إشكالية الرعية والمواطنة 7/4 ------------------------------------------------------------------------ بقلم علي شرطاني – تونس
- المواطنة والرعية في الإسلام : أي معنى وما الفرق بين هذه الصفة وتلك؟ :
فمن موقع كون هذه الأصوات المنبعثة من النخبة العلمانية اللائكية في المطالبة بالمواطنة ورفض أن يكونوا رعايا هي أصوات أفراد مسلمين، أو على الأقل ذات أصول إسلامية، فإنه من العيب ومن المعيب أن يكون القصد هو القبول بصفة المواطنة على بعض المعاني الواردة عليها في الثقافة الغربية، ورفض أن يكونوا رعايا على المعنى الذي جاء عليها في الإسلام، والذي لا يرتقي إلى المعنى المعاصر للمواطنة في الثقافة الغربية المعاصرة، ليكونوا بذلك قد وقعوا في الإساءة للإسلام وللمفاهيم والمعاني الإسلامية في الأصل من حيث يريدون أو لا يريدون، ومن حيث يشعرون أو لا يشعرون، ومن حيث يقصدون أو لا يقصدون، وهل كان ذلك عن فهم ودراسة ومقارنة علمية وتاريخية لهذه المعاني وهذه المفاهيم ومثل هذه الصفات؟ أم كان ذلك على مقتضى ما هو سائد من معنى مبتذل غير مدروس للرعية، مثلما تمت الإشارة إلى ذلك سالفا. فهل يكون هؤلاء قد استحضروا، وهم يرفعون هذا الشعار – مواطنون لا رعايا – ويرفعون من شأن مصطلح المواطنة ويحطون من قيمة مصطلح الرعية والراعي، حديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي يقول فيه »كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... « أم نسوه أم تناسوه وضربوا به عرض الحائط، كما ضربوا ويضربون بالكثير من النصوص الصحيحة والمعاني والمفاهيم والحقائق الإسلامية، بخلفيات مختلفة ولاعتبارات مختلفة ولغايات وأهداف مختلفة ومن مواقع مختلفة وفي أوقات وأماكن مختلفة.. وأنا أقول : إذا كانوا استحضروه فتلك مصيبة وإذا كانوا نسوه أو تناسوه فالمصيبة أعظم. لقد وجدت وأنا أتصفح كتاب » في العقد الإجتماعي « ل" جان جاك روسو" أمران لم أجد مثلهما في ما قرأت للكثير من العلمانيين العرب والمسلمين وما سمعت منهم. 1- فقد جاء روسوا مادحا للجمهورية (الأمبراطورية ) الرومانية في معرض حديثه عن التاريخ القديم بالرغم من نقده لنظامها. فهي في ما كان يبدو له دولة عظيمة. وكانت مدينة روما بالنسبة له مدينة عظيمة. في حين نادرا ما يتحدث مفكرونا العلمانيون حين يتحدثون عن الدولة الإسلامية التي أسقطت الجمهورية الرومانية العظيمة ومدنيتها العظيمة، عن عظمة الخلافة الإسلامية أو الدولة الإسلامية العظيمة التي لا يريد الكثير منهم الإعتراف بصفة الدولة الإسلامية لها، حتى لا يكون ذلك مبررا للعاملين على إعادة العمل بالنظام الإسلامي للتمسك بذلك، وحتى يكون ذلك مبررا لشرعية الدولة العلمانية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، لا يتحدثون عنها إلا حاقدين ساخطين عليها.ومركزين على مثاليتها وأخطائها والمفاسد والمظالم والإنحرافات التي وقعت فيها والتجاوزات التي حصلت فيها. 1- وهو الغربي الفكر والثقافة والعقيدة والتاريخ والحضارة والعرق، فقد أورد في كتابه على النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ما لم يورده ولم يقل به على ما أعلم الكثير من المستغربين في حركة الطائفة العلمانية الطائفية ذوي الأصول الإسلامية. يورد روسو في كتابه العقد الإجتماعي ما يلي » لقد أتى محمد بأفكار جد سليمة وحبك بحذق نظامه السياسي. وطيلة ما بقي نظام حكمه قائما في عهد خلفائه فقد ظل هذا الحكم يمثل وحدة صماء وصالحا من حيث هو كذلك غير أن العرب بعد أن ازدهروا وعرفوا الآداب والثقافة والميوعة والتفسخ أخضعتهم أقوام همج وعندئذ عاد التقسيم بين السلطتين إلى سابق عهده... « فبصرف النظر عما نتفق وما نختلف معه فيه في ما أورد من القول، فقد قال بما لا يقول به العلمانيون المستغربون، وأثبت ما لم