- عبد العزيز بلخادم من الشخصيات التي تؤمن بأن الشمس تشرق على الجميع لأنها مسخرة من عند الله ، و لم يدعي في يوم من الأيام رغم المناصب الهامة التي تقلدها في وقت مبكر بأن له باعا في عالم السياسة و في فنون أخرى لا قدرة لنا على مجاراته فيها ، بل و كما عهدنا الرجل متواضعا في هندامه و في طريقة جلوسه و في كلامه الذي لا يجعلك تعتقد أن الرجل يفتقد إلى الذكاء و اللباقة و هو بكل ذلك يلقى التأييد من الوطنيين النزهاء و من الإسلاميين العقلاء الذين يرون فيه الشخص المناسب لفتح صفحة جديدة مع النظام بكل ما يحمله من تدافع بين بعض الزمر المتنفذة في السلطة . نزل بلخادم الذي لا تستهويه الألقاب ليلة السبت من 11 نوفمبر ضيفا على منتدى التلفزيون الذي عادت برمجة حصته بعد انقطاع نجهل أسبابه و لكن هذه المرة بدل أن يبث على الساعة الثالثة بعد الظهر كما كان عليه الأمر سابقا تأخر إلى غاية التاسعة ليلا حتى يتمكن جمهور المشاهدين من متابعته و الاستفادة منه ,و الشيء الجديد الذي أدخل على الحصة هذه المرة أنه تم استقبال تساؤلات و انشغالات المواطنين المطروحة على معاليه عن طريق البريد الإلكتروني مع تواجد الصحفيين الذين ظهر عليهم بعض الفتور في نقاشاتهم إلى جانب حضور بعض الوجوه من المجتمع المدني في الأستوديو و قد بلغ مجموع الأسئلة التي طرحت حوالي 30 سؤالا تطرق فيها أصحابها لمجمل الملفات المفتوحة على الساحة الوطنية . الملاحظ أن الطاقم الوزاري الذي كان مرافقا لبلخادم كان يتعدى العشرين، حظر من بينهم الوزير الذاهب العائد و المشاكس دوما السيد بن اشنهو إلى جانب وزير الدولة وزير الداخلية السيد زرهوني الذي يريد أن يثبت ربما بحضوره أنه في ظروف صحية جيدة و لا داعي للحديث حول رحيله بسبب هذا الموضوع و لكن اللافت هو غياب بعض الأوزان الثقيلة مثل وزير العدل حافظ الأختام و الوزير المنتدب لوزارة الدفاع، و من الأوزان الخفيفة التي غابت عن أعيننا هي السيدة نوارة جعفرة وزيرة شؤون الأسرة و قضايا المرأة ، التي تجاهلت سؤالنا الذي تقدمنا به إليها حول ظاهرة العنوسة و الانحرافات التي انزلقت إليها المرأة الجزائرية و قد مر على ذلك أكثر من ثلاث سنوات بعد إيداعه على مكتب المجلس الشعبي والظاهر أن معاليها منشغلة بأشياء أخرى غير المرأة و شؤونها. رحلة الساعتين التي قضيناها مع بلخادم طاف من خلالها في الحديث عن الوضع العام السائد في البلاد و عن المواضيع ذات الصلة بحياة المواطن بصفة عامة من عالم الشغل إلى التعليم إلى الوضع الأمني و كل ما يرتبط بالتنمية و المخطط العمراني للمدن الجزائرية التي انشأ من أجلها مرصدا حتى تتمكن من توديع مظاهر التخلف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، هذا و قد أعطى لمحة موجزة عن كيفية اتخاذ القرار على مستوى مجلس الحكومة الذي يبنى على الدراسة و التشاور المشترك مع جميع القطاعات إلى أن ينتهي بعرضه على مجلس الوزراء ليعاد قراءته مرة ثانية و يخرج فخامة رئيس الجمهورية بعد ذلك بخلاصة تمكنه من اتخاذ القرار النهائي الذي يرى فيه المصلحة العامة للبلاد ثم تأتي مرحلة المتابعة حتى يتحول القرار إلى واقع عملي في الميدان بعد إصدار التعليمات للدوائر الوزارية لمتابعة أطوار الملف ، الذي يهدف أولا و قبل كل شيئ فيما يهدف للاستجابة لانشغالات المواطن و اهتماماته و تلبية حاجياته اليومية و ذلك للتكفل بها و تحقيقها . لقد أخذ ملف المصالحة و الأشواط التي قطعها في التكفل بضحايا المأساة الوطنية الحيز البارز في تساؤلات الصحفيين و بالخصوص و أن العمليات المسلحة بدأت تطل علينا هذه الأيام في محاولات يائسة للتشكيك و التشويش على مسعى السلم و المصالحة الوطنية التي هي خلق و سلوك غير مرتبط بسقف زمني كما قال و لكن و دون الدخول في تفاصيل الأرقام التي قدمها بلخادم حول عدد المفقودين (6601) و عن عدد الإرهابيين الذين قتلوا( 16903) و عن عدد المفصولين من مناصب عملهم ( 13320) لا بد من التأكيد كما قال أن الملفات في طريق التسوية النهائية و إن لم ينفي بعض الصعوبات و التباطؤ في معالجتها، أما عن عودة العمليات الإرهابية و ظاهرة الاختطاف التي أضحت تقلق المواطن قلقا, شدد على أن الدولة عازمة عل محاربة كل من يروع الامنين و تسليط أقسى العقوبة على الخارجين على القانون مهما كانت مراتبهم و مواقعهم بما فيهم الذين يعبثون بالمال العام الذي هو ملك للشعب و