وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل: صدور قرار يتعلق بمؤسسات إسداء الخدمات بالرائد الرسمي... التفاصيل    عاجل : دوي انفجار قرب إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في البحر المتوسط.    تفاصيل الهجوم الذي استهدف اسطول الصمود العالمي    ماذا في ميزانية 2026: التشغيل، الاستثمار والتحول الرقمي في صميم الأولويات    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    ماكرون: ترامب لن ينال جائزة نوبل للسلام إلا بإنهاء الحرب في غزة    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    عاجل/ تفكيك شبكة خطيرة لترويج الكوكايين بهذه الجهة من العاصمة    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    بطولة العالم لألعاب القوى - عدد قياسي للدول الفائزة بميداليات في النسخة العشرين    كاس العالم لكرة السلة... قطر 2027 : تونس تحتضن تصفيات النافذة الاولى    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    ماتنساوش: مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا بين الاتحاد المنستيري والأسود السيراليوني في هذا التاريخ    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    جندوبة: المطالبة بصيانة شبكة مياه الري لتامين حاجيات القطيع والاعداد للموسم الجديد    بالفيديو.. ماكرون "علق" بشوارع نيويورك فاتصل بترامب.. لماذا؟    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    اللاعب التونسي مراد الهذلي يجدد التجربة مع أهلي طرابلس الليبي    "DONGFENG" تمر للسرعة القصوى في تونس…! "DONGFENG" تُقدّم مجموعتها الجديدة من السيارات التي تشتغل بالطاقة المتجددة    الحضانة المشتركة من اجل تعزيز المصلحة الفضلى للأبناء بعد الطلاق    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    قبلي: انطلاق دورات تكوينية في الابتكار في النسيج والصباغة الطبيعية لفائدة حرفيات الشركة الاهلية "رائدات"    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    عاجل: ظهور سريع للسحب الرعدية يفرض الحذر في كل مكان!    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ لأوّل مرّة: مسؤول أميركي يعترف ب"هجوم إسرائيلي على تونس"..    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    رئيس الجمهورية يدعو إلى تأمين محيط المعاهد ومقاومة تجّار المخدرات    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : أفكار حول تشخيص الأزمة السياسية وحلها ...
نشر في الوسط التونسية يوم 12 - 02 - 2013

السيد رئيس الوزراء حمادي الجبالي أخطأ بلاشك حين قطع مع استشارة مؤسسات حزبه في الاعلان عن قراره , وقد وضع النهضة في احراج كبير أمام من منحها الثقة , وأحسب أن عليه العودة من جديد الى مربع الشورى اذا كان حريصا على وحدة حركته في هذا الظرف , اذ أقدر أن في انقسام النهضة خطرا حقيقيا على هشاشة المسار الديمقراطي الانتقالي الذي تعيشه تونس...
وبالمقابل فان على النهضة الابتعاد بحزبها عن الاتهامات والشبهات , واحداث تعديلات مؤثرة بالحكومة عبر تغيير يشمل وزارة سيادية واحدة , مع تغييرات في الحقائب الاقتصادية والخدمية , بما يعجل باحداث ديناميكية سياسية مطلوبة في الظرف الراهن .
لازلت أعتقد جازما بأن بعض الأحزاب والحركات الوطنية التي احتضنت أجيالا عديدة من التونسيين , تظل بمثابة الجامعات أو المدارس العليا التي زاوجت بين التربية والتكوين , وأن الاختلاف معها أو نقدها لاينبغي أن يتحول الى خصومة فاجرة تخل بعدل أصحابها حين ادلائهم بنقد أو بشهادة على العصر ...
حين أتحدث شخصيا عن حركة النهضة , فانني أتحدث عن جراح المنفى الذي لم يلتئم منذ واحد وعشرين سنة , وعن تجربة تربوية وفكرية وسياسية امتدت لربع قرن , وعن الوفاء الذي يجمعني بمناضليها وقادتها الذين عانقوا التعذيب والسجون والمنافي على مدار ثلاث عقود , لتأتي الثورة فتنصف بعضهم على مستوى تجليات ثقة الناخبين , ثم تسير الأمور الى مخاض معقد أعتقد بأنه كان مزيجا من حصيلة أخطاء داخلية وتآمر خارجي يريد أن يغتال الربيع كما تم اغتيال بلعيد بالرصاص...
يحتم علي الوفاء للحركة التي تربيت فيها أن أكون ناصحا لها حتى وان تواجدت خارج مؤسساتها في ظل اختلاف قديم يعود الى زمن المخلوع حين كنت أحد الداعين الى المصالحة الوطنية الشاملة وطي جراح الماضي , بعد أن استقرأت مبكرا مايمكن أن تؤول اليه الأمور في ظل الانقسام الايديولوجي الحاد الذي يوجه معالم الحياة السياسية ...
لم يكن خافيا علي بأن "بن علي" ديكتاتور , وبأنه أحاط نفسه ببعض الأصهار الفاسدين , ولم تكن خافية علي شمولية الحزب الحاكم آنذاك , ولكن بالمقابل كنت أعلم حقيقة العلم بأن بن علي لم يحكم لوحده , فقد أحاط المخلوع نفسه بنخبة يسارية متمترسة بالتجمع المنحل وباتحاد الشغل وبالوزارات وبمفاصل الدولة ومؤسساتها واداراتها عبر سلك الوظيف العمومي...
