كثر خلال الأشهر الأخيرة الحديث عن سلك القضاء وتطويره وتطهيره من بعض الذين ثبت أنهم تورطوا وأصدروا أحكاما مخالفة للقانون سواء اثر... تعليمات من السلطة التنفيذية و على رأسها الرئيس السابق او مجاملة او بمقابل، ورغم الإقرار بحصول مثل هذه التجاوزات فإننا نعتقد جازما ان اغلب القضاة ان لم نقل أكثرمن 90%منهم تتوفر فيهم الكفاءة المهنية والنزاهة ولم يقبلوا التعليمات واضطهد العديد منهم من طرف النظام السابق الجائر. إلا أن إصلاح منظومة القضاء واستقلاليته لا تتوقف فقط عن استقلال قطاع القضاة وتطويره وتطهيره بل ان استقلالية القضاء واصلاحه لا يمكن ان يتم الا بتطهير الأسلاك الأخرى المرتبطة به والمتمثل في ما يسمى بمساعدي القضاء اي المحامين الذين صدرت في شانهم قائمة مطولة تضمنت أسماء المحامين الذين كانوا يتعاملون مع النظام السابق وخاصة التجمع الدستوري الديمقراطي، كما يجب تطهير قطاع العدول المنفذين من بعض الذين لم يخجلوا عند تحرير محاضر معاينات وتبليغ مخالفة للقانون، كما انه يجب تطهير سلك الخبراء العدليين الذين قرر بعضهم ختم تقارير لفائدة الطرف الذي يدفع لهم أكثر مالا. وهذا السلك خطير جدا إذا لم يقع تطهيره ذلك ان القضاء العادل غالبا ما يلتجئ إلى الاختبارات بالرغم من كون تقرير الاختبار لا يقيد القضاة لكنهم كثيرا ما يضطرون إلى إصدار أحكام استندت إلى نتائج الخبراء والسبب في ذلك كثرة الملفات التي يقع تكليفهم بها الأمر الذي يجعل اغلبهم لا يتمكنون من الإطلاع على تقارير المتقاضين وخاصة الإطلاع بكل دقة على تقارير الخبراء حتى يتمكنوا من استنتاج تحيزهم الذي لا يغتفر لطرف على حساب الآخر نظرا لكثرة القضايا من ناحية وتعمد الخبراء تقديم تقارير تتضمن أحيانا أكثر من 50صفحة مملوءة بوثائق ثانوية جدا وصور فوتوغرافية وصور المحاضر وذلك لتضخيم حجم التقرير وإيهام القضاة أنهم قاموا بأعمال كثيرة وشاقة قصد الحصول على أجور مشطة التي رغم تعديلها من طرف رئيس المحكمة الذي يكون مضطرا الى إسناد أجور وأتعاب تتناسب وحجم التقرير. وفي اغلب الأحيان يقع تعيين خبراء لا تتوفر فيهم الكفاءة المهنية ولاجتناب هاته النقائص وجب تطهير هذا السلك الذي لن يتم إلا بإعفاء الخبراء الذين لا تتوفر فيهم الكفاءة والنزاهة وتعويضهم بآخرين من حاملي الشهائد العليا في عديد الاختصاصات والكل يعلم ان البطالة تتراوح بين 150و 200 الف في صفوف حاملي الشهائد العليا. فبإمكان المسؤولين بوزارة العدل تطهير سلك الخبراء من الفاسدين وتعويضهم بمن تتوفر فيهم الكفاءة المهنية والنزاهة والثقة، وفي اعتقادنا انه بعد تطوير منظومة القضاء وتطهيرها من رموز الفساد فانه يعتبر من الأهمية بمكان تمكين الشرفاء منهم من أجور ومنح تجعلهم في وضعية مادية مريحة وتمكينهم من انتخاب الممثلين عنهم في المجلس الأعلى للقضاء، وكذلك تطهير سلك مساعدي القضاء السالف ذكرهم وعندها يمكن القول بان القضاء أصبح مستقلا وان العدل سيسود في هذا المجتمع الذي سيطمئن حينها على حريته ومكاسبه تعود الثقة إلى المواطنين مما يحثهم على بذل قصار جهدهم للانطلاق في العمل والكد للخروج ببلادنا من وضعها الاجتماعي والاقتصادي الصعب. عبد اللطيف بن هدية