في الوقت الذي يواجه فيه الشعب المصري أزماتٍ عديدةً فوجئنا بقيام قوات الأمن باعتقال أكثر من 140 طالبًا وأستاذًا بجامعة الأزهر؛ على خلفية عرض رياضي سارع الطلاب بتقديم اعتذارهم عن سوء الإخراج أو إساءة الفهم لما قاموا به. والكتلة إذ ترى أن القضية تم تضخيمُها للتغطية على أزمات كثيرة يعاني منها الشعب المصري فإنها تريد توضيح بعض النقاط: أن هؤلاء الطلاب وهم قيد الحبس والتحقيق الآن قد امتلكوا من الشجاعة الأدبية القدرة على الاعتذار، في الوقت الذي فقَدَ فيه مَن هُم أكبرُ منهم بكثير هذه القدرةَ على الاعتذار عن جرائم أكبر بحقِّ هذا الشعب، لا زالت ماثلةً في الأذهان وليست منا ببعيد، كحادث العبَّارة، والمبيدات المسرطنة، والاعتداء على الصحفيين، والتحرش بالصحفيَّات، وإهدار حقوق العمَّال، وموجة الغلاء غير المسبوقة. كما أن هذا الحدث كشف عن مكنون ما يعانيه المجتمعُ الطلابيُّ في كل الجامعات المصرية، في إطار سياسات الإقصاء التي تمارَس ضدَّهم، ومنعهم من ممارسة حقِّهم الدستوري بالمشاركة في الانتخابات، وهو الأمر الذي أدى بهم إلى تنظيم انتخابات اتحاد الطلاب الحر، والذي ترتبت عليه ممارساتٌ أكثرُ بشاعةً، تعرَّض لها الطلاب، من أعمال بلطجة في جامعة عين شمس، ثم اعتقالات في الأزهر. ولا يفوتنا في هذا السياق الإشادة بموقف جماعة الإخوان المسلمين، التي بادرت بالتأكيد على رفض واستنكار أي موقف من شأنه إثارة الخوف أو القلق لدى الناس، ولو كان عرْضًا رياضيًّا وبحسن نية، وهذا هو المتوقَّع من جماعةٍ حرصت طوال تاريخها الممتدّ على التأكيد على إبراز سَمْتها الإصلاحي ونهجها السلمي ودعوتها لوحدة الصف ودفعت في سبيل ذلك الكثير من التضحيات. أخيرًا.. تدعو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين إلى تشكيل لجنة برلمانية لتقصِّي الحقائق لبحث القضية من جميع جوانبها. والله الموفق، وهو من وراء القصد. نيويورك تايمز: الإخوان ملتزمون بالعمل الاجتماعي وبعيدون عن العنف - رويترز: المنظمات الحقوقية تؤكد أن الاعتقالات في صفوف الجماعة مستمرة منذ زمن - بي بي سي: النظام المصري يسعى لعرقلةِ دور الإخوان المسلمين في الحياة السياسية كان لحملةِ الاعتقالات التي نفَّذتها السلطات المصرية ضد عددٍ من أعضاءِ جماعة الإخوان المسلمين صدًى كبيرٌ في وسائل الإعلام العالمية التي عبَّرت عن دهشتها من الحملة، ومن ضعف الأُسس التي قامت عليها، إلا أنَّ الصحفَ الصهيونية خرجت عن ذلك الإطار بالطبع وأعلنت شماتتها في الإخوان المسلمين، كما حرصت وسائل الإعلام