أوضح بالمناسبة أن الفساد ظاهرة قديمة و عامة لا تقتصر على الجزائر فقط وما يشاهد اليوم من ضجيج حولها هو أنه كان يتكتم عليها بالأمس و لكن القرار السياسي اتخذ لمعالجة الأمور بكل شفافية الأمر الذي طرح استفهامات كثيرة حول الموضوع .. الفضول حول معرفة المزيد عن قرار إرجاء موعد تعديل الدستور كان طاغيا، و إن لم يضف بلخادم أي جديد عن التصريحات التي أدلى بها قبل هذا الموعد من أن أولويات رئيس الجمهورية أملت عليه ذلك و من أن التدحرج لا يعني التراجع عن فكرة تعديل الدستور و عرضه للإستفتاء تزامنا و الفترة التي انتقلت فيها قيادة التحالف الرئاسي لحزب أويحي و في ذلك دلالة لا يفقهها إلا الراسخون في السياسة و مكرها، هذا و لم يجد حرجا في رده على أحد الصحفيين الذي خاطبه بالقول " متى يستيقظ المواطن صباحا و يجد القانون الذي نام عليه لا زال ساريا ؟" في إشارة منه الى أن الحكومة تراجعت عن كثير من القرارات التي سبق و أن اتخذتها سواء فيما تعلق بقانون المحروقات أو بالمنظومة التربوية أو في بعض مجالات الخوصصة و أخيرا حول تعديل الدستور ،فكان الرد بكل بساطة أن القوانين ليست مقدسة و لم توضع و تسن إلا لتحقيق المصلحة العامة و لا عيب في مراجعتها ما كانت هناك نقائص و خلل يجب تداركه. السياسة الخارجية مع بعض الدول مثل فرنسا :لم ينتهي الحديث حول طبيعة العلاقة التي تجمع بين البلدين و في إثارة القانون العار الذي أصدره البرلمان الفرنسي حول محاسن الإستعمار مما زاد في تشنج العلاقة, و عليه فان المطلوب من فرنسا تجريم هذا الإستدمار و أصحابه و هذه مسؤولية أخلاقية تتحملها فرنسا و إذا كان الشعب الجزائري متسامحا فلا يمكن أن يلغي ذاكرته و لا بد إذا أريد للأمور أن تستقيم من اتخاذ هذه الخطوة و عليه يمكن الحديث حول علاقة مبنية على الندية و المنافع المشتركة و بدون ذلك لا يتحقق أي تقدم مستقبلا ، و أما عن الجارة الشقيقة المغرب فلقد أعرب عن حرص الجزائر على بناء الصرح المغاربي و على حسن الجوار المبني على التفاهم و طالب ألا يحصر ملف الصحراء الغربية بين الجزائر و المغرب بعدما أصبح ملكا للشرعية الدولية التي اعترفت للشعب الصحراوي بحق تقرير المصير كما استنكر في رده الإرهاب الممارس على الشعب الفلسطيني الذي أ ثبت هو كذلك أنه قادر على ممارسة الديموقراطية في إدارة شؤونه ,هذه الديموقراطية التي أدار أظهرهم لها المبشرون بها ودون استحياء وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية حليفة إسرائيل، كما أعرب عن أسفه لما يحدث في العراق الجريح هذا البلد كما قال الذي علمنا الكتابة و القانون و تمنى لأبنائه أن يغلبوا الحكمة ليبقى العراق الشقيق حرا و موحدا . كان مراسل قناة العربية أحمد حرز الله مهتما بحكم مهنته بالشأن الإعلامي بالجزائر وعبر لبلخادم عن استغرابه كيف تعمل الدولة الجزائرية على الانفتاح الاقتصادي و تسخر له كل الإمكانيات و لا تسعى بنفس الإرادة و الحماس إلى الانفتاح الإعلامي و بالخصوص السمعي البصري، فجاء الجواب متوقعا و منسجما مع نظرة رئيس الجمهورية للموضوع من أن البلاد في حاجة إلى تماسك يحفظ لها هويتها من التهديد و العمل على ذلك يتم على مستوى العديد من الجبهات التربوية و التعليمية موضحا أن شبح العولمة ما هو إلا أمركة تحاول التستر بثوب جديد ثم أضاف " ما أسهل الاستثمار في قطاع الإعلام اذا ما توفرت له الأموال " و لكن أكد أن لكل شيء أوانه. ختام الجلسة المسائية دار حول تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية و كم خشيت أن يختتم اللقاء دون فتح هذا الملف الذي يعتبر في اعتقادي أم المعارك التي ستخوضها الجزائر ، و الحقيقة فلقد صدمت أن يختزل الحديث حولها في أن الجزائر مستعدة لهذا العرس و في استقبال ضيوفها من الأشقاء العرب على أحسن حال و نحن نعلم أن الأمر لا يسر و بالخصوص أن أصواتا حتى من داخل المحافظة المسؤولة للتحضير لهذا الموعد لا تبشر بالخير و من أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ و هي تشكك في نجاح هذا الرهان الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا بضعة أشهر ,هذا و كل المؤشرات توحي أن سمعة البلاد في خطر بإجماع معظم المراقبين من مثقفين و إعلاميين و لا حديث هنا عن السياسيين الذين انشغلوا بالنميمة و نشكر السيد معالي رئيس الحكومة الذي كان ضيفا خفيفا علينا . النائب عدة فلاحي