المراسل-عندما أعلن الإتحاد العام التونسي للشغل عن مبادرته لانقاذ البلاد في اطار حوار بين الجميع داعيا إلى مؤتمر وطني بين الفرقاء السياسيين، زاد إعلانه هذا في الهوة بين الأقطاب السياسية، حيث ساند بعضهم هذه المبادرة و حظر المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا له الإتحاد، فيما تغيب البعض الآخر و انتقد المبادرة، وهكذا، لم يتمكن الشعب التونسي من رؤية نخبته السياسية مجتمعة تحت سقف واحد حتى تبعث له الطمأنينة. لكن نخبتتنا السياسية إجتمعت تحت سقف السفارة الأمريكية في عيد إستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية، حتى تبعث الطمأنينة لدى ال0مريكان ، و لتقول لهم "سمعا و طاعة و كلنا لمصالحكم ضامنون، و لا فرق بين يميني و ليبيرالي إلا بما أتت به يداه في سبيل رضاكم". و انتضرنا هبة من نخبتنا السياسية الجديدة التي لا تتميز في الوطنية عن سابقتها أن تهب لمواساة عائلة فقيد النضال السياسي طارق المكي و لتعترف للأخير بفضله على الكثير من عناصرها، حكاما و معارضة، إذ كان طارق المكي من القلائل الذين لم يشكوا في جدوى مقاومة الديكتاتورية حين تراجع آخرون. لكن جنازة طارق المكي اليوم لم تسجل حضور أي وجه من الزعماء السياسيين الحاليين معارضين أو حكاما، و كأن بالمكي لم يكن يوما من صفهم، و كأن بالمكي لم يكن له فضل في دحر ديكتاتورية حرمت بعضهم من نور الشمس و حرمت بعضهم الآكر من رائحة الوطن. المعادلة واضحة، فطارق المكي إنسحب من الساحة السياسية و أكتفى بدور الملاحظ و المعلق السياسي منذ مدة، و عليه فالمكي لم يعد معنيا بالمعادلة السياسية و بلعبة التحالفات و التكتلات، و هو بهذا لا يندرج في حسابات السياسيين الذين يخشى بعضهم أن يغضبو أسيادهم، خاصة و أن المكي إنتقد الطبقة السياسية بأكملها و لم يجامل أحد. هكذا، تسبب قول المكي للحقيقة في تجنب الزعماء السياسيين لجنازته، و الحقيقة تمثلت في نفاق اليمينيين و اليساريين العاطفي و في اِنتهازية الليبيراليين، فلم يرضي هذا و لا ذاك. و للإعلام نفاقه الخاص حين يصنع من إشاعة ضجة إعلامية و يتجنب الإعلان عن وفاة المكي في نشرة الوطنية في الساعة الثامنة مساء. فالمكي لا يندرج في حسابات من يقودون الإعلام، و من يسمون أنفسهم إعلاميين. رحم الله الفقيد.