لئن كانت مياه الأمطار والسيول التي اجتاحت مناطق الوسط الموريتانية قد خفت حدتها –ولو مؤقتا- فإن أضرارها البالغة وتداعياتها الجسيمة على مناطق واسعة من البلد آخذة في التكشف والظهور. ورغم أن الجهات الحكومية لم تعلن حتى الآن إحصائيات رسمية لهذه الخسائر والأضرار، فإن سكان المنطقة يتحدثون عن أضرار بالغة خصوصا في "مصادر العيش"، كما يبدون تخوفهم من تفاقم هذه الخسائر، ولا سيما أن فصل الخريف ما زال في بدايته، وأن مياه السيول ما زالت مستمرة في التدفق من حين لآخر.
استمرار تدفق مياه السيول يهدد بالأسوأ (الجزيرة نت) منطقة منكوبة يعتمد سكان مدينة كامور -التي أسست في العام 1936، والتي تعتبر إحدى أكثر المناطق تضررا من مياه الأمطار والسيول- على حقول النخيل وأودية الزراعة في الحصول على أقواتهم ومعاشهم.
وهي ثروة أصيبت "في مقتل" بحسب ما قال عمدة كامور للجزيرة نت حيث إن نحو 270 حديقة نخيل قد جرفتها السيول مما يعني أن "مصادر" عيش الناس في كامور باتت مهددة.
وقالت سيدة -منعتها المياه من الوصول إلى حقلها- للجزيرة نت إنها "لا تدري أين تذهب ولا كيف تتصرف خصوصا أن اعتمادها فقط كان على الزراعة في ضفاف النخيل".
وتساءل عمدة كامور "ما الذي يمنع السلطات الرسمية من إعلان كامور منطقة منكوبة، بعد تشرد نحو ثمانين أسرة من سكانها، وعزل بعض القرى التابعة لها، وتحطم جسرها الذي هو شريان الحياة لجزء كبير من مناطق موريتانيا؟".
انقطاع التموين ورغم أن مناطق الوسط الموريتانية كانت هي التي اجتاحتها السيول الأيام الماضية، فإن الضرر لم يقتصر عليها، بل تجاوزها خصوصا إلى مناطق الشرق الموريتاني التي شهدت بعد هذه السيول أسوأ موجة تموين تعرفها المنطقة منذ عقود.
مئات الشاحنات المحملة بأنواع المواد التموينية والأدوية وأنواع البضائع ما زالت ترابط ولأيام بعد أن تقطعت بها السبل إثر تحطم جسر كامور الذي يعتبر المنفذ الوحيد لعبور الشاحنات والسيارات ذات الوزن الثقيل إلى المناطق الشرقية، وإلى دولة مالي المجاورة.
تحطم جسر كامور حال دون وصول الشاحنات إلى شرقي البلاد (الجزيرة نت) ولم تفلح جهود شركة لصيانة الطرق في فتح طريق فرعي بجانب الجسر، كما حدث يوم أمس حين تمكنت الشركة وبعد جهود استغرقت عدة أيام من إقامة طريق رملي بجانب الجسر عبر من خلاله عدد من الشاحنات، لكن مياه السيول عادت في المساء لتجرف أغلب جوانب هذا الطريق وأدت إلى انقلاب شاحنة محملة بالبضائع.
وتبدو المأساة هنا مزدوجة، فانقطاع التموين عن شرقي البلاد أدى إلى ندرة بعض المواد، وارتفاع جنوني للأسعار في بعض هذه المناطق، وتسبب في مضاربات تجارية واسعة في أول أسابيع الشهر الكريم.
كما أن معاناة سائقى وطواقم هذه الشاحنات تفاقمت بعد نفاد ما حملوه من مؤن وتلف الكثير من البضائع التي يحملونها خصوصا الفواكه والخضراوات التي توجهت بها هذه الشاحنات في أول أيام رمضان إلى شرقي البلاد.