يطمح التونسيون إلى ان تتغير أشياء كثيرة في مجتمعهم بعد التحول الديمقراطي والسياسي الذي ارسته ثورة الياسمين منذ 14 يناير الماضي. فخلال الأعوام الأخيرة برزت في البلاد ظواهر سلبية عدة منها ارتفاع نسب العنوسة والطلاق والإنجاب خارج مؤسسة الزواج والعنف البدني واللفظي والجريمة واتجاه المجتمع نحو الشيخوخة بعد تراجع نسبة الخصوبة. يقول احمد الوسلاتي ( 34 عاما موظف ) ان العهد السابق شهد ظهور حالة من التفكك الأسري والاجتماعي بسبب محاولات مسخ القيم الروحية والثقافية والحضارية للمجتمع وبسبب حالة القلق التي كان الفرد يعيشها في مواجهة المجموعة. ويضيف: بن علي ذاته عندما طلق زوجته الأولى وتزوج ليلى الطرابلسي ساهم في هز قناعات نسبة مهمة من التونسيين حتى ان اغلب الشخصيات المرموقة صارت تسير على خطاه في تطليق الزوجة الأولى التي تحمل عبء البدايات والزواج من امرأة أخرى قد تكون العشيقة أو السكرتيرة أو صاحبة النفوذ والعلاقات. وترى مريم الجبالي (41 عاما مربية ) ان المجتمع التونسي مر بظروف صعبة خلال العقدين الماضيين ولكن التحول الحاسم كان مند العام 2002 تقريبا عندما عمل النظام السابق على فك الارتباط مع الهوية العربية الإسلامية والترويج لثقافة الاستهلاك السريع حتى في العلاقات العاطفية والإنسانية. واعتبر المحللون الاجتماعيون ان هناك حالة من التفكك بدأت تعصف بالأسرة التونسية وخاصة خلال العقد الأخير الذي كان فيه نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يتحدث عن مكاسب وانجازات اجتماعية كبرى وعن جوائز دولية تحصل عليها البلاد تقديرا لتلك المكاسب. وتشهد تونس سنويا تسجيل 10 آلاف قضية طلاق أكثر من 50 في المئة منها ترفعها النساء. ويعطي الفصل 30 من قانون الأحوال الشخصية التونسي الصادر في 13 أغسطس 1965 إلى المرأة التونسية حق طلب الطلاق عبر المحاكم التي تستطيع وحدها البت في القضايا من هذا النوع. واذا كان العام 2009 قد سجل نسبة 50؟ من قضايا الطلاق مقدمة من قبل النساء فإن هذا الرقم يمثل تحولا استثنائيا في المجتمع بعد ان سجل العام 1960 نسبة 6؟ فقط ويرى الباحث الاجتماعي مهدي المبروك ان تفتح المرأة التونسية على الثقافة الغربية أكثر من أي وقت سابق وسعيها لتحقيق استقلاليتها المادية والمعنوية ساهما في إفراز تحولات قيمية سواء داخل المجتمع أو في الأسرة ذاتها. ويعيد بعض الباحثين ارتفاع نسبة الطلاق إلى تأخر سن الزواج مما يعني ان الزوج أو الزوجة ما يكونان محملين بتراث كامل من الفشل العاطفي والتجارب السابقة في مجتمع مفتوح. ويقول المحامي عبد المجيد الجربوعي ان اغلب قضايا الطلاق المسجلة في المحاكم التونسية تعود أسبابها إلى غياب التوافق الثقافي والاجتماعي والعاطفي والغيرة والخيانة ولأسباب مادية.