لم نفهم سبب تحسس البعض من ورود مصطلح الخلافة الراشدة على لسان مسؤول أو تداوله من طرف فئة من الشعب التونسى ثم تسويغهم له كحجة عليهم والتشهير به كعنصر ادانة ومؤاخذة على آراء وأفكار الناس ولكن وحسب فهم فئة كبيرة من الشعب التونسى فإن المراد من استعمال هذا المصطلح هو إقامة الحكم الرشيد ولا ندر هل أن الشعب التونسى وعلى راسه النخب والمثقفين من كل التوجهات الفكرية لا يعلمون أن الثورة التى اندلعت فى تونس كنتيجة لتركة 23 سنة من الخراب السياسى والاجتماعى والحيف والظلم والاستبداد واستباحة أعراض وأرزاق الناس محوره ولب القضية فيه هو غياب الحكم الرشيد و لا ندرى لماذا يخشى العديد من المثقفين والنخب العربية المتشبعة بالقيم الغربية الحداثية من وصول الاسلاميين الى سدة الحكم أو من الاسلام السياسى كما يحلو للبعض تسميته ولا ندرى أين يكمن الخوف بالتحديد فتاريخيا لم يتعارض الاسلام مع القيم الكونية والحضارية التى تقوم على احترام حقوق البشر بما فيها حقوق المرأة واحترام الأقليات وترسيخ الديمقراطية فى أنظمة الحكم وتكريس العدالة الاجتماعية وضمان كرامة الانسان بتوفير مورد رزق يمكنه وعائلته من العيش الكريم بالاضافة الى حرية التعبير بما فى ذلك الحق فى الاختلاف فى الرأى فى اطار القانون الذى يكفل للجميع الحق فى العيش المشترك حيث أن هذه المبادىء تعتبر كلها مستوحاة من الاسلام بل الركيزة الأساسية التى قامت عليها الدولة الاسلامية فى فترة الخلفاء الراشدين. واذا رجعنا الى ما جاء فى كتب التاريخ عن تلك الفترة فلا يملك الانسان الا أن يقف منبهرا أمام القيم والمبادىء الانسانية التى قام على اساسها الحكم فى تلك الفترة وذلك قبل قرون من قيام ثورات العصر الحديث وأهمها الثورة الفرنسية والتى رفعت نفس المبادىء والقيم التى قام عليها حكم الخلفاء الراشدين لذلك لا نجد مبررا لهذا الخوف من الاسلام وتخويف الناس والشعوب من مشاركة الاسلاميين فى الحكم والتى هى فى الحقيقة نفس الفزاعة التى كانت تستعلمها الأنظمة الاستبدادية لتخويف الشعوب والمجتمع الدولى والدول المؤثرة فى العالم من وصول الاسلاميين الى زمام الحكم لأنه فى الحقيقة لا يجب أن يكون الخوف من الاسلام ولكن ممن سيتولون الحكم باسم الاسلام فهم المسؤولون عن كل انحراف أو زيغ عن كل ما جاء به هذا الدين السمح من قيم انسانية نبيلة كإحترام حقوق الانسان بغض النظر عن عقيدته أولونه أوجنسه وهذا كفيل لوحده بجعل المتخوفين من الاسلام السياسى يطمئنون على مكتسباتهم الحداثية كما يسمونها بل ولربما وجدوا فيه العديد من القواسم المشتركة التى يدافعون من أجلها وربما اكتشفوا أن الاسلام هو الحل وليس المشكل كما يعتقدون وكما يروجون لذلك فى القنوات الاعلامية التى تحمل نفس التوجس من الاسلاميين والتى تتوافق معهم فى نفس التوجه الايديولوجى والفكرى . لذلك لم نفهم سبب تحسس البعض من ورود مصطلح الخلافة الراشدة على لسان مسؤول أو تداوله من طرف فئة من الشعب التونسى ثم تسويغهم له كحجة عليهم والتشهير به كعنصر ادانة ومؤاخذة على آراء وأفكار الناس ولكن وحسب فهم فئة كبيرة من الشعب التونسى فإن المراد من استعمال هذا المصطلح هو إقامة الحكم الرشيد ولا ندر هل أن الشعب التونسى وعلى راسه النخب والمثقفين من كل التوجهات الفكرية لا يعلمون أن الثورة التى اندلعت فى تونس كنتيجة لتركة 23 سنة من الخراب السياسى والاجتماعى والحيف والظلم والاستبداد واستباحة أعراض وأرزاق الناس محوره ولب القضية فيه هو غياب الحكم الرشيد وأن نطلق عليه مصطلح الخلافة الرشيدة أو الحكم الصالح أو حتى أى مصطلح حداثى آخر ليست هذه القضية المهم أن تستقيم جميع أجهزة الدولة وتخلو من عناصر الفساد التى تنهب وتسرق وتبيح وتستغل القانون لصالحها حتى تتفرغ الحكومة لخدمة ورعاية مصالح شعبها ونشر العدل والمساواة بين جميع أفراده وتفعيل علوية القانون علما وأننا كشعب تونسى نتمنى أن نصل فى يوم ما الى مستوى حكم الخلفاء الراشدين أو على الأقل حتى نحاكيه أو نطمح اليه فهذا ليس من العيب فى شىء وليس مدعاة تحرج بل بالعكس مصدر فخر واعتزاز لأن كل الذى ننشده من أهداف قمنا من أجلها بالثورة كانت قائمة فى عهد الحكم الرشيد وهى العمود الفقرى الذى أبهر العالم بطريقة حكم تفانى حكامها فى خدمة شعوبهم فاتشر العدل والمساواة والتوزيع العادل للثروات وصيانة كرامات الناس بتوفير الرزق واحترام الرأى المخالف والأقليات مهما كانت معتقداتهم أو لونهم أو توجهاتهم أليس هذا ما تنشده الحداثة وينشده عامة الشعب لذلك لا ندرى أين التعارض بالضبط ولذلك فالفهم الصحيح للدين والاطلاع على كتاب الله وسنة وسيرة رسوله الكريم وخلفائه الراشدين من الطرفين سواء كان بالنسبة للذين يدافعون عن الحداثة والعلمانية ويعتبرون تداخل الدين والدولة تخلفا ورجعية أو أيضا الفريق المقابل هو المنطلق الصحيح للنقاش فى هذا الموضوع فلا يجوز لأناس لا يحملون أدنى خلفية عن الدين أن يناقشوا أمورا فقهية وشرعية تتعلق بمصير أمة وشعب وفى فترة حساسة نأمل أن تتجاوزها بلدنا بسلام بوعى جميع التيارات السياسية بدقة المرحلة ومدى ثقل الأمانة الموكولة اليهم من طرف الشعب . -نشر على الوسط التونسية بتاريخ 1 أفريل 2012