في وقت تتجه فيه موريتانيا نحو مسيرة إصلاح سياسي على يد نظام عسكري، وافقت الحكومة على قانون جديد يمنح المرأة 20% من المقاعد النيابية والبلدية في البلاد. وتعهدت الحكومة بتخصيص دعم مالي للأحزاب التي تعطى الأولوية للنساء في الانتخابات القادمة. وأكدت قيادات نسائية أن القرار الجديد جاء استجابة لمطالب شعبية، معتبرة مشاركة المرأة الموريتانية في الحياة السياسية ونضالها ضد الاستبداد طيلة السنوات الماضية يؤهلها لخدمة الشعب جنبا إلى جنب مع الرجل. وكانت الحكومة الموريتانية قد وافقت على القرار مساء الخميس5/7/2006 الذي خرج بصورته الحالية بالتشاور مع أغلب القوى السياسية في البلاد. ويذكر مراسل "إسلام أون لاين.نت" في العاصمة الموريتانية نواكشوط أن القرار جاء تاليا لسلسلة إجراءات اتخذها مجلس الوزراء الموريتاني في اجتماعه الأخير هذا الأسبوع والتي تتضمن جملة من مشاريع القوانين تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية ومنح الأفراد من كافة التيارات حق الترشح في الانتخابات. وتقرر إنشاء لائحة وطنية تتكون من 14 نائبا يتم انتخابها بالتمثيل النسبي وتشكيل لجنة لدى وزارة الداخلية، تختص بالنظر في اعتماد اللوائح المترشحة، وتخضع قراراتها للطعن أمام المجلس الدستوري. وتتيح القوانين الجديدة إعادة العمل بالترشحات المستقلة، والعمل على تعزيز نظام الاقتراع بالتمثيل النسبي، مع تكريس الترشحات المستقلة في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان الموريتاني). وفى تعليقه على التعديلات القانونية الجديدة قال وزير الإعلام الموريتاني الشيخ ولد أبه أمس الخميس في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة نواكشوط: "الهدف منها وضع نظام انتخابي يأخذ في عين الاعتبار التحول السياسي في البلاد، ويكرس رغبة القوى السياسية في تعزيز النسبية لإشراك أكبر قدر ممكن من الأحزاب في البرلمان القادم". وأضاف الوزير في تصريحات ل "إسلام أون لاين" أن القانون الجديد الذي أقرته الحكومة الانتقالية يهدف إلى تشجيع وجود النساء في مجلس النواب والمجالس البلدية، وعلى هذا الأساس"سيكون لهن الحق في نسبة20% من المقاعد في المجالس النيابية والبلدية مع وضع نظام للوائح الانتخابية بصورة ترتب بها المرشحات في مواقع تخولهن الانتخاب". وذكر الوزير أن القانون الجديد صدر بعد لقاء مطول للحكومة، ضم كافة الأحزاب والقوى السياسية مع اللجنة الوزارية المكلفة بتحقيق المسار الانتقالي للسلطة، لمناقشة الوضع وانعكاساته على الحياة السياسية. إجماع وطني ويرى مراقبون أن موافقة الحكومة الموريتانية على منح المرأة صلاحيات نيابة وبرلمانية واسعة تم اتخاذه بعد أن رغبت قوى سياسية في البلاد في تمرير المشروع خلال الأيام التشاورية التي عقدت في أكتوبر من العام الماضي. وكانت المباحثات بين الحكومة والمعارضة قد توصلت إلى ضرورة منح المرأة الموريتانية نسبة جيدة في الاستحقاقات القادمة من أجل تشجيعها على دخول المعترك السياسي، بعد أن تعثرت خلال السنوات الماضية في الحصول على أكثر من ثلاثة مقاعد في البرلمان. كما أخفقت أول مرشحة للرئاسيات في البلاد سنة 2003 في الحصول على ثقة الناخبين حيث لم تحصل المرشحة عيشة بنت جدان إلا على 1.5 من أصوات الناخبين على مستوى البلاد. وفى لقاء مع شبكة "إسلام أون لاين" عبرت القيادية في التيار الإسلامي "أم المؤمنين بنت أحمد سالم" عن سعادتها بالقرار الجديد. وقالت: "إذا كانت هنالك جدية في الإصلاح السياسي فالأمر يتطلب من الجميع المساهمة قدر جهده من أجل تحريك عجلة الإصلاح، والمرأة مطالبة باستخدام البرلمان للحفاظ على مصالحها الذاتية وطرح مشاكلها الخاصة". وحول ما إذا كانت ستترشح في الانتخابات القادمة قالت أم المؤمنين: "هذا أمر سابق لأوانه، لكننا في التيار الإسلامي لا نرى حرجا في المشاركة في العملية السياسية سواء تعلق الأمر بالرجال أو النساء، ونحن معنيون أكثر من غيرنا بالمساهمة فيما يحقق مصالح الوطن ولا يتنافى مع تعاليم الشرع". صعود الإسلاميين من جهة أخرى اعتبر عدد من المحللين إقرار السلطات الموريتانية وبشكل نهائي قضية الترشيحات المستقلة بداية لصعود التيار الإسلامي الذي سعى قادته إلى المشاركة السياسية في الانتخابات القادمة، خارج الأطر الحزبية، بعد أن رفض المجلس العسكري السماح للإسلاميين بإقامة حزب سياسي. وكان مدير ترقية الديمقراطية والمجتمع المدني بوزارة الداخلية (الإدارة المشرفة على الأحزاب السياسية) سيد يسلم ولد أعمر شين، قد صرح في وقت سابق أن اللجنة الوزارية المكلفة بالموضوع من طرف السلطات الموريتانية، قد اعتمدت في اقتراحها فتح باب الترشحات المستقلة على خلفية أبعاد دستورية وقانونية وسياسية، مشيرا إلى أن الترشح المستقل جزء لا يتجزأ من الحقوق الدستورية والقانونية. في الوقت ذاته اعترف بأن الترخيص للأحزاب السياسية لا يزال خاضعا لبعض التقييد.