يثبتوا ولو كان ينسب ذلك إلى حذقه وعبقريته لا إلى ما كان ينزل عليه من الوحي. وأكد وأقر ما يرفضون وينفون من وجود للدولة في الإسلام ومن وجود للسياسة فيه، وبأن الدين في الإسلام هو السياسة وأن السياسة هي الدين. وإذا كان هناك من فرق بين مثقفينا ومثقفي الغرب الذين وضعوا أسس ومفاهيم ومضامين الحضارة الغربية والثقافة الغربية والفكر الغربي الحديث، هو أنهم كانوا مبدعين في كل شيء، مخترعين ومجتهدين غير مقلدين، وأما نخبنا ومثقفينا في الوطن العربي والعالم الإسلامي، فلديهم إصرار على التقليد وعدم القدرة والجرأة على الإجتهاد والتجديد والإبداع، سواء في النخبة التقليدية التي تنسب نفسها للعروبة والإسلام والأصالة أو النخبة العلمانية التغريبية التي تنسب نفسها للحداثة والتطور والتقدم. فإذا كانت النخبة التقليدية العربية الإسلامية الملتزمة بالفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية والمتعاملة معهما، مبالغة في التمسك بالتقليد ومتوجسة أكثر ما يمكن من الإجتهاد والتجديد والإبداع في هذا الفكر وفي هذه الثقافة القابلة لذلك، والتي لا حياة ولا تطور ولا صلاحية ولا خلود لها ولا لأهلها بدون ذلك، فإن النخبة العلمانية المحتكرة للعقل والعقلانية، ولمشروع الحداثة والتطور والتقدم والتجديد والتحديث والإبداع في الفكر الغربي المتبنية له والمقتنعة به، ولكنها أبت إلا أن تكون تابعة معولة على الجاهز من الأفكار والمعارف في الفكر الغربي والثقافة الغربية، ولا يمكنها إلا أن تكون كذلك. وإذا كان لها من اجتهاد وإبداع وتطوير وتجديد، ففي ما هي متطفلة عليه من الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية والتراث العربي الإسلامي، باتجاه محاولة تطويع المفاهيم العربية الإسلامية للمفاهيم الغربية، وإن أحل ذلك حراما أو حرم حلالا، وإن جاء ناهيا عن معروف أو آمرا بمنكر، وإن أفسد صالحا أو أقر فاسدا، وإن جاء بمفسدة وذهب بمصلحة، وإن ناقض أو خالف أو ألغى معلوما من الدين بالضرورة، وإن دنس مقدسا أو قدس مدنسا. فهم يجتهدون في ما ليس لهم ولا لغيرهم الحق في الإجتهاد فيه، مما يشترط مستوى وتحصيلا علميا معينا، وفي ما لا قدرة لهم على الإجتهاد والتجديد فيه لتلازم العقل والنقل في هذه الثقافة. بحيث لا يكفي أن تكون ذي عقل وعقلانيا لتكون مجتهدا ومجددا ومبدعا في الكثير من القضايا، ما لم تكن ملما إلماما جيدا بعلوم النقل وأصولها وفروعها وآليات تحليلها... من ذلك أتى ما أقرأه في صحيفة " الموقف "(1) تأكيدا على معنى التقليد والتعويل على الجاهز من الثقافة الغربية، في ما كتب صلاح الدين الجورشي كعينة من عينات النخبة المشتغلة بالفكر والثقافة، في مقال له بعنوان :" مفهوم المواطنة والتدين المعيق " يقول فيه »: يمكن الإنطلاق من أن المواطنة مفهوم حديث وهو ما يعني أننا لم نعرفه في التاريخ العربي الإسلامي وإن عرفنا جزءا من مضامينه.. « . ومهما يكن من أمر حداثة هذا المصطلح وحداثة مفاهيمه ومضامينه، فلا يعني ذلك أن نقبله كما هو دائما أو نرفضه جملة وتفصيلا. فالموضوعية والمنهج العلمي يقتضيان منا أن نبحث في هذا المصطلح عن المعاني والمفاهيم والمضامين التي جاء حاملا لها، وننظر إلى ما وافق فيها ما عندنا من مصطلحات دالة على تلك المعاني والمفاهيم، ما توافق منها وما تقارب وما اختلف معها، وما يصلح لنا وما لا يصلح لنا منها، وما تتحقق به مصالحنا وما تدرأ به المفاسد عنا، وما يجمعنا ولا يفرقنا، وما يتفق مع خصوصياتنا وثوابتنا ومقومات شخصيتنا وتميزنا الثقافي والتاريخي والحضاري الذي يجب أن نحافظ عليه ونسعى إلى تطويره بذلك الإتجاه، لتكون له نفس المفاهيم والمعاني والقيم، أو يحل محله ما أصبح لنا من مصطلح خاص يحمل نفس تلك المعاني والمفاهيم والمضامين والقيم، تماما كما فعل الغرب في تعامله وتناوله للمصطلحات اللاتينية واليونانية والعبرانية واليهودية والسريالية..