لقد عرفت تونس على مدى عقود طويلة نظام الحزب الواحد الذي يتقلد كل دواليب الدولة ويسيطر على كل القطاعات السياسية والاجتماعية... والاقتصادية و اثبت كل التجارب أن هذا النظام الحزبي الأحادي مثل مكمن التجاوزات والظلم والحياد عن الديمقراطية يعني انه لا يمكن ان يخلف لنا إلا الديكتاتورية بكل أبعادها ولعل ابرز تمظهر لها ما عشناه في عهد المخلوع حين كبلت كل الحريات وطمست كل الحقوق إلى حين تمكن الشعب التونسي من القضاء على نظام بن علي وبدأنا نلمح مشارف الديمقراطية وذلك حين تخلصنا من سيطرة الحزب الواحد ومن المعارضة الصورية يتشكل على عدد كبير من الأحزاب بايدولوجيات مختلفة. لكن أمام هذه التعددية الحزبية وعند خوض التجربة الانتخابية التي جرت يوم 23 اكتوبر2011 لوحظ ان عددا كبيرا من هذه الأحزاب لم يستطيع خوض المعركة الانتخابية وذلك لعدة أسباب أهمها أنها إنها أحزاب فتية حديثة النشأة لم تكن لها قاعدة شعبية كافية ولا إمكانيات مالية تجعلها تقوم بحملة انتخابية جيدة لتخترق الأوساط الشعبية كما لعب ضيق الوقت دورا كبيرا في عراقيلها. من هنا تولد فكرة التحالف الحزبي بمعنى ان تتفق مجموعة من الأحزاب التي تتقارب في الإيديولوجيات والأهداف حتى تشكل كتلة حزبية هامة تجعلها قادرة على الصمود والبقاء والفوز في الانتخابات القادمة والأمثلة عديدة نذكر منها "حزب تونس الجميلة" وهو تحالف حزبي جديد يترأسه السيد الهاشمي الحامدي ممثل العريضة الشعبية ولقد خصصنا بالذكر هذا الحزب لأنه عضو مع السيد حمدة الشايبي أمين عام الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء الذي وافق على الانضمام الى هذا التحالف الحزبي الجديد بعد تلقي عرضا من السيد الهاشمي الحامدي وقد قدم لنا جملة من الإيضاحات والأسباب دعت إلى قبول هذا العرض. · لمحة عن الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء هو حزب فتي تأسس في 19 ماي2011 وعقد مؤتمره الوطني الأول في 11 اوت2011 برآسة السيد سالم الشايبي لكن هذا الحزب لم تشارك في انتخابات 23 اكتوبر2011 نظرا لضيق الوقت ولكن كذلك لأسباب تنظيمية خاصة بالحزب. وكما قال السيد الشايبي إن تأسيس الحزب لم يكن في الحقيقة بغاية المشاركة الفورية والحينية ولكن استعدادا للمرحلة الديمقراطية القادمة ما بعد المجلس التأسيسي لكن هذا لا ينفي مشاركتنا الفعلية في الحياة الاجتماعية والسياسية وكذلك بحكم الأهداف الأساسية للحزب القائمة على الإصلاح والنهوض بالبلاد اجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا وإداريا وجبائيا وكذلك تبني أهداف الثورة القائمة على الكرامة والتشغيل والتنمية. · موقف الحزب من المسار الديمقراطي الذي وقع تكريسه يرى الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء ان الدور الأساسي للمجلس التأسيسي هو صياغة الدستور لتأسيس تونس الغد وليس التدخل في سير شؤون البلاد كما ان الدعوة كانت لتشكيل حكومة توافقية تقودها إطارات كفاءة إذ لم نتصور ان تتكون كتلة ثلاث أحزاب الأولى لتكون هي صاحبة القيادة والمبادرة في هذا المرحلة وهذا ما ساهم في إقصاء الأحزاب الأخرى الناجحة في الانتخابات مما أدى بنا إلى الرجوع الى الحكم الواحد والرأي الواحد والقرار الواحد وهذا خلق أجواء ضبابية وقرارات مترددة وبطء