يستثنى من هذا اليسار بعض الفصائل المناضلة التي سلكت مسلك المعارضة , وقد مثل هؤلاء أقلية ضمن تيار واسع اختار الافتاء لبن علي كما تشكيل دولة موازية ترث الحكم حين ينهار الأخير وتدخل البلاد في مرحلة ربع الساعة الأخير من صراع الاستخلاف .
فاجأت الثورة هؤلاء , وصفعتهم على حين غرة , واحتاج الأمر الى اعادة تنظيم صفوف , من أجل تشكيل العمود الفقري للثورة المضادة , فقد خاصم هؤلاء النهضة وراء جبة بن علي بتزكية سياسته الأمنية أو حتى الاشراف عليها داخل أجهزة الداخلية .., وحالوا دون تصالح الدولة مع التيار الاسلامي حين لاحت آفاق العودة الشعبية الواسعة الى الهوية...
حين اختار الشعب في انتخابت أكتوبر 2011 اعطاء ثقته للنهضة وأحزاب الترويكا , جن جنون هؤلاء وتحول حكام الأمس الى معارضي اليوم , مع تخف أحيانا وراء رموز نظيفة مجروحة من حصيلة ضحلة في الانتخابات ...
لم يجمع يسار اليوم ب"تجمع" الأمس الا شعار اسقاط الحكومة , ولم يعد مفهوم الديمقراطية يتسع صبرا لنتائج الاقتراع القادم, بل أصبحت لغة الشارع والاضراب ومشتقاته وأخواته سبيل هؤلاء في مناهضة النهضة حتى ولو كان ذلك بسبيل اضعاف الدولة وارباك المجتمع ...!
لم يحرك هؤلاء الا الحرص على العودة للسلطة من جديد ولو كان بسبيل الانقلاب , كما الحقد المتأصل على التيار الاسلامي حتى وان كان في قمة الاعتدال ..., واستعملت في ذلك أدوات توظيف الميليشيات القديمة ومجرمي الحق العام من أجل زعزعة الاستقرار والايحاء بصعود السلفية الزاحفة في ظل حكم النهضة , بل تم في أحيان كثيرة تقمص دور السلفية في أعمال تخريبية استهدفت أهداف حيوية سياحية وثقافية...
لايمكن بلاشك انكار وجود تيار سلفي متشدد صنعه انغلاق نظام بن علي , غير أن السلفية في تونس تبقى ظاهرة طبيعية في ظل محيط عربي واسلامي يؤثر ويتأثر , والتعاطي مع الظاهرة لايمكن في تقديرنا أن يكون بسياسات العقاب الجماعي بقدر ماأن العلاج يمر عبر اعادة الاعتبار لدور الاسلام الوسطي في الحياة العامة .
واذا كانت قمة جبل الجليد في تجسيد شعار "اسقاط الحكومة" أرادت الاستثمار الرخيص لاغتيال مشبوه ومحير لشكري بلعيد , فان أخطاء الترويكا في مسلسل التعديل الحكومي تكون قد وفرت مناخا ملائما لبلبلة الشارع ,والايحاء بفشل النهضة في حكم البلاد ...
اذ أصرت بعض أطراف الترويكا , على ابتزاز النهضة في موضوعة الحقائب السيادية , لتشعر النهضة بمرارة الائتلاف حين يغيب الانسجام ...
وبعيدا عن التفصيل فقد أراد حمادي الجبالي اخراج الحلقة النهائية لمسلسل التعديل , الا أن خطأه الأكبر حين حول المعارضة الى صديق شخصي وأصدقاءه في الحزب والحكم الا خصوم فكرة لايجتمعان عليها ! , اذ أن الشعب منح ثقته الى سياسيين ولم يمنحها الى تكنوقراط كي يقودوا مشوار الحكم - اللهم ان اقتضت الضرورة الاستعانة بخبراتهم في مفاصل الدولة وهو أمر طبيعي .
السيد رئيس الوزراء حمادي الجبالي أخطأ بلاشك حين قطع مع استشارة مؤسسات حزبه في الاعلان عن قراره , وقد وضع النهضة في احراج كبير أمام من منحها الثقة , وأحسب أن عليه العودة من جديد الى مربع الشورى اذا كان حريصا على وحدة حركته في هذا الظرف , اذ أقدر أن في انقسام النهضة خطرا حقيقيا على هشاشة المسار الديمقراطي الانتقالي الذي تعيشه تونس...
وبالمقابل فان على النهضة الابتعاد بحزبها عن الاتهامات والشبهات , واحداث تعديلات مؤثرة بالحكومة عبر تغيير يشمل وزارة سيادية واحدة , مع تغييرات في الحقائب الاقتصادية والخدمية , بما يعجل باحداث ديناميكية سياسية مطلوبة في الظرف الراهن .
وبلاشك فان تطعيم الحكومة بتكنوقراطيين ككتاب دولة , يعد أمرا مطلوبا في مايمس حياة المواطن ومعيشته اليومية , وهو مايعد في نظرنا مخرجا وسطيا ذكيا من أزمة سياسية طالت وبدأت تقلق رجل الشارع .
لاضير أن يقود السيد حمادي الجبالي الحكومة في صيغتها المعدلة وهو الأفضل , ولكن ان تعذر الأمر فيستمر مشوار الدولة , وأحسب أن السادة عبد الكريم الهاروني أو عبد اللطيف المكي أو غيرهما.. لقادر على مواصلة مشوار وضعت فيه النهضة على طريق تحفه أشواك الخصوم .
12 فبراير 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.