تبلغ نسبة الاقتطاع لحوادث الشغل والأمراض المهنية في قطاع البناء والأشغال العامة 4 بالمائة من قيمة الأجر الخام، وتعد من أرفع الاقتطاعات المهنية، غير أن نسبة هامة من العمال في حضائر البناء الصغيرة ( أشغال تصليح أو تعديل في الشكل أو أشغال بناء المنازل) لا ينتفعون بهذه التغطية الاجتماعية، رغم أنهم الأكثر عرضة لحوادث الشغل والأمراض المهنية وبالتالي لا يخضعون لأي مراقبة، ولا يعملون ضمن شروط السلامة المهنية. وفقا للسيد يونس غجاتي مستشار في التصرف في الموارد البشرية لدى المؤسسات يعود غياب العمل بالتغطية الاجتماعية في أشغال البناء والحضائر ذات الحجم الصغيرة الى محدودية الوعي بأهمية التغطية في صفوف العمال الذين يفضلون الترفيع في الأجر على الاقتطاع منه لفائدة إحدى الصناديق الاجتماعية، الى جانب أهمية نسب العاملين في القطاع وفقا لقانون السوق السوداء ويمثلون 20 بالمائة وهي نسبة تكسب المشروعية لقانون التشغيل على حساب قانون الشغل فوضع حد للعمل غير القانوني يفضي حتما الى تراجع في نسب التشغيل. ويضيف أن أغلب العاملين في الحضائر الصغيرة لهم ثقافة قانونية تشغيلية منقوصة وتربطه برئيسهم في العمل علاقات اجتماعية قوية تمنعهم من المطالبة بحقوقهم. كما أن عدم الاستقرار في حظيرة بناء واحدة تكون عند العامل فكرة عدم قدرته على التمتع بحقوقه المهنية، في حين أن لكل عامل الحق في التغطية الاجتماعية حتى ولو مارس عمله لمدة يوم واحد.
غياب المراقبة يعمل السيد منجي كعامل صنف أول في قطاع البناء منذ15 عاما ليس له تغطية اجتماعية وطيلة مشواره المهني لم يخضع لأي نوع من المراقبة أو الارشاد من طرف متفقدي الشغل. أما السيد محمد حسني رئيس حظيرة بخبرة تتجاوز ال35 سنة فيرى أن مسألة التغطية الاجتماعية تعتمد في شركات المقاولات الكبرى فقط. أما بالنسبة للحظائر الصغرى التي تخضع لمنظومة «الوفقة» فأصحابها يسعون الى تحقيق الربح الأقصى ومنافسة بقية المقاولين لذلك يضغطون على الكلفة بإسقاط قيمة التغطية الاجتماعية...وفي حالة وقوع حادث شغل يتم الاعلام عن العامل المصاب وكأنه التحق حديثا بموقع العمل. ويشير السيد المولدي الجندوبي من اتحاد الشغل أن التغطية الاجتماعية حق من حقوق الانسان الرئيسية مثلها مثل المواطنة وعلى السلطات المعنية أن تتناولها بالطرح عند انطلاقها في معالجة أنظمة الصناديق الاجتماعية خاصة أن المسألة تهم فئة كبير من المهنيين. بالنسبة لأحد متفقدى الشغل فإن التقصير في مراقبة قطاع البناء والأشغال العامة أمر يصعب تجاوزه، فلا يمكن لمتفقد الشغل اكتشاف المخالفة ان لم يبادر عامل البناء بالابلاغ عنها. كما أنه من المستحيل زيارة « الشوانط» الصغيرة أولا لكثرتها وثانيا لأنها «خفية».
مبادرة شخصية يرى السيد يونس غجاتي أن المبادر الشخصية من طرف كل العاملين في مجال البناء والأشغال العامة لضمان التغطية الاجتماعية أمر ملح جدا وهو السبيل الوحيد الذي سيمكن من تحقيق نسبة تغطية اجتماعية عالية (توصيات رئاسية بتحقيق نسبة تغطية ب98 بالمئة سنة 2014). وأضاف أن الترفيع من مستوى الوعي للعمال يكون من دور الهياكل المختصة مثل طب الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الشغل وتفقديات الشغل.. وذلك عن طريق تخصيص لجانتوعوية تقدم النصح والارشاد للناشطين في قطاع البناء والأشغال العامة.