السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    عاصفة رملية كثيفة تجتاح السعودية والعراق وقطر    في شهر جوان.. 3 مباريات ودية للمنتخب التونسي    الكرة الطائرة.. الترجي يتأهل الى نهائي الكاس    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    القصرين.. حجز 2147 قرصا مخدرا بحوزة شخصين على متن سيارة    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    بنزرت: إلغاء إضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين المبرمج ليوم الأربعاء 07 ماي    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    هبة يابانية    نسبة التضخم تتراجع الى مستوى 6ر5 بالمائة خلال شهر أفريل 2025    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    شراكة تونسية قطرية لتعزيز القطاع الصحي: 20 وحدة رعاية صحية جديدة خلال 3 أشهر    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ نتنياهو: هجوم جديد ومُكثّف على غزّة وسيتم نقل السكّان    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    عاجل/ رفض الإفراج عن هذا النائب السابق بالبرلمان..    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة غدا الثلاثاء للنظر في اتفاق قرض بين تونس والبنك الإفريقي للتنمية    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة عمل إلى تونس بيومين    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوار هيشر: 5 سنوات سجناً لطفل تورّط في جريمة قتل    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الشيخ الغنوشي عضو مجلس الأمناء للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين
نشر في الحوار نت يوم 09 - 07 - 2010

من هو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟ يرجى الرجوع إلى الصفحة الإلكترونية للإتحاد حتى يتم التعرف على الإتحاد بصفة جامعة وصحيحة.
www.iumsonline.net

مقدمة:

ما فتئت ثلة من فقهاء العصر العاملين ينشدون التأثير في الحياة العامة للأمة سيما في زمن تصرمت فيه الحياة السياسية تصرما شديدا مما أسال لعاب أعدائها طمعا في ثرواتها البشرية والأرضية. ما فتئت تلك الثلة تنظر إلى أن الخطاب وحده لا يقدم بالأمة كثيرا مهما أصاب من الحق والعدل والخير والقوة. لا بد لذلك الخطاب من مؤسسة عاملة تحاول التأثير فكان الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكان من قبله المجلس الأروبي للإفتاء والبحوث. والحقيقة أن الأمة مازالت تتسع لعشرات من المؤسسات في مختلف جبهات المقاومة والإصلاح سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وفكريا وإغاثيا وإداريا وبحثيا ودراسيا. الحرج ليس في تعدد المؤسسات كلما كانت علاقتها بعضها مع بعض علاقة تكامل وتعاون ولكن الحرج هو في القعود والسلبية وقديما قال الناس : لا تلعن الظلام ولكن أشعل شمعة تضيء دروب الناس. تلك هي الإيجابية حتى إنه عليه الصلاة والسلام أرشد رجلا لعن الشيطان عند عثرته وقال له : قل بسم الله.
هنيئا للاتحاد على نجاح مؤتمره الأخير وهنيئا لك على ثقة إخوانك وأبنائك من العلماء والدعاة الذين أغدقوا عليك بتزكياتهم فكنت صاحب المرتبة الثانية في عدد الأصوات لعضوية مجلس الأمناء.


الشيخ الغنوشي: أحييكم وجمهور قرائكم الكرام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأشكركم على التهنئة اللطيفة بما حباني به إخواني العلماء والدعاة وقادة الفكر من ثقة وحسن ظن، أسال الله الكريم الرحيم أن يجعلني أهلا لهما فأؤدي الأمانة في خدمة الإسلام وأمته على أفضل وجه.