كبير جدا في صياغة النظام الداخلي للمجلس وصياغة قانون تنظيم السلط العمومية مما أدى إلى أزمة ثقة بين الفاعلين السياسيين وهو ما يذكرنا بالمشهد السياسي في النظام السابق · قرارا الانضمام إلى تحالف من اجل تونس الجميلة يقول الأمين العام للحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء انه في إطار التجاذبات السياسية تم خلق قنوات حوار مع عدة أحزاب أخرى معتدلة لتكوين كتلة حزبية استعدادا للمرحلة القادمة بما فيها "تحالف من اجل تونس الجميلة" الذي كونه محمد الهاشمي الحامدي وهو تواصل وامتداد للعريضة الشعبية الكتلة الثالثة الفائزة في الانتخابات فقد اتصل بنا السيد محمد الهاشمي الحامدي واقترح فكرة الانضمام للتحالف وعلى اثر عدة جلسات مع نواب العريضة الشعبية تقرر الدخول في تحالف تونس الجميلة وذلك لعدة أسباب : 1- تقارب برامج الحزبين الهادفة الى تحقيق كل ما يخدم الصالح العام والنهوض بالبلاد 2- القاعدة الشعبية الهامة التي تقوم عليها العريضة الشعبية بما جعلها تتحصل على مركز هام في الانتخابات 23 اكتوبر2011 وهذه الشعبية انطلقت من البرنامج الوحيد الذي يعبر عن تطلعات الأغلبية الساحقة للشعب التونسي 3- وجود عدة نواب منتمين للعريضة وهذا ما سيمكننا من إيصال أصواتنا للحكومة · تقييم الحزب لعمل الحكومة يقول السيد حمدة الشايبي ان الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء يساند الشعب السوري في محنته كما يحثه على مزيد الصمود من اجل القضاء على الديكتاتورية لكن القرار الذي اتخذته الحكومة الخاص بطرد السفير السوري يبدو متسرعا وستكون له آثار وخيمة على العلاقات الديبلوماسية مع عدة دول وخاصة الصين وروسيا. وأضاف أن أداء الحكومة تسيطر عليه الازدواجية في التعامل مع القضايا الاجتماعية والأمنية في البلاد وكذلك القرارات المتخذة التي تغلب عليها طابع الأحادية وغياب التشاور وهذا ما ساهم في تواصل أزمة الثقة بين الشعب والحكومة. * اقتراحات لحل مشكل التشغيل والتنمية -بخصوص التشغيل : ضرورة القطع مع منظومة "أمل" وإقامة مشاريع دائمة بالاعتمادات المخصصة لهذا البرنامج فهذه المنحة تساهم في إثقال كاهل ميزانية الدولة كما أنها لا تساعد الشاب في البحث النشيط عن العمل بل انها تشجعه عن التكاسل والتواكل هذا إلى جانب عدة تجاوزات ساهمت في إهدار مبالغ هامة كان من الأفضل استثمارها في مشاريع قارة. -بخصوص التنمية : لا بد من مراعاة الخصائص الجهوية لكل ولاية وضرورة استثمار الثروات الطبيعية الموجودة بكل منطقة هذا مع ضرورة تسهيل الإجراءات الإدارية والبنكية لتمكين الشباب من بعث مشاريع ناجحة بالجهات . * توصيات عامة يقدمها الحزب الديمقراطي للعدالة والرخاء بحكم موقعه كأمين للحزب يدعو السيد حمدة الشايبي الى ضرورة التنسيق بين المجلس الوطني التأسيسي والحكومة فعلى المجلس ان يلتزم بأدواره الأساسية المتمثلة في التشريع والرقابة على عمل الحكومة وعلى هذا الأخير من ناحيته ان تهتم بالنظر في القضايا والمشاكل اليومية التي تدخل ضمن صلاحياتها الضيقة والمضي قدما في حل القضايا الكبرى مع اجتناب الجدل العقيم والاستدراج لمعارك ومواجهات مختلفة والى ضرورة القطع مع الإعتصامات والإضرابات العشوائية التي تلحق أضرارا جسيمة وخاصة على مستوى التنمية. ريم حمودة