حرارات الصيف المحرقة تضطر الكثير من التونسيين للبحث عن المكيفات حسب الطلب. منى يحي من تونس لمغاربية
[Fethi Belaid/AFP/Getty Images] أب تونسي يمشي مع ابنتيه بحثا عن نسيم الصيف. مع ارتفاع درجات الحرارة، ينطلق التونسيون في البحث عن أنجع السبل، للتخفيف من حدة القيظ إما بشراء الأجهزة المكلفة أو الشواطئ الباردة. ورغم ارتفاع تكلفة فواتير تشغيل مكيفات الهواء سواء في المنزل او السيارة، فإن الإقبال على شراءه او تشغيلها أصبح ضروريا في أكثر من منزل. عماد الدامي، موظف يقول لمغاربية "في الصيف تتضاعف فاتورة الكهرباء ثلاث او أربعة أضعاف، لكن هذا خير من الحرارة". اما المحلات التجارية و المغازات الكبرى، فتنطلق قبيل فصل الصيف في تقديم عروض مغرية للمكيفات التي تعرف رواجا خلاله. صاحب متجر لبيع الآلات الكهربائية يقول "التونسي أصبح يبحث عن الراحة والرفاهية ولو كان ذلك على حساب التداين و إنهاك جيبه بمصاريف موازية. لكن و في المقابل و أمام درجات حرارة قد تصل الى 40 درجة يكون البحث عن البرودة شيئا ضروريا مهما كان الثمن". و الى جانب الإقبال على شراء المياه المعدنية الباردة والمثلجات والعصير الذي قد يخفف من شدة القيظ، ، فإن شريحة أخرى من التونسيين، تختار الذهاب الى الشواطئ مباشرة بعد العمل، او الاصطياف في شقق على البحر، و تشكل السهرات الليلية في المقاهي و المنتجعات السياحية وعلى شواطئ البحر حلا إضافيا للهروب من الحرارة. منية مرداسي، طالبة تقول "لا يمكن تحمل البقاء تحت تلك الحرارة ليلا او نهارا، فكل يوم نخرج للسهرة او لنتفسح بحثا عن نسائم الصيف التي قد تأتي و قد لا تأتي". الحدائق العمومية و الساحات و النافورات تكون خلال هذه الفترة، ملجأ للعائلات ذات الدخل المحدود، حيث تتجمع العائلة حاملة معها بعضا من المرطبات و الماء و المشروبات الغزية، لقضاء سهرة على حافة النافورة او فوق عشب الحدائق العمومية البارد. اما المهرجانات الصيفية فهي قد تبدو حلا آخر للتونسيين للهروب من الحرارة و قضاء سهرة رائقة على أنغام الفنانين و الموسيقيين التونسيين و العرب. و تكاد لا تخلو مدينة تونسية من مهرجان فني صيفي. لكن اذا كان سكان السواحل يجدون الحل في الشواطئ و النزل للهروب من حرارة الطقس، فإن لسكان الجنوب التونسي حلا آخر يتمثل في منازل "الغيران" و هي عبارة عن مساكن تحفر مباشرة وسط الجبال وقد يصل عمقها من 5 الى 10 امتار و عرضها 5 امتار، و تكون باردة صيفا و دافئة شتاءا. سليمان، أصيل منطقة شنني من مدينة تطاوين بالجنوب التونسي يقول" كل الأجيال المتعاقبة محافظة على هذا النمط من البناء. في الصيف دراجة الحرارة هنا لا تتجاوز 25 درجة في حين في الخارج قد تصل الى 40 درجة". سكان الجنوب التونسي و خاصة بتطاوين و غمراسن يواجهون الحرارة منذ مائة السنين بهذا النوع من المنازل، و حتى بعد تطور البناء، فإن سكان المنطقة يحرصون على بناء "الغيران" الى جانب المنازل الحديثة. الغيران تستعمل ايضا في تخزين "العولة" أي المئونة من قمح و شعير و زيت. كما يستعمل سكان الجنوب الأواني الفخارية لخزن المياه حتى تبقى باردة طوال الطويل. حسن يقول "هنا نحن نملك الآلات الحديثة كالثلاجة و المكيف، لكننا نحرص على استعمال مورثنا الثقافي و الحضاري. فالماء المخزون في الأواني الفخارية يحافظ على برودته و مذاقه الطبيعي و التكييف الطبيعي يقيك من مخاطر آلام الظهر و الصداع الناجم عن التكييف الكهربائي".