أعتبر اختياري بهذه النسبة العالية جدا من قبل المئات من علماء الأمة وأخيارها جاؤوا من أقطار الأرض، عمداء لكليات شرعية ورجال إفتاء ومراجع اجتهادية وأئمة خطباء أعلام وباحثين في الفكر الاسلام وعلوم الشريعة، هو من ناحية تعبير عن تحوّل هائل وسط الراي العام الاسلامي ضد تيارات التشدد لصالح فكر التجديد والوسطية الذي تعد حركة النهضة ورموزها أحد أبرز وأسبق الحاملين له المبشرين به والمنتجين فيه .وهو ما يفسر انتخاب رموز تجديدية مثل منير شفيق وفهمي هويدي وسليم العوا وغيرهم ، وعلى رأسهم ولا شك مؤسس الاتحاد ورأسه زعيم مدرسة الوسطية والتجديد المعاصرة شيخنا القرضاوي بارك الله له في عمره. إنه نوع من الاعلان الصريح عن انقضاء الزمن الذي طالما غمز فيه من قناة النهضة ورموزها ، فشنئت بالعلمانية والانحراف من قبل قوى التشدد، بما يجعل هذا الاختيار بهذا الحجم وما لقيته من ضروب التكريم والترحيب من إخواني العلماء والمفكرين ممن لا أعرف غير القليلين منهم نوعا من رد الاعتبار للنهضة ولرئيسها، بسبب ما يعلمون مما تعرض له والنهضة من حملات استئصالية شعواء من قبل حملة لواء التشدد من كل ملة، المسلم منهم والحداثوي على حد سواء، وبالخصوص من أهل وطني الحبيب ممن راهنوا على استئصالنا وإنكار كل فضل لنا فيما تتمتع به بلادنا من قدر من الامن والاستقرار، وهذا الجحود لا يقتصر أمره على أهل الحكم وهم عدو لكل معارض جاد وإنما يشمل قطاعا واسعا من "أهل الثقافة" ممن كلما اقتربنا منهم شبرا نأوا عنا ذراعا ،وكلما نظّرنا لتونس تتسع لكل أبنائها وبناتها كلما لجّوا في التأسيس والتبشير بتونس لا تتسع إلا للاستئصاليين وأعداء العروبة والإسلام ، ينتهي أمرها ماخورا في المتوسط يتمول من بيع الأعراض في أسواق الخناء، في إصرار عجيب على حشرنا ظلما وعدوانا في خانة أبدية خانة الإرهاب والأصولية والخطر على التقدم والحداثة والديمقراطية!!.

شيخ راشد. إذا كانت مؤسسة العلماء والفقهاء والمفكرين والمثقفين في تاريخنا الإسلامي هي قلب الأمة وبوصلتها الهادية إلا في فترات استثنائية معروفة فإلى أي حدّ يمكن أن يكون ذلك هو الدور الفعلي لإتحاد العلماء في ضوء الوضع الراهن للأمة التي يغلب عليها التمزق السياسي وعلوية أصحاب القرار السياسي والنفوذ المالي على حساب أسبقية أولي العلم والفقه والمعرفة والثقافة من مؤسسات المجتمع المدني؟

الشيخ الغنوشي:الاسلام هو مؤسس هذه الأمة وروحها وعقلها وشريعتها وخلقها ومستقبلها وحظها بين الأمم والحضارات، وكل شيء جميل في حياتها، ولذلك كان من الطبيعي أن تتحدد مكانة كل فئات الامة – في الأوضاع السوية- بحسب موقعها منه، فلا عجب أن يكون العلماء العاملون به في الطليعة وقمة الهرم الاجتماعي في الأمة، حتى ذهب جل المفسرين أن العلماء هم أولياء الأمور الذين أمر الله الأمة بطاعتهم " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"فعطفت طاعتهم على طاعة الله ورسوله، ولذلك عدت الفترة المثالية في تاريخ الإسلام فترة الرشد أو الخلافة الراشدة هي الفترة التي كان فيها اللقاء صميما بين الدين والسياسة إذ كان الحكام علماء مجتهدين فكان المسجد قلب المجتمع وعاء لكل مناشطها الدينية والدنيوية، وحتى لمّا توزعت الوظائف بعد الانقلاب على الخلافة الراشدة فكانت وظيفة العلم والاجتهاد غير وظيفة السياسة وتصارعا صراعا دمويا لم يلبث الامر أن استوى على معادلة وفاق بين العلماء والحكام وهي الفترة الأطول التي حكمت تاريخنا. ومع أن الحكم تحول من الشورى إلى الانفراد والاستبداد والوراثة، إلا أن دور العلماء حال دونه والتحول إلى حكم شمولي متأله. نعم منحه العلماء شرعية الأمر الواقع حفاظا على وحدة الأمة التي جعلوا لها الأولوية على قيمة العدل، ولكنهم مقابل ذلك حرموا الحكام من سلطة التشريع ، فالتشريع الأعلى لله ربّ العالمين وهم الموقّعون عنه (حسب تعبير ابن القيم)المفسرون للوحي المترجمون له ولمقاصده في أنظمة مجتمعية لا سلطان للحاكمين عليها، وبذلك لم ينشأ في تاريخنا الحاكم ظل الله في الأرض ولا الكنيسة التي تبيع صكوك الغفران ، كما أن العلماء حرموا الملوك من التسلط على القضاء ، إذ اشترطوا في القاضي أن يكون عالما مجتهدا فكان القضاء مستقلا إلا في ما تعلق بالنزاع على السلطة، كما استقل العلماء بالسلطة الثقافية ، سلطة تعليم الأمة واستحدثوا لدعم سلطانهم الضخم مؤسسة الوقف العتيدة التي تولت تمويل مشاريهم المجتمعية التي تغطي كل حاجات المجتمع الضرورية والحاجية والتحسينية، بما حد من تدخل الدولة ووهب المجتمع الأهلي(المدني )سلطة ضخمة جدا حصرت سلطان الدولة في المسائل التنفيذية الأمنية وحماية الثغور، فكان الحكم في واقع الأمر شراكة بين العلماء والحكام حتى أن ملكا يذهب وآخر يأتي ومهما بلغ اضطراب الحكم تظل مصالح المجتمع مستقرة قائمة ، فكان التعليم في جامع الزيتونة أو الأزهر لا يتأثر بما يحدث من أخلال في المجال السياسي ، فكان الحكام أقرب الى كونهم سلطة تنفيذية للعلماء. هذه الشراكة التي حكمت تاريخنا في مداه الأطول وضع الاحتلال الغربي لها نهاية ، فارضا بديلا عنها نموذج الدولة القطرية الشمولية التي حولت العلماء إلى مجرد موظفين صغار إذ صادرت الوقف وأممت المساجد وتحكمت في التعليم والقضاء والتشريع ، بل ابتلعت المجتمع كله وشلّت أو كادت كل عناصر قوته وإمكانات اعتراضه. هذا هو الوضع التي تأسس في إطاره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين باعتباره مؤسسة من مؤسسات المجتمع الأهلي تعمل مع غيرها لرفع وصاية الدولة على الدين وتحكمها المطلق في المجتمع ومصيره. مؤسسة تعمل مع أمثالها من مؤسسات المجتمع الأهلي على استعادة الوحدة الدينية والثقافية لمجتمعاتنا على أساس الوسطية السمحاء بمنأى من كل ضروب التشدد والتكفير والإقصاء والتحلل والإرجاء.