والعربية وغيرها من اللغات. فليس بالضرورة أن نجد في ثقافتنا كل ما في الثقافة الغربية المعاصرة وغيرها من الثقافات وإلا فإنه ليس أمامنا إلا هجرها ومقاطعتها، ولكن علينا أن نقف عند ذلك، وأن نبحث في التطوير والتجديد والإبداع بالإقرار والزيادة والنقصان، والإضافة والتعديل، ما يكون لنا به في النهاية مصطلحاتنا التي نحتاج إليها بما تحمله من مفاهيم ومضامين ومعاني وقيم متطورة، بما تتفق فيه مع الثقافات الأخرى وما تختلف فيه معها. وقد بدا لي أن تعويل النخبة العلمانية عن الجاهز المتطور من المناهج والثقافة الغربية، هو الذي انتهى وحدى بهم إلى القول في غير وعي ومن غير تفكير ولا بحث بمواطنين لا رعايا قبولا وتسليما بمعنى المواطنة في الثقافة الغربية ورفضا للرعية في الثقافة العربية الإسلامية. فإذا كانت » المواطنة عقد يقوم على المساواة الكاملة بين أفراد المجتمع « فماذا تعني الرعية في الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة؟ ومن بين ما نستطيع البحث فيه عن هذا المعنى حديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم » ألا كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته « - رواه البخاري في صحيحه. فتهافت النخبة المتغربة للأخذ بالجاهز الغربي ورفض القديم العربي الإسلامي والتجديد على أساسه هو : 1- رفض للذات وقبول بالآخر عوضا عن ذلك. 2- تواكل لا اتكال وابتعاد عن التجديد والإبداع والإصلاح. 3- نفي للذات التي هي في حاجة إلى إثبات، وتثبيت للآخر الثابت بذاته والذي ليس في حاجة إلى إثبات ولا نستطيع نفيه ولا حاجة لنا في ذلك ولا مصلحة، بل من المصلحة والفائدة أن نحافظ على ذلك على قاعدة الإثراء والزيادة والمشاركة والتعاون والتكامل. فصلاح الدين الجورشي مثلا حينما كتب في مقاله أن المواطنة مفهوم حديث، فقد يكون قد حصل عنده خلط
(1) الموقف : عدد : 421 / 5 أكتوبر 2007 . من حيث يدرك أو لا يدرك ومن حيث يشعر أو لا يشعر ومن حيث يقصد أو لا يقصد في المفهوم وفي المصطلح وهو الذي يقول : »...وإن عرفنا جزءا من مضامينه... « فإذا كان المفهوم تحديد المضمون والمعنى الأكثر ربما صحة، هو أن المواطنة مصطلح حديث وإن لم نعرفه في التاريخ العربي الإسلامي، إلا أننا عرفنا كما يقول هو نفسه جزءا من مضامينه، إذ الجديد هو المصطلح وليس المفهوم والمضامين. وإذا كنا قد عرفنا جزءا من مضامينه فلسنا معنيين، ونحن السابقون لبعض هذه المضامين بمعرفة كل مضامينه وهو اللاحق لهذه المضامين، وعلينا أن لا ننكر على أنفسنا السبق الحضاري والعلمي والمعرفي ولا أن نتنكر لها، ولا أن نرفض ذواتنا وننفيها من خلال نفي المصطلح أو المصطلحات الدالة على هذه المعاني، وإلحاق أنفسنا بمصطلح المواطنة المتضمن لها وزاد عنها، في الوقت الذي كان حري بنا حين نكون محترمين لأنفسنا، وحين نريد أن نفرض على الآخر أن يحترمنا من خلال ذلك ومن خلال ذلك فقط، أن نتمسك بمصطلحاتنا القديمة بذلك الجزء من المضامين، وأن نضيف إليها ما نراه مناسبا من المضامين الجديدة كلها أو جلها أو بعضها. ولا بأس مع ذلك ولا مانع من التمسك كذلك بمصطلح المواطنة بمضامينه تلك بعضها أو كلها أو جلها والمطالبة بها، إثباتا للذات وتأكيدا لها، واستفادة من الآخر والإعتراف به، من منطلق أن ثقافتنا هي ثقافة المجادلة بالتي هي أحسن، وثقافة البر والقسط والعدل بين الناس جميعا وثقافة التعارف. يقول تعالى » : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم « . وبتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم سنتبين إذا ما كان إثبات المواطنة ونفي الرعية في مكانه، أم أن الأمر يقتضي منا المراجعة والتصحيح قبل التحسين والتقبيح والتثبت