تركزت اهتمامات العائلات التونسية منذ أسبوع على محلات بيع «الزقوقو» والفواكه الجافة للتزوّد بحاجاتها احتفالا بالمولد النبوي الشريف. "التونسية" تجوّلت في شوارع العاصمة وتحدثت مع بعض المواطنين والتجار حول الأسعار والاكتظاظ واللهفة فكان الريبورتاج التالي: وسط غمرة الازدحام الشديد والدوس على الأقدام والضرب بالمناكب وقفت طوابير من الناس تتدافع يمينا وشمالا لاقتناء «الزقوقو» ومستلزمات المولد، وكلّما اشتد الزحام كلما علت أصوات وهتافات الباعة لجلب أكبر عدد من الحرفاء إلى جانب تذمرات المواطنين، فهذا يتذمّر من طول الانتظار وشدة الازدحام وذاك من غلاء الأسعار واللهفة. وبين هذا وذاك وقفت السيدة نبيهة ونيس تنتظر دورها أمام محل لبيع «الزقوقو» عرض صاحبه بضاعته في بهو خاص فتجمّع حولها المواطنون من كلّ حدب وصوب والكل انبرى يتزوّد من هذه المادة وكأنّها ستنفذ من الأسواق... تقول نبيهة إنّ الأسعار تقفز بين الفينة والأخرى، فمنذ أسبوع بلغ سعر الكلغ الواحد من «الزقوقو» 16 دينارا ليبلغ اليوم (أمس) 20 دينارا ورأت في ذلك استغلالا فاحشا من طرف الباعة وأصحاب المحلات، وعن أسعار الفواكه الجافة تقول نبيهة إنها مجحفة رغم أنها كانت ترى في اختيار آخر يوم للتزوّد بحاجاتها فرصة لتراجع الأسعار. انفلات في الأسعار وبينما خيّرت نبيهة آخر يوم لاقتناء «الزقوقو» ورأت في ذلك فرصة فقد كان للسيد مصدق المصراتي رأي مخالف إذ يرى أنّها فرصة التجار للاحتكار والمضاربة بالأسعار ويعود ذلك حسب رأيه إلى غياب المراقبة الاقتصادية. وعن أسباب تحمّل طول الانتظار يقول مصدّق: «هناك من يحبّذ الزحمة والتدافع لاقتناء حاجياته وهناك من يقف وسط الطوابير ولا يقتني شيئا في نهاية المطاف". ومن جهته أكّد الشاب شمس أنّ الأسعار تشهد بدورها انفلاتا كبيرا خلال هذه الفترة خاصة في محلات بيع «الزقوقو» والفواكه الجافة في حين اعتبر محمد الحساني أنه رغم ارتفاع الأسعار فإن التونسي ليس لديه أي خيار أمام «صحفة العصيدة". "التونسي يبكي ويشكي ويشري" ! رغم غلاء الأسعار ورغم تذمّر التونسي المستمر، يقول سفيان حسناوي «التونسي يبكي ويشكي ويشري» ويضيف أنّ سلوك اللهفة متجذر لدى التونسي بل زاد في تعميق الأزمة.ومن محلات بيع «الزقوقو» انتقلنا إلى محلات بيع الفواكه الجافة حيث شهدت الدكاكين عشية ذكرى المولد النبوي الشريف حركية كبرى وتنوّعت المعروضات وكثر اللغط والصياح وتعالت نداءات الباعة. اقتربنا من دكان «حكيم» الذي اختار جلب انتباه حرفائه بتزويق محله بما لذّ وطاب من الفواكه الجافة، وعن الأسعار ولهفة التونسي يقول حكيم إنّ الأسعار شهدت ارتفاعا مشطا بعد الثورة، فبعد أن كان سعر الكلغ الواحد من البوفريوة لا يتجاوز 12 دينارا أصبح اليوم في حدود 18 دينارا كذلك الشأن بالنسبة لسعر الفستق الذي ارتفع من 18 دينارا إلى 36 دينارا والجوزة من 18 دينارا إلى 28 دينارا. وعن الأسباب يكشف محدثنا أن الفواكه الجافة كانت سابقا تهرّب إلى بلادنا بطرق غير شرعية وبعد الثورة ارتفعت نسبة الأداءات الموظفة على هذه المادة وهو ما يبرّر ارتفاع أسعارها. أمّا عن الإقبال فيعتبر محدّثنا أنّ المحلات تشهد حركية كبرى خلال اليومين الأخيرين ورغم ارتفاع الأسعار وحيرة المواطن فإن الإقبال متزايد، ويقول محدثنا إنّ العديد من الحرفاء يخيّرون تفادي الزحمة والاكتظاظ واقتناء «الزقوقو» والفواكه الجافة بعد المولد. وفي حين خيّرت الدكاكين والمحلات عرض «الزقوقو» وكافة أنواع الفواكه على واجهات محلاتها فإن بعض الفضاءات لم تتردّد في عرض علب للعصيدة الجاهزة وهو ما جنّب الكثير من النساء عناء الطّهي.