أحترق غضبا..أختنق ألما.. و أسترقُ نظرة مترددة نحو صورتها المعلقة، أبحرتُ في تقاطيعها، نمتُ بين أمواج شعرها الليلكي، تلك السمراء الغجرية... تلك التي سقتني الوهم الصادق، و التي أنجبتُ من حبها قصيدة تامة النظم و الشدو.. تلك يا سيدي أمّ أفكاري و سبب انفلات مشاعري، لا تعجب من حديثي و لا تنظر إليّ شزرا كأنني عدوى قد تصيبك مرضا.. أنا جننتُ لا تحفل بثيابي المنهكة، و لا بندوبِ وجهي الغائرة، و لا بصوتي الممزق.. أنا لا أفكّر .. أنا موجودة .. هنا بينك و بيني.. أنتظر صفعةً حُبلى بالعاطفة، قبلة موبوءة، ظُلمة موحشة و أصابع قوية تعبث بخصلات الشعر الناعسة .. لا داعي للآبتسام لن تُغيّر بذلك مصائر دروبنا.. لن تقترب أكثر .. أنت لا شيء- أنت أنا .. و لن تكون إلا قطعة قُماشٍ متسخة، لطّختها الأيام بتنهداتها، و تمسّحتْ بها عجوز فاجرة، بصقت دماءها العفنة و ركبت الموتَ .. رحلت . من سيُزيلُ عنك ذنوب الدنيا و جرائم الدهر الشنيعة؟ من سيحمل عنك جواز السفر المزور، بطاقة البنك المفلس، ورقة اليانصيب الخاسرة ؟؟ من سيُهديك مسدسا فارغا لتقتُل به كل من تعتبرهم أغبياء لا يستحقون الحياة.. برصاصة هواء ؟؟.. تنفس جيدا، بعمق، و بإحساس مرهف قبل قطع الطريق الثائرة، فالسائقون لا يعرفون أنك رجل عظيم لا يعلق فوق رأسه إشارة ضوئية حمراء و لا علامة " قف" .. فالوقت لا يسمح باحترام العظماء الذين يموتون تحت عجلات سيارة "قولف" سوداء تقودها امرأة متهورة تتزين لسهرة خمرية.. احترس ! فلا أنا و لا أنت نقدر على مواجهة أفعى سامة كتلك الرابضة فوق أكتاف الحلم..