أعلنت منظمة «حرية وإنصاف» للدفاع عن حقوق الإنسان بتونس أن «التضييفات ضد المسرحين من المساجين السياسيين تتواصل وتتصاعد. وأكدت الجمعية في بيان حصلت «العرب» على نسخة منه أن أجهزة الأمن قامت باستدعاء العجمي الوريمي السجين السياسي السابق والقيادي الطلابي في حركة النهضة «طلبا لمزيد من الإرشادات عنه» وذلك دون توجيه استدعاء رسمي وقانوني له. وذكّرت المنظمة أنه سبق لها أن تعرضت في بيانات سابقة «للتجاوزات اللامبرّرة والمنافية للقوانين ضد المسرَّحين من أبناء الحركة. وفي تصريح للعرب أكد القيادي الطلابي السابق العجمي الوريمي أنه «يتعرض منذ خروجه من السجن في شهر نوفمبر 2007 إلى المتابعة اللصيقة والمضايقة المتنوعة وبالخصوص التردد المكثف والمتواصل على بيته من طرف أعوان البوليس السياسي». وأكد الوريمي أن «والدته تعرضت أكثر من مرة للتخويف والترهيب كان آخرها منذ أسبوع حين فُجعت الأم الطاعنة في السن باقتحام منزلها من طرف أفراد بالزي المدني دون استئذان أو طرق للباب وأخضعوها للاستجواب عن مكان تواجد ابنها وعلاقاته وعن طبيعة دراسته». ونبّه إلى أن هذه الخروقات تمثل انتهاكات صارخة لحقوقه الشخصية وأن الهدف منها هو منعه من النشاط السياسي . الموت البطيء وشدد الدكتور زياد الدولاتلي القيادي بحركة «النهضة» في تصريحات «للعرب» على أن «أبناء وقيادات الحركة يتعرضون منذ ما يزيد عن 18 عاما لحملة تنكيل لم يشهد لها تاريخ البلاد مثيلا من قبل». وأكد الدولاتلي أن «عددا من خيرة أبناء الحركة مثل البروفيسور المنصف بن سالم العالم الرياضي والفيزيائي الشهير اضطروا للعمل في بيع الخضروات أو نقل البضائع بعد أن حرموا من جميع حقوقهم وعلى رأسها الحق في كسب الرزق الذي يعني الحق في الحياة». وأضاف الدولاتلي أن «أبناء الحركة يتعرضون، إضافة إلى المنع من العمل وسائر الحقوق، إلى الموت البطيء بسبب الحرمان من الحق في العلاج بعد أن أصيب عدد كبير منهم بأمراض خطيرة في السجن نتيجة الإهمال وسوء الرعاية الصحية، حتى بتنا لا يمر علينا أسبوع دون أن يقضي أحد منّا بالسرطان أو ببعض الأمراض الخطيرة الأخرى.. عافى الله الجميع». ودانت المنظمات الحقوقية ما يتعرض له أبناء «النهضة» ووصفت «حرية وإنصاف» الانتهاكات التي يتعرضون لها بالتصرفات الرعناء والاستفزازية. واعتبرت «أن هذه التصرفات من طرف البوليس السياسي في تونس أصبحت سياسة ممنهجة للتضييق والتنكيل بالمسرحين من المساجين السياسيين. ونبهت المنظمة إلى الخطورة التي يمثلها التدخل في الحياة الشخصية للمواطنين والاعتداء على حرماتهم. عقوبات جماعية وتؤكد منظمات حقوق الإنسان بما فيها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين أن السلطة تسلط على عائلات وأقارب وأبناء حركة «النهضة» عقوبة جماعية هدفها ترهيبهم وعزلهم وجعلهم عبرة للآخرين. ومن أبرز الأمثلة على هذه الممارسات ما تحدثت عنه المنظمات الحقوقية السنة الماضية عن غلق جامع البحيرة بالعاصمة لمنع حفل عقد قران ابن الشيخ عبدالفتاح مورو المؤسس الثاني لحركة «النهضة» بعد الشيخ راشد الغنوشي. وذكرت وسائل الإعلام حينها أن المشرفين على جامع البحيرة القريب من تونس العاصمة أغلقوه، ومنعوا المصلين من الدخول إليه لأداء صلاة العصر، ليحولوا دون عقد القران، رغم حصول الشيخ مسبقا على موافقة المشرفين. كما منعت السلطات التونسية إقامة حفل زفاف كريمة المهندس حمادي الجبالي الرئيس السابق للحركة، وقال الجبالي في وصفه لما جرى «أمر جمع من أعوان البوليس السياسي، على مرأى ومسمع من الحضور، صاحب قاعة الأفراح بإغلاقها أمام العروسين والمدعوين بعد فتحها، متعللا بعدم وجود ترخيص من مركز الشرطة المحلية، وهكذا تم إلغاء الحفل في جو من الحيرة والخوف والرعب، جرّاء إيقاف جميع سيارات المدعوين، ومطالبتهم بالاستظهار ببطاقات تعريفهم وتسجيل أرقام سياراتهم». وقام السجين السابق علي بن حامد، من دوز (550 كلم جنوب العاصمة) بعرض أبنائه للبيع في السوق الأسبوعية بالمدينة في حركة الهدف منها لفت الانتباه إلى المعاناة التي يعيشها بسبب الضغوط الأمنية الرهيبة المسلطة عليه. يذكر أن السلطات التونسية قامت مؤخرا ببعث جمعية تعنى بأوضاع المساجين بعد خروجهم من السجن، وتعمل هذه الجمعية بالتعاون مع وزارة العدل وتهتم حسب بيانها التأسيسي بإعانة المسرحين من المساجين على الاندماج في الحياة العملية من جديد. وإن لم تحدد الجمعية في بيانها إلى أي فئة من المسرحين من المساجين ستتوجه، غير أن المراقبين يربطون بين إنشاء هذه الجمعية والاحتجاجات المتواصلة على الأوضاع السيئة التي يعيشها المسرحون من المساجين السياسيين عامة والمسرحين من النهضة على وجه الخصوص.