تتواصل الاستعدادات داخل العائلات التونسية للاحتفال بذكرى المولد النبوي، أو مولد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، على الرغم من تجدد الفتاوى التي تبثها العديد من الفضائيات الخليجية المتخصصة في القضايا الإسلامية. ويدفع مؤيدو تحريم الاحتفال بالمولد النبوي بعدة فتاوى أصدرها علماء مسلمون من أمثال المصري يوسف القرضاوي الذي قال صراحة وعبر برنامج الشريعة والحياة الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية أن الاحتفال بالمولد النبوي "يعد من أعمال الجاهلية ". ومن أبرز الفتاوى التي تشجب الاحتفالات يطلقها علماء دين سعوديون من أمثال بن باز وابن عثمين وهذا الأخير سبق له وحرم احتفال الدولة السعودية بالعيد الوطني. ورغم كل هذا الجدال، فإن الاحتفال بهذه الذكرى يعتبر تقليدا قديما. وحسب المؤرخين فإن الفاطميين هم أول من احتفل بالمولد النبوي الشريف ونقلوا ذلك إلى المنطقة المغاربية في أيام حكمهم في المنطقة في سنة 1102 ميلادي . وفي تصريح لمغاربية انتقدت اقبال الغربي أستاذة الانثربولوجيا الدينية بالجامعة التونسية بشدة الدعوة إلى تحريم الاحتفال بالمولد ووصفت في حديثها لمغاربية مطلقي مثل هذه الفتاوى بأعداء الفرح". واتهمتهم الأستاذة أنهم "يصنعون ثقافة الموت التي تبخس السعادة والفرح وتقتل غرائز الحياة وهم يسعون إلى إحداث قطيعة فكرية وعقائدية بين المجتمع و موروثه النفسي والثقافي أي أعرافه وعاداته". وتعتبر الغربي الاحتفال بالمولد فرصة هامة للاجتماع لسماع سيرته عليه الصلاة والسلام وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وتدعيم التآلف والنسيج الاجتماعي وإدخال السرور و البهجة على قلوب الأمة. الغربي أكدت على أن "الاحتفال بالمولد وإن لم يكن في عهده صلّى الله عليه وسلّم فهو بدعة، ولكنها بدعة حسنة فليس كل بدعة ضلالة كما يقول المتطرفون، ولنا حديث في هذا الصدد (مَنْ سنّ في الإسلام سنة حسنة فعمل بها وبعده كُتب له مثل أجر مَن عمل بها و ولا ينقص من أجورهم شيء )". والاختلاف الوحيد بين ربات البيوت في تونس ليس إن كان الاحتفال بالمولد حلالا أم حراما وإنما حول نوعية العصائد التي سيعدونها فهناك بعض العوائل التي مازالت متمسكة بالعصيدة التقليدية. فهناك بعض العوائل مازالت متمسكة بالعصيدة التقليدية التي يقتصر طبخها على الدقيق ويوضع فوقها الزبدة أو الزيت والسكر. ولكن عوائل أخرى تتفنن في إعدادها حسب ميزانياتها وشهواتها إذ تقوم بإعداد عصيدة على الطريقة التركية وهي مكلفة إلى حد ما وتحضر من حب الزقوقو(الصنوبر أو بذور سوداء من الشرق) إضافة الى المكسرات. نجيبة الورتاني قالت لمغاربية إنها في كل سنة تحتار في أمرها "فزوجي يفضل العصيدة التقليدية أما أبنائي فإنهم يفضلونها عصرية وفي النهاية أقوم بطبخ الاثنين معا". أما عن موقفها من الفتاوى التي تشجب الاحتفال بالمولد النبوي قالت نجيبة بتعجب "ومن أفتى بذلك نحن نحتفل بهذه الذكرى منذ زمن بعيد وقد رأيت جدتي تحرص على الاحتفال بها وإن كانت من المحرمات لما صمدت إلى هذا اليوم. الحرام هو الحرام ولا أعتقد أن ملايين المسلمين لا يفرقون بين الحلال والحرام".