تعدى دور السفير الأمريكي في القاهرة ريتشارد دوني زيارات الأضرحة وحواري وأقاليم مصر إلى إصدار تقارير يومية عن الواقع السياسي والاقتصادي المصري ، وذلك من خلال استحداث مراكز بحثية بالتعاون بين السفارة الأمريكية والجامعة الأمريكية ، أهمها مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية والذي يصدر عدة تقارير تختص بالشأن الداخلي المصري أهمها تقرير عن واقع البطالة وعمالة الأطفال ، ويعتمد هذا التقرير في كل أرقامه ومعلوماته على السفارة الأمريكية ، لكن الجديد في أمر النشاط الأمريكي في القاهرة هو التقارير اليومية التي ترسل إلى صناع القرار في واشنطن وإلى جهات بحثية أمريكية. ويرصد أحدث هذه التقارير حالة الفساد في مصر ، وهو ما جعل مصر تحتل مركزا متقدما بين الدول الأكثر فسادا في مؤسساتها العامة والخاصة مما أنعكس بالسلب على الواقع الاقتصادي المصري وحجم الاستثمار الأجنبي المتدفق لمصر . ويلفت التقرير إلى فقدان المصداقية في كلام الحكومة عن بيانات الاستثمار في مصر التي تنشرها الوزارات المختلفة ويستشهد على ذلك بتقرير أصدرته هيئة الاستثمار مؤخرا وجاء فيه إن إجمالي الاستثمارات الأجنبية بلغت 20 مليار و70 مليون جنية بينها 3 مليارات و420 مليون جنية استثمارات أمريكية. وفي نفس التوقيت تصدر وزارة البترول تقريرا جاء فيه أن إجمالي الاستثمار في قطاع البترول خلال العشرين عاما الأخيرة (نفس الفترة الزمنية لحسابات هيئة الاستثمار) بلغ 37 مليار دولار أمريكي أي 185 مليار جنية مصري 70% من هذا الرقم استثمارات أجنبية أي نحو 100 مليار جنية مصري ، أي أن الفرق بين بيانات هيئة الاستثمار وبيانات وزارة البترول 80 مليار جنية. ولا يتجاهل التقرير عنصرين باتا من سمة الحياة في مصر ، العنصر الأول هو واقع الفساد الذي استشرى وبات ظاهرة أثرت على كل مناحي الحياة ، والعنصر الثاني هو أن مصر مقدمة على مرحلة اللا استقرار السياسي نظرا إلى تعنت النظام في الإجراءات الإصلاحية التي يطالب بها الداخل والخارج. في السياق ذاته ، لفت تقرير آخر للسفارة الأمريكيةبالقاهرة يحمل عنوان "مشاكل مناخ الاستثمار في مصر" أن الحكومات المصرية من عاطف صدقي لأحمد نظيف تتباهي بمقولة ترد في كل التقارير الدولية تقول إن الاقتصاد المصري يتمتع بإمكانيات هائلة للاستثمار وبمستقبل واعد ، ويكتفي المسئولون بترديد نصف المقولة ويتجاهلون تماما بقية النص ، والذي ينطوي عادة على أحكام فاضحة تقول إن موارد هذا الاقتصاد الواعد تخضع في كل المواقع التنفيذية لإدارة فاشيستة أو عابثة أو فاسدة لا تتمتع بالموهبة أو الجدارة ولا ترتقي لمستوى الأمانة والمسئولية ،ولهذا تتعرض الموارد للإهدار وضياع الفرص . وأكد التقرير أن قيمة الموارد المصرية تدهورت خلال العامين الماضيين بمعدلات غير مسبوقة وانهارت قيمة الأصول المالية والعقارية وخسرت نصف قيمتها على الأقل.