تونس: الأطباء النفسانيون وعلماء الاجتماع يطالبون بعزل الطفل والمراهق عن تلفزة رمضان! كل الأعمال الدرامية - أو بعضها - يخوض في مسائل الجنس والعلاقات غير الشرعية قبل الزواج تماما كما يخوض في مسائل الدراسة وضرورة أن نذهب إلى المعهد والكلية لكسب العلوم والمعارف. وقد زاد الطين بلة الوقت الذي تبث فيه مثل هذه الأعمال، فهذا الوقت الذي نصفه ب "وقت الذروة" يجعل فرص التقاء كل أفراد العائلة من شيوخ وأطفال ومراهقين وكهول حول مسلسل «جريء» جد واردة إن لم نقر بأنها أكيدة.
أعمالنا الدرامية - أو بعضها - خاض هذه السنة في مسألة العلاقات الجنسية غير المشروعة بإطناب، فشاهدنا الحامل من غير زواج وشاهدنا أيضا المتنقلة بين الشبان برشاقة تفتك ذاك المتزوج من قرينته لتورطه في علاقة «فراشية» تظهر بعض تفاصيلها على الشاشة.. وشاهدنا أيضا العلاقات الحرة بين الرجل والمرأة، إذ يمكن للمرأة - كما الرجل - أن تجمع بين رجلين.. هذه الحكايات وغيرها صورتها «كاميرا» بعض المسلسلات ومررها المخرجون بدعوى ضرورة الانفتاح على الواقع دراميا.. جميل أن ننفتح على الواقع وفي شهر له خصوصيته أيضا، ولكن علينا فيما بعد أن نتحمل مسؤولية هذا الانفتاح، وعلينا ألا نتفصى من مسؤولية معالجة النتيجة. هذه النتيجة يتحملها الطفل والمراهق في درجة أولى، وتنعكس على بقية العائلة في وقت لاحق. ماذنب الطفل حتى ينخرط في الفرجة على أعمال لا تصور واقعه ولا تحرص على مراعاة ظروف نفسيته ونشأته؟ وما الذي يمكن فعله لتجاوز ذلك؟
لابد من إبعاد الطفل..
المختصون في علم النفس والاجتماع يطالبون بإبعاد الطفل ونصح المراهق بضرورة الابتعاد عن هذا الصنف من الطرح الدرامي، لأنه يسيء لنفسية الطفل ويسهم في تغير سلوك المراهق ويؤثر عليه أحيانا إلى حد التماهي والتوحد في النماذج المعروضة أمامه.
ويقول الدكتور عماد الرقيق المختص في علم النفس «تحدث لبعض الأطفال أحيانا رجة نفسية نتيجة لما يشاهدونه أمامهم ويعتبرونه شرعيا لأنّ الوالدين لا ينهران ولا يطالبان بأن يغادر الطفل أو يمتنع عن المشاهدة.. نتيجة لذلك يطلع هذا الطفل على هذه المضامين وعن غير وعي منه تلتصق بجانب اللاوعي لديه، فيتماهى معها ويشرع في تقليدها.» ويواصل محدثنا «ومع تكرر مثل هذه الأعمال في تلفزتنا يغادر الطفل منطقة النقاء الروحي وتتضرر رومانسيته في السنوات التي يكون فيها مطالبا بالحفاظ على قسط هام منها..»
الاستبطان يولّد الكوارث..
يشير السيد منصف وناس (المختص في علم الاجتماع) إلى ضرورة أن تعي العائلة جدية الوضع، فليس صحيحا أنّ الطفل والمراهق مطالب بالاطلاع على تفاصيل الواقع عبر الأعمال الدرامية، إذ من المحتمل أن تسهم هذه الأعمال في تردّي سلوك النشء، وعلميا أمكن للدراسات الاجتماعية الحديثة أن تؤكد ذلك وتبرهنه. ويضيف محدثنا «مع «النهم» الذي تعيشه بعض الأسر إزاء الفرجة على الأعمال الدرامية بمختلف أشكالها وألوانها، يصبح من الضروري أن يعي الأولياء ضرورة عزل أبنائهم عن بعض ما يشاهدون والاّ فإنّهم سيستبطنون بعض الأفكار الصادمة بالنسبة لهم وسيقتدون بها في سلوكهم الاجتماعي بمرور الوقت ويتم ذلك عادة عن غير وعي وقد يولّد الكوارث السلوكية في معظم الأحيان».