تشهد اليوم الساحة العربية تطورت مخيفة حيث تستفرد الآلة العسكرية في غزة بشعب مجوع ومحاصر ومهدد، وتدمر بنيته التحتية الهشة وتضرب مصادر المياه الصالحة للشرب والكهرباء حتى يتعرض للأوبئة المهلكة ناهيك عن استهداف المدنيين وترويع النساء والأطفال . كما تستهدف هذه الآلة العسكرية المطلقة من عقالها وبمباركة الإدارة الأمريكية ، الشعب اللبناني بنفس عقلية الإرهاب والترويع ووبروح غطرسة وتعالي واستكبار تضع في كفة حياة ثلاثة جنود وفي كفة أخرى حياة مئات الآلاف من العرب. ويضاف لهذا الوضع المأساوي وضع إخوتنا في العراق وهم بين مطرقة الاحتلال الأمريكي –البريطاني وسندان الحرب الأهلية . لكن أخطر ما في هذا الوضع الذي لم تعرف له الأمة مثيلا إلا عشية هجوم المغول على بغداد أو الطرد من الأندلس، ليس لا عدد القتلى والجرحى بين المدنيين في فلسطين ولبنان والعراق، ولا عربدة القوة العسكرية الإسرائيلية ومباركة إدارة الرئيس بوش لأخطر تجاوزاتها ، ولا حتى تواطؤ المستبدين العرب. إن أخطر ما في الوضع الحالي سكوت الجماهير العربية عموما وسكوتها في بلادنا التي تعودت منذ النكبة أن تكون سباقة في دعمها لكفاح الشعوب الشقيقة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني البطل. إن حالة التخدير والتحنط واللامبالاة التي تظهرها اليوم شعوبنا العربية هي الإشكالية الكبرى بما تعنيه من انهيار قيم العروبة والإسلام وحالة التذرر والتفكك والإحباط التي أصبحت نعاني منه ،وكأن الاستبداد نجح في جعل شعوب أبية وقفت في وجه الاستعمار غبار أفراد لا يربطهم رابط بقضية تتجاوز أشخاصهم . إلا أن الوضع على قتامته وخطورة مدلولاته لا يعني أننا أمام شعوب ميتة والدليل على ذلك حيوية الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي ومدى ما يظهرونه من قوة الصمود أمام قوى الدمار والموت. نحن فقط أمام شعوب فقدت الثقة في نفسها وفقدت قيادات تثق فيها وفقدت بوصلتها وفقدت لمرحلة القدرة على الغضب. وإذ نترحم على أرواح الشهداء ونتعاطف مع كل الذين يذوقون الأمرين في هذه الأيام العصيبة في بغداد وغزة وصور وصيدا ‘ ونتضامن مع كل قوى المقاومة بما هي حق اعترف به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عندما لا يجد المظلوم حلا غير اللياذ إلى التمرّد ، فإن مناضلي المؤتمر من أجل الجمهورية يدعون كل التونسيين والتونسيات إلى أن يكونوا جديرين بآبائهم الذين توجهوا لفلسطين مشيا على الأقدام سنة 1948، أن يخرجوا من حالة المتفرج غير المبالي ، أن يستنهضوا الهمم النائمة في أعماقهم لإطلاق مسيرات الاحتجاج والتضامن والرفض لتواجد ممثل لنا في تل أبيب وممثل لتل أبيب في بلادنا. فانهضوا يا أطفال حشاد والدغباجي طال بكم الركوع .