شيخ راشد. لأي سبب لا تمثل تونس في هذا الاتحاد وكذلك في مؤسسات علمية وفقهية أخرى مهمة من مثل المجلس الأروبي للإفتاء والبحوث بأي عالم ولا فقيه ولا مفكر ولا مثقف واحد؟


الشيخ الغنوشي: الاتحاد مؤسسة للإسلام ، للشعوب، لا للدول ، فليس فيها تمثيل ولا نفوذ حاسم لأي دولة ، ومثلها المجلس الأروبي للإفتاء. ومع ذلك فإن أعضاء الأمانة العامة للاتحاد التي تتكون من خمسين عضوا ثلاثون منهم منتخبون من الجمعية العمومية، إذ يجتمعون بعد انتخابهم مباشرة ليختاروا أمينا عاما وليستكملوا بالتوافق اختيار عشرين عضوا بالتوافق فيما بينهم ، في محاولة لملء الثغرات التي لم تملأها العملية الانتخابية فيحرصون على تمثيل دول كبرى لم يتم انتخاب عالم منها أو إلحاق علماء معتبرين لم يتم انتخابهم ، فاجتمع الثلاثون المنتخبون مباشرة وانتخبوا أمينا عاما هو الشيخ علي الكرداغي، عراقي مقيم في قطر وأحد أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي إنتاجا وممارسة، كما اختاروا عضوين من الهند وآخر من الصين وآخر من روسيا وعضوا من نيجيريا وعضوا من الجزائر.. ولا تزال قائمة العشرين مفتوحة. وفي هذا المعنى للتمثيلية الشعبية تعد تونس ممثلة وزيادة، فمنها عضوان، الدكتور عبد المجيد النجار، إلى جانب المتحدث.أما إذا كان القصد أنه مقابل حضور وفود كبيرة من بلدان أخرى تجاوز عددهم من مصر- مثلا- مائة وخمسين وأكثر من عشرة من الصين وحوالي عشرين من المغرب، بينما لم يحضر من التونسيين إلا المقيم في خارجها أما من داخلها فلم يحضر أحد . هذا صحيح ومؤلم وملفت للجميع ، ودلالته واضحة على الآثار المدمرة التي تركتها الحملة الآثمة على الإسلام وأهله ، وراءها ، تحت لافتة الحرب على الإرهاب ، بما جعل الخشية حقيقية أن تلصق هذه التهمة بكل تونسي يشارك في مؤتمر إسلامي شعبي أو أي مؤتمر آخر، فقد تلاحقه تهمة المشاركة في أعمال إرهابية أو الإساءة الى أمن تونس الاقتصادي أو غيره. هذا وضع شاذ ومؤس أن تغيب تونس من بين كل الدول العربية والإسلامية وحيثما وجدت أقليات مسلمة في أقطار الأرض .

