أثار تشبيه رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد نفسه بالفاروق عمر ابن الخطّاب ردود فعل مستنكرة واتهامات متصاعدة للرئيس بممارسة الشعبوية والغموض والخروج عن الأعراف المتداولة في إدارة شؤون الدولة. واستنكر سياسيّون تونسيّون ما اعتبروه "استمرار الغموض والضبابية في مستوى قيادة البلاد سواء تعلّق الأمر بالحكومة أو رئاسة الجمهورية". واتّهم رئيس الحركة الديمقراطيّ، أحمد نجيب الشابي رئيس الجمهورية قيس سعيد بالشعبوية وبمواصلة إثارة الحيرة والانقسام داخل الرأي العام وإثارة النعرات وتحريض المواطنين على بعضهم البعض وعلى مؤسسات الدولة وخدمة صورته الشخصية والتظاهر بالعمل الخيري، بحسب قوله. وفي بيان موقّع باسمه وبصفته رئيس الحركة الديمقراطية، علّق الشابي على تشبيه الرئيس قيس سعيّد لنفسه بعمر بن الخطاب وتساءل مستنكرا "وهل اقتصرت حياة عمر على تفقد أحوال الرعية ليلا، أم أنه كان رجل الدولة الذي شارك في جميع معارك تأسيسها وأشرف مدة خلافته على بسط سلطتها على بلاد الشام والعراق وفارس وفلسطين ومصر إلى حدود طرابلس غربا، وتصدى خلال ذلك لقوات الامبراطوريتين الفارسية والبيزنطينية؟". ومن جانبه، كتب النائب بالبرلمان عن ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي تدوينة خاطب فيها سعيّد قائلا "هل كان عمر بن الخطّاب يأخذ معه كاميرا (خلال تفقده أحوال الناس)؟. وطالت قيس سعيّد انتقادات من نشطاء حقوقيين وباحثين، واعتبر أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور أن الرئيس قيس سعيد يمارس الشعبوية غير النافعة التي تتضمن أفكارا قد تتحول إلى أوهام وتُقحم المجتمع في أزمات سياسية تؤدي إلى الاستبداد. وأكد بن عاشور أنه لا يشك في نزاهة قيس سعيد، لكنّه دعاه إلى أن يكون واقعيا وليس طوباويا، مشيرا إلى أنّ "قيس سعيّد بصفة لا إرادية قد يلعب بأفكار وهمية فيها بعض الخطورة"، وفق تعبيره. وكان سعيد قد أثار جدلا واسعا حين ظهر في مقاطع فيديو وهو ينقل علبا كرتونية بها مساعدات تم توزيعها على عائلات معوزة، وكتبت الباحثة فتحية السعيدي آنذاك أنّ "الرئيس ما زال في حملة انتخابية للأسف ونسي أنه رئيس كل التونسيين وأن ما ينتظر منه ليس رفع الأكياس بل سياسات عمومية وقرارات... أسفي عليك يا تونس السابحة في شعبوية مقيتة وغارقة في الفقر والمرض"، حسب تعبيره. وقالت المحامية سُنية الدهماني من جانبهان "في زمن كورونا المفروض على الرئيس ألا يحتك بالناس، لأنه قد يصاب بالعدوى". و أضافت "من ناحية أخرىأعتقد أن قيامه بهذا العمل هو نوع من الشعبوية وهذا كان ممكنا فقط خلال الحملة الانتخابية"، مشيرة إلى أنّ سلوك الرئيس التونسي وخطابه الحالي هو خارج إطار الزمن، بحسب تعبيرها.