والترجيح قبل النطق والكتابة والتصريح، وليس بالضرورة كذلك وليس مطلوبا أن تأخذ المواطنة معنى الرعية، أو أن يكون للرعية نفس مفهوم ومعنى المواطنة. فمن بين الدلالات الواضحة في الحديث الشريف، أن كل الناس رعاة أو مسؤولين وأصحاب مسؤوليات بحسب موقع كل واحد من أفراد المجتمع من المجتمع، وبحسب ما هو ميسرا له. وهذه المسؤولية هي المناطة بعهدة كل واحد من بني آدم على قاعدة الإستخلاف التي مفادها أن كل واحد من بني آدم هو خليفة لله في الأرض. فالإمام هو خليفة الله في الأرض وهو مسؤول عن رعيته أي عن خلفاء لله في الأرض مثله، ومن مواقع مختلفة باختلاف قدرات الناس النفسية والروحية والعقلية والجسدية وغيرها، وحاجات المجتمع وما هم ميسرون له، وكل واحد من هؤلاء الخلفاء راع أي مسؤول عمن يليه ممن لهم مسؤوليات بعضها تحت بعض. وكل واحد من أفراد المجتمع راع ومسؤول عمن يليه ممن لهم مسؤوليات أقل، وعمن لا مسؤولية لهم من القصر والمرضى والعجز وأصحاب الإحتياجات الخاصة من البشر، وعمن لا مسؤولية لهم من غيرهم من خلق من الكائنات الحية التي سخرها الله لهم. فلا مسؤولية في المجتمع البشري عموما لغير الراشد العاقل من ذكر وأنثى. فالراعي مسؤول والراعية مسؤولة، والرعية مسؤولة لما فيها من الرعاة ومسؤولية عمن دونهم ومن يليهم، ومسؤولون عن الرعية لما فيها ممن تلزم رعايتهم ممن لم يبلغوا مستوى المسؤولية ومن لا مسؤولية لهم أصلا. فالمسؤولية هي جميع الواجبات. فالكل متساوون في المسؤولية أي في الواجبات من ذكر وأنثى، ومن عبد وحر، ومن أبيض وأسود، ومن عربي وأعجمي، ومن مؤمن وكافر وبر وفاجر...وكل يتمتع بحق الرعاية على من يليه ممن له عليه مسؤوليات. فتسلسل المسؤوليات كواجبات يقتضي تسلسل الحقوق. فالكل مسؤول ومسؤولا عنه. وعلى الكل واجبات ولهم حقوق... فمعنى الرعية عندما لا ينظر إليه إلا من خلال معنى حقوق وواجبات الأجنبي في غير بلاده، وإلا من خلال المفهوم المستفاد من المعنى الشائع عندنا في الأوساط الشعبية، وحتى في أوساط النخبة التي أخذت فهمه على علاته على ذلك المعنى السائد، والذي لا يفهم منه إلا الدونية، والذي لا معنى فيه لحقوق وواجبات، ولكن على معنى الذين لا حقوق لهم وليس عليهم إلا والواجبات نحو الراعي أي المسؤول. هذه النخبة التي تبدوا ليست معنية بمراجعة السائد من المعاني والمفاهيم في الثقافة الرعوانية الشعبية، والتي قد تجد لها أصلا في الثقافة الأصلية الأصيلة، إلا أنها تكون قد حيد بها عنه...ويصبح ذلك المعنى مرفوضا ولا علاقة له بمفاهيم ومضامين ومعنى المواطنة الذي كان من إبداعات العقل الغربي، وتطور الأحوال والأوضاع وعلاقات الإجتماع البشري في شكله الحديث في ثقافة الحضارة الغربية المعاصرة. وبالرجوع إلى الأصول والمعنى الأصلي، ووضع المعنى والمفهوم في إطاره الثقافي والفكري والسياسي التاريخي على معنى الإسلام للحياة والإنسان والكون، فإنا وإن لم نجد فيه مفهوم ومضامين المواطنة الحديث، إلا أننا واجدون فيه معاني كثيرة قد لا تكون معاني ومضامين المواطنة الحديثة أفضل منها، ولعل تلك تكون أفضل من هذه، دون أن يعني ذلك إهمال تطور المفاهيم والمعاني، وما انتهى إليه العقل البشري الإنساني الحديث من إبداعات. فبالمقارنة الممكن إجرائها على مصطلح المواطنة والرعية على المعنى والمفهوم الواردة فيه في الحديث الشريف وفي أدبيات الثقافة العربية الإسلامية، لا نرى مبررا على الأقل لإدامة تكرار النخبة لشعار "مواطنون لا رعايا ". فتمسكهم بالمواطنة لا يجب أن يقترن بالضرورة برفض الرعية على المعنى الذي لا تختلف فيه في الحقيقة كثيرا عن معنى المواطنة، لأن في ذلك إساءة عن قصد أو عن غير قصد، عن علم أو عن غير علم، لثقافتنا ولتراثنا ولديننا ولنبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.