شيخ راشد سؤال أخير. برزت في المؤتمر الأخير مشكلة التمثيل الشيعي مرة أخرى من خلال ما شهدته بعض جلسات المؤتمر من سوء تفاهم بين كثير من المؤتمرين والشيخ التسخيري الذي اضطر إلى الاستقالة وعوض بفقيه آخر. كما برزت مشكلة التمثيل الزيدي. ألا يخشى أن يظل الاتحاد شبه مقصور على تيار سني واحد بغياب التيار السلفي من جهة وعلى تيار مذهبي واحد ( دون اعتبار الأباضية الممثلة) بغياب الزيدية من جهة أخرى؟

الشيخ الغنوشي:الخشية محتملة ، ولكن الجميع يبدون حرصا على الجماعة ، على الوحدة ، بمن فيهم ممثل المذهب الزيدي الذي احتج بقوة على تغييب مذهبه ذاكرا أن المذهب مطحون من الشيعة الإمامية، معدودا عندهم شيعيا فيتجاهلونه بالاحتواء، ومعدودا في نظر السنة سنيا، فيعملون فيه نفس الآلية، وكان جواب المنظّمين للمؤتمر إقرارا بحق المذهب واستعدادا لتلافي هذه الخلل المتسبب فيه عدم اتفاق الزيدية على من يمثلهم، وظهر ذلك حتى داخل المؤتمر إذ تصدى زيدي آخر للمتحدث باسم المذهب إنكارا عليه ذلك. أما السلفية فكانوا موجودين بتيارهم المعتدل ممثلا بالشيخ سلمان العودة الذي تم انتخابه في الرتبة الثالثة من بين أعضاء الأمانة العامة. إلا أن تيارا من السلفية المتشددة يرفضون الاشتراك في أي مؤسسة تضم منتميا الى المذهب الشيعي ، إذ هم قد يكفرونهم وقد يعتبرونهم الخطر الأعظم على الأمة ، بل أخطر من الكيان الصهيوني ، من هنا كان رفضهم الانتماء إلى الاتحاد، وهم يستغلون عموم الرأي العام السني المستبشع للسياسة الإيرانية الطائفية في العراق، لتغذية الحملة على عموم التشيع وفساد مقالاته في الأصحاب الكرام وأمهات المؤمنين لإفشاء دعاوى التكفير لعموم التشيع ، وللتبشير ببديل عن مؤسسة الاتحاد العالمي أطلقوا عليها "الاتحاد العالمي لأهل السنة والجماعة" وإن كان بعض دعاته يعتبره مؤسسة من مؤسسات الاتحاد خاصة بعد تنحّي الدكتور العوا عن الأمانة العامة للاتحاد المتهم بمناصرة إيران، واستعفاء الشيخ التسخيري المتهم بالطائفية، وتم تعويضه بآية الله الواعظي رئيس مؤسسة التقريب. وأيا كان الأمر فقد توفّق الاتحاد حتى الآن في المحافظة على صفته الإسلامية العالمية الجامعة لكل المذاهب الحريصة على الوحدة الإسلامية والرافضة لمنهج التشدد والتكفير والإقصاء تحت أي لافتة كانت. وهذا امتحان لمدى وعي وقدرة قادة الاتحاد الكبار بأخطار التشظي والتمزيق التي يستهدف بها الأمة النظام الدولي برعاية إسرائيلية يمينية إمبريالية. إن إدارة اختلافات الأمة سلميا في إطار الوحدة والشورى المحك الأساسي لمدى تجاوز مواريث الانحطاط وعلامة التحضر الأساسية ، وهو تحد لا يزال قائما وعملت التوجهات السلفية المتشددة في تحالف غير مكتوب ولا واع مع المخططات الصهيونية والإمبريالية على إحيائه واستحضاره وإعماله في تمزيق الأمة ، إلا أن الثابت أن هذه التوجهات اصطدمت مع وعي الشعوب وفشو تيارات الاعتدال في أوساطها ، فأخذت طريقها إلى الانحسار، وهذا المؤتمر الضخم شاهد." والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

شكرا للشيخ راشد على ما أولانا به في هذا الحوار رغم كثرة مشاغله.

الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.