تحولت شوارع العاصمة في الأسبوع الأول من شهر رمضان إلى فضاء مفتوح للانتصاب الفوضوي عبر انتشار العديد من الباعة الذين يعرضون أنواعا متعددة ومتنوعة من المنتوجات مجهولة المصدر. وبرز هذا المشهد جليا خاصة في عديد الساحات و منها ساحة برشلونة التي تعرف حركية كبرى طوال اليوم بحكم موقعها و و جود عديد محطات النقل فيها ،حيث اتخذ عشرات الباعة من هذا الفضاء مكانا لهم لعرض منتوجات مُخصصة للاستهلاك النسائي وبالتحديد مواد تجميل وعطورات وحتى مستلزمات الزينة إضافة إلى عرض مستلزمات المنزل من مواد بلاستيكية وورقية وغيرها إلى جانب الثياب والأحذية والطرابيش ولعب الأطفال ،كما تعرض على قارعة الطريق مواد غذائية كالشكلاطة والحلوى وكلها بأسعار راقت للعديد من المواطنين الذين وجدوا ضالتهم في اقتناء المنتوجات بأثمان لا تقبل المنافسة وفي ظرف يبحث فيه المواطن عن بضاعة تتناسب وقدرته الشرائية بعد الغلاء في الأسعار الذي ألهب كل مستلزمات الحياة. باعة لفحت وجوههم أشعة الشمس الحارقة افترشوا الأرض لعرض بضاعتهم أو بعض الألواح التي حولوها إلى طاولات مرتفعة نسبيا،و متلاصقة و إن اختلف المالك من واحدة على أخرى لأنهم متضامنون''ضد البطالة و الفقر و استهتار السلطة'' على قول أحدهم. ترتفع أصواتهم لتملأ الشوارع و الساحات التي احتلوها لتصل إلى المسامع ،عين على البضاعة و أخرى على الحرفاء أمامها و ثالثة تراقب الحركية و تترصد الشرطة البلدية التي قد تتسامح أحيانا و قد تحجز كل المعروض بلا نقاش أو حتى تردد ...و البضاعة المعروضة تغري بالألوان و الأشكال لكن أبسط ما يقال عنها أنها لا تستجيب لأي شرط سواء منه الصحي أو الاقتصادي أو الجمالي أوغيره، و رغم ذلك يصطف أمامها العشرات من المواطنين وخاصة من النساء اللائي تجمّعن حول الباعة لمشاهدة هذه المنتوجات ومعاينتها عن قرب،لأسباب عدة لعل أبرزها التهاب الأسعار و تردي المقدرة الشرائية للمواطن الذي ترغمه الظروف على التغاضي عن الشروط الصحية. حركية كبرى و جلبة قد تحتد خلال الشهر الكريم لكنها لا تنقطع بقية أشهر السنة في مشهد يومي صبغ المدينة و غير لونها و طابعها،و تسبب في ازدحام المكان القريب من محطة الأرتال ببرشلونة وتعطيل حركة المرور منه و إليه هذا دون أن ننسى طبعا الحركية الموازية ل''النطارة'' و المنحرفين الذين يجدون في مثل هذه الفضاءات الجو الملائم لممارسة هواياتهم و ''العمل'' أيضا،كما لا تتخلف عن المشهد ''عصابة المتسولين''الذين تسول لهم أنفسهم ابتزاز المشاعر و المال في مثل هذه المناسبات . تونس العاصمة تحولت بعد الثورة إلى سوق أسبوعية يومية مفتوحة،لا تهدأ سوى بعض ساعات الليل ،مما دفع أصحاب المحلات ،الذين انضاف إليهم كساد من نوع آخر ،حيث أقبل المواطن على ما يعرض في''النصب'' و هجر المحلات التجارية، فنفذوا وقفة احتجاجية أمس الثلاثاء 17 جويلية 2013 أمام مقر ولاية تونس.