء في ديسمبر المقبل    تحذير: انخفاض كبير في درجات الحرارة يوم السبت    فتح باب الترشح لجائزة الأدب لسنة 2026 البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية    عاجل/ هذا ما تقرر ضد خيام التركي في قضية تبييض أموال..    ثورة في علاج السكري.. ابتكار يوصل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    معلق ماتش تونس والبرازيل عامر عبد الله:'' سأراهن على المنتخب التونسي في كأس العالم''    عودة أيام الصيانة هيونداي «Hyundai Care Days» : ألفا هيونداي موتور وتوتال إنرجيز يجددان التزامهما بحملة ما بعد البيع المميزة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025    تصنيف الفيفا: المنتخب الوطني يتقدم 3 مراكز في التصنيف الجديد    يوفنتوس الإيطالي يعلن عن غياب مدافعه روجاني حتى مطلع 2026    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بالجنوب    فستان ميلانيا ترامب يثير الجدل: هل هو رسالة خاصة للسعودية؟    وثائق إبستين تفجر الجدل مجددا.. البيت الأبيض حاول التأجيل وترامب يغيّر موقفه    عاجل/ الإحتلال يستأنف المجازر في غزة    حيلة زوجان حققا تخفيض مذهل في فاتورة الطاقة    ترامب يعلن عن موعد ومكان لقائه مع 'خصمه اللدود' زهران ممداني    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    من 28 نقطة.. تفاصيل خطة واشنطن للسلام بين روسيا وأوكرانيا    كان المسؤول على شبكات التسفير... احالة الارهابي معز الفزاني على الدائرة الجنائية المختصة    "مقطع فيديو" يشعل أمريكيا.. دعوات لعصيان أوامر ترامب    اريانة:جلسة عمل حول النظر في أعمال اللجنة الجهوية لمتابعة تطور الأسعار وضمان انتظام التزويد    وزير الصحة يرد على تحركات الأطباء الشبان... ماذا قال؟    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورعدية ورياح قوية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    طقس الخميس: أمطار بالجنوب الشرقي ثم المناطق الساحلية الشمالية    وجوه الحبّ الأخرى    سيدي بوزيد : حجز 150 صفيحة من مخدر "القنب الهندي"    استعدادات مكثّفة لإعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكر بقرطاج يوم 2 ديسمبر 2025    أيام قرطاج المسرحية...مهرجان تجاوز الثقافة لينعش السياحة    للتوانسة: فجر وصباح السبت 22 نوفمبر...طقس بارد    تطاوين: تواصل حملات التقصي المبكر عن مرض السكري والأمراض غير المعدية طيلة شهر نوفمبر    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    عاجل/ الكشف عن عدد الحجيج التونسيين لهذا الموسم    اتحاد الفلاحة: سعر الكاكاوية لا يجب ان يقلّ عن 6 دينارات    شنيا يصير لبدنك إذا مضغت القرنفل كل يوم؟ برشا أسرار    فرصة باش تشري دقلة نور ''بأسوام مرفقة'' بالعاصمة...شوفوا التفاصيل    عاجل/ منخفضات جوّية مصحوبة بأمطار خلال الأيام المقبلة بهذه المناطق..    الكحل التونسي القديم يترشّح لليونسكو ويشدّ أنظار العالم!...شنوا الحكاية ؟    شنيا حقيقة فيديو ''الحمار'' الي يدور في المدرسة؟    يفتتحه فيلم 'صوت هند رجب': مهرجان الدوحة للأفلام ينطلق غداً بمشاركة 97 فيلما    طقس اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية بعدة جهات    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يهزم جبال أفغانستان؟
نشر في الحوار نت يوم 03 - 04 - 2010

أفغانستان الدولة الواقعة في قلب آسيا وتشترك في الحدود مع ست دول، من بينها الجارة باكستان وايران والصين. لها تاريخ طويل من الحروب الخارجية حيث يلقبها المؤرخون بمقبرة الامبراطوريات، وقال عنها الزعيم الليبي معمر القذافي على منبر الأمم المتحدة إن قادة الحرب على الارهاب لن يمكنهم أبدا هزم جبال افغانستان الشاهقة والوعرة.
وهذه الدولة الأفقر في العالم التي مثلت منعرجا في تاريخ المجتمع الدولي منذ اعلان الحرب على الارهاب عام 2001 مازالت الى اليوم تؤكد السجل الطويل من الحروب والجهاد التي خاضها الأفغان على مدى تاريخهم. لقد اطاحوا في السابق بالانجليز في عز امبراطوريتهم في حربين طويلتين ووجهوا ضربة قاصمة الى الاتحاد السوفياتي قبل ان يتفكك. واليوم وبعد خمس سنوات من بداية الحرب على الارهاب لم تحسم القوة العظمى الاولى في العالم، الولايات المتحدة ومن تحالف معها، الحرب هناك بين الجبال رغم العدة والعتاد.
ويمكن القول أن جغرافية افغانستان تعد عاملا حاسما اذ ساعد كثيرا الأفغان في الاطاحة بالغزاة وطردهم. و القرى المعزولة والأراضي ذات التضاريس الوعرة مشاهد مألوفة في كامل البلاد. حيث يعيش معظم سكان القطر في أودية الجبال الشاهقة أو المناطق الرحبة، أو المراعي التي تكتنف معظم القطر. ويعتمدون على فلاحة الأرض وتربية الماشية في حياتهم.
ويمثل السكان المسلمون في أفغانستان حوالي 99 بالمئة من مجمل سكان البلاد. وللدين انعكاس واضح على العلاقات الاجتماعية وخصوصاً الأُُسَرِيَّة وجميع نواحي الحياة الأخرى. فمعظم القرى الريفية والقبائل لها زعيم ديني يُدعى المُلاَّ. وتمثل دوره في الماضي في تفسير الأمور الدينية، وتعليم الصبيان.
وقد لا يتفق دور رجال الدين الذين تعتبر دعوتهم للجهاد مقدسة اليوم يستجيب لها الجميع مع رسالة العلماء الأفغان الذي ظهرو على مدار التاريخ وقد برز منهم أئمة في الدين الإسلامي أمثال الإمام أبي حنيفة، وفي علوم اللغة والآداب والبلاغة أمثال العلامة الزمخشري والسكَّاكي والتفتازاني. كما ظهر منهم الإِمام المصلح جمال الدين الأفغاني.
وميزة تاريخ افغانستان منذ ما قبل التاريخ انه يجمع بين الكثير من الحروب والقليل من السلم.
غزا الآريون "سكان وسط آسيا" أفغانستان حوالي 1500ق.م، وأبادوا العديد من سكان البلاد وتزاوجوا مع بعضهم الآخر. وفي منتصف القرن السادس قبل الميلاد غزا الفرس القسم الشمالي من أفغانستان وهي منطقة كانت تُدعى باكتريا، وظلت تحت حكمهم حتى حوالي 330ق.م. عندما غزا الإغريق والمقدونيون بقيادة الإسكندر الأكبر الإقليم وكثيراً من بقية أراضي أفغانستان. وفي حوالي 246ق.م، ثار أهل باكتريا، وقاموا بعدها بالسيطرة على المنطقة وكذلك الأجزاء المتبقية من أفغانستان. وقد دامت مملكتهم قرابة 150 سنة إلى أن احتل الكوشان من آسيا الشرقية أفغانستان. وقد استطاع الساسانيون من فارس والهون البيض من آسيا الشرقية دحر الكوشان في القرن الخامس الميلادي.
دخل الإسلام أفغانستان في نهاية القرن السابع الميلادي. وفي منتصف القرن التاسع عمّ الإسلام الديار الأفغانية، مما كان له تأثير كبير وواضح على الحضارة هناك. حكمت أفغانستان الجماعات التركية من شرق فارس وآسيا الوسطى في الفترة الممتدة بين عامي 900م و1200م. وقد هاجم المغول أفغانستان بقيادة جنكيزخان في القرن الثالث عشر الميلادي، والتيموريون بقيادة تيمورلنك في القرن الرابع عشر الميلادي.
تنافس كل من الصفويين من بلاد فارس، والمغول من الهند، على حكم أفغانستان من منتصف القرن السادس عشر حتى بداية القرن الثامن عشر الميلاديين. وفي عام 1747 توحدت القبائل الأفغانية لأول مرة واستطاعت السيطرة على البلاد تحت قيادة أحمد شاه ديراني.
وفي عام 1819 نشبت حرب أهلية بين القبائل المتنازعة على حكم البلاد، واستمرت الحرب حتى سنة 1835، حيث سيطر على الحكم آنذاك دوست محمد خان الملقب بالأمير الصغير.
خلال القرن التاسع عشر تنافست بريطانيا وروسيا في السيطرة على أفغانستان، حيث كانت روسيا تسعى إلى مخرج لها يصلها بالمحيط الهندي وبدأت التوسع باتجاه أفغانستان، وبالمقابل كانت بريطانيا تريد حماية إمبراطوريتها في الهند التي كان يهددها التوسع الروسي. وقد غزت الجيوش البريطانية أفغانستان سنة 1839 بهدف الحد من التوسع الروسي في المنطقة، مما أدّى إلى اندلاع الحرب الإنجليزية الأفغانية الأولى التي استمرت حتى سنة 1842، إلى أن تم انسحاب القوات الإنجليزية من أفغانستان. وقد ازداد التأثير الروسي بمحاذاة أفغانستان في منتصف القرن التاسع عشر، مما دفع ببريطانيا لغزو أفغانستان مرة ثانية لتندلع الحرب الإنجليزية الأفغانية الثانية عام 1878.
وفي عام 1880 أصبح عبد الرحمن خان أميراً لأفغانستان. وقد اعترف الإنجليز بسلطاته على شؤون البلاد الداخلية، وفي المقابل منح الأمير الإنجليز السيطرة على الشؤون الخارجية. وإبان فترة حكمه بذل عبدالرحمن خان قصارى جهده لتقوية الحكومة الوطنية وتقليص سلطة زعماء القبائل. وبعد وفاته سنة 1901، انتهج ابنه حبيب الله خان نفس سياساته.
في أوائل عام 1919 اغتيل حبيب الله، وتولى أحد أبنائه الحكم وهو الأمير أمان الله خان الذي هاجم الجنود الإنجليز في الهند لتندلع حرب إنجليزية أفغانية ثالثة. وبعدئذ قرر الإنجليز إنهاء تدخلهم في أفغانستان، حيث حصلت البلاد على استقلالها التام في أغسطس عام 1919.
وقد بدأ أمان الله بإصلاحات عديدة تهدف إلى تحديث أفغانستان، فوضع أول دستور للبلاد في عام 1923، وتم تغيير لقب الأمير إلى ملك سنة 1926، غير أن زعماء القبائل وقادة المسلمين أخذوا يقاومون حركة الإصلاحات التي أتى بها أمان الله حتى أُجْبِرَ على التخلي عن العرش عام 1929. وفي نهاية 1929م أصبح محمد نادر خان ملكًا لأفغانستان. وفي سنة 1931م تم تبني دستور جديد في أفغانستان، حيث بدأ محمد نادر خان برنامج إصلاح تدريجي لكنه اغتيل سنة 1933، قبل أن يبدأ في أي من الإصلاحات، وتولى ابنه محمد ظاهر شاه الذي استكمل في عهده استقلال البلاد. وأصبحت أفغانستان عضوًا في هيئة الأمم المتحدة 1946م، كما وقّعت اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي أدت إلى روابط اقتصادية وثيقة بينهما. وتمسكت الباكستان عام 1950 بالأراضي التي تسكنها قبائل الباتان، والتي لم تكن محددة تمامًا وتضمنها خط دوراند "وهو خط حدود وضعه عام 1893 السير مورتمير دوراند بين مقاطعة الحدود الشمالية الغربية الهندية وأفغانستان"، وذلك رغم معارضة أفغانستان. وشجعت أفغانستان قيام دولة البوشتو فتسبّب ذلك في قطع العلاقات مع باكستان. وفي عام 1957، استؤنفت العلاقات بين البلدين. وفي عام 1955، جددت أفغانستان معاهدة 1931 مع الاتحاد السوفييتي. وفي 6 سبتمبر 1961، قطعت أفغانستان علاقاتها الدبلوماسية مع باكستان.
طوَّرت أفغانستان علاقات طيبة مع دول غير شيوعية خلال الحرب الباردة بين الدول الشيوعية وغير الشيوعية. وقد أبدى الكثير من الأفغانيين مخاوفهم من هجوم سوفييتي عليهم من جارهم الشيوعي القوي آنذاك. وفي عام 1953 تولى السلطة محمد داود خان، ابن عم الملك وصهره. وخلال رئاسته للوزارة لم يكن لأفغانستان دور يذكر في الحرب الباردة، حيث تلقت حكومته في تلك الفترة مساعدات من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي "سابقاً".
غير أن استمرار المنازعات الحدودية بين أفغانستان وباكستان دفع بمحمد داود خان إلى الاستقالة عام 1963. وفي عام 1964 تم تبني دستور جديد في أفغانستان يشتمل على مواد تنص على تشكيل حكومة ديمقراطية، غير أن الملك ظاهر والمجلس التشريعي لم يتفقا على برنامج الإصلاح، بالإضافة إلى قلة اهتمام الأفغانيين وعدم استجابتهم، مما حال دون تطور النظام الديمقراطي في البلاد.
عام 1973 قاد داود انقلاباً عسكرياً، حيث تم عزل الملك ظاهر. وسيطر القادة العسكريون على الحكومة، وأعلنوا جمهورية أفغانستان برئاسة داوود الذي كان في نفس الوقت رئيساً لوزرائها. وفي عام 1978، قام قادة عسكريون يساريون ومدنيون بانقلاب عسكري قتل خلاله الرئيس داود. وتلقت تلك المجموعة مساعدات مالية وعسكرية من الاتحاد السوفييتي سابقاً واستولت على إدارة الحكم، وتبنت سياسات شبيهة بالشيوعية ولكن معظم سكان البلاد عارضوا تلك الحكومة لأن سياساتها تتعارض ومبادئ الإسلام الحنيف وأبدوا استياءهم من التأثير السوفييتي على الحكومة. وقد شارك قطاع مهم من السكان في معارضتهم للحكومة بعد فترة وجيزة من تسلمها السلطة، وإثر ذلك نشب القتال بين رجال الثورة "المجاهدين" والقوات الحكومية.
وفي أواخر عام 1979 وبداية عام 1980 غزت آلاف من القوات السوفييتية أفغانستان وتحالفت مع قوات الحكومة الأفغانية في قتالها ضد المجاهدين الأفغان. وكان لدى السوفييت معدات أفضل بكثير من مناوئيهم. وقد استخدم المجاهدون أسلوب التكتيكات الفدائية في هجومهم ضد الجنود السوفييت وذلك للحد مما لدى السوفييت من مزايا القوة العسكرية المتفوقة. وقصفت القوات السوفييتية والحكومية العديد من القرى الأفغانية حتى أجبرت العديد من قاطني القرى على النزوح منها حيث نزح أكثر من ثلاثة ملايين نسمة من أفغانستان إلى باكستان المجاورة، واستقروا في مخيمات مؤقتة، بينما لجأ بعضهم الآخر إلى إيران. وفي 18 فبراير 1989، اكتمل خروج القوات السوفييتية من أفغانستان وقام نجيب الله بإبعاد الوزراء الشيوعيين من حكومته.
وفي يناير 1992م، اتفق على وقف إطلاق النار ووضع السلطة في يد الحكومة الإسلامية التي كانت تحاصر العاصمة كابول، وإجراء الانتخابات تحت رعاية الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. فدخلت قوات المجاهدين كابول وكونت الحكومة الإسلامية برئاسة برهان الدين رباني في يونيو 1992م، وتولى قلب الدين حكمتيار رئاسة الوزراء، وللأسف الشديد فإن الأوضاع السياسية لم تستقر في أفغانستان فقد استمرت حرب أهلية بين قوات فصائل المجاهدين المختلفة.
وفي تطور لاحق، استولت حركة طالبان على العاصمة كابول في 27 سبتمبر 1996، وأعدمت نجيب الله وأخاه، وأعلنت تشكيل حكومة جديدة. وطالبان حركة سياسية ظهرت عام 1994 وكان يترأسها الشيخ محمد عمر، وهو أستاذ سابق ومجاهد في نظر أعوانه وأنصاره. وبحلول عام 2000، كانت حكومة طالبان قد حققت انتصارات واسعة على الأرض، ولكن تراوح الحال في بعض الأماكن حيث دانت السيطرة لقوات المعارضة، بل أن قوات أحمد شاه مسعود هاجمت كابول غير مرة. حاولت المملكة العربية السعودية وباكستان وبعض الدول الإسلامية تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة. غيّرت طالبان الاسم الرسمي للدولة من جمهورية أفغانستان الإسلامية إلى إمارة أفغانستان الإسلامية. حطمت حكومة طالبان تماثيل "أصنام" بوذا الكبيرة، التي يعود تاريخها إلى نحو 1500 عام، في مارس 2001 رغم اعتراض بعض الدول والمنظمات على إزالة هذه التماثيل.
لكن المنعرج الاهم بالنسبة لأفغانستان في بداية الألفية الثالثة كانت في تاريخ 11 سبتمبر 2001.
تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية في هذا التاريخ إلى هجوم إرهابي أدى إلى تدمير مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك بالإضافة إلى تدمير أجزاء من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بوساطة طائرات مدنية مخطوفة ارتطمت بهذه الأماكن. ووجهت الحكومة الأمريكية الاتهام إلى أسامة بن لادن وتنظيمه، تنظيم القاعدة، الذي يتخذ من أفغانستان مقراً له.
طالبت الولايات المتحدة الأمريكية حكومة طالبان بتسليم ابن لادن تمهيداً لمحاكمته. لكن طالبان رفضت هذا المطلب لعدم وجود دليل، من وجهة نظرها، على ضلوعه في الأعمال الإرهابية. وفي السابع من أكتوبر من العام نفسه بدأت الولايات المتحدة حرباً ضد أفغانستان تساندها قوات المعارضة الأفغانية التي أطلق عليها اسم تحالف الشمال.
سقطت المدن الأفغانية تباعاً في أيدي قوات التحالف حيث تراجعت قوات طالبان عن معظم المدن دون قتال. فسقطت مزار الشريف وهرات وكابول في 13 نوفمبر، وقندوز في 22 نوفمبر، وقندهار في 7 ديسمبر، وتورابورا في 16 ديسمبر.
في نفس الوقت التقى موفدو الفصائل الأفغانية في مؤتمر الأمم المتحدة حول مستقبل أفغانستان الذي عقد في بون، ألمانيا، في 27 نوفمبر واتفقوا بعد محادثات شائكة على تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة حميد قرضاي. أدى قرضاي اليمين الدستورية رئيساً للبلاد في 22 ديسمبر 2001.
ورغم أن الحرب قد وضعت أوزارها بانتصار عسكري كبير للولايات المتحدة وقوات التحالف إلا أن محاولات اعتقال كبار قادة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وعلى راسهم اسامة بن لادن باءت بالفشل. ونقلت الولايات المتحدة بعض أسرى حركة طالبان وتنظيم القاعدة إلى القاعدة الأمريكية في غوانتانامو بكوبا.
ولم تشهد عملية إعادة بناء أفغانستان سوى تقدم بطئ أيضا، حيث يزداد استياء الشعب، مما جعل تجنيد الأفغان الساخطين في حركة طالبان أمرا يسيرا.
ورغم زيادة عدد القوات الأجنبية والأفعانية بصفة مستمرة، إلا أن المسلحين لم يمنوا بالهزيمة الكاملة الى اليوم.
كما لم تأت استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك اوباما بجديد بشان الوضع العسكري.
يذكر أن ما يقرب من مئة ألف جندي أجنبي ينتشرون في أفغانستان، وهو ما يصل إلى عدة أمثال عددهم في بداية العمليات العسكرية هناك.
وفي الوقت ذاته، يعتبر عدد متزايد من الأفغان أن هذه القوات الأجنبية بمثابة "محتلون"، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة بينها تزايد حجم الخسائر في صفوف المدنيين نتيجة للعمليات العسكرية.
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة قالت إن المسلحين مسؤولون عن سقوط معظم القتلى المدنيين الذي لقوا حتفهم جراء الصراع الدائر في البلاد، الا ان اللوم يلقى على القوات الأجنبية والأفغانية في قتل أكثر من 30 في المئة من هؤلاء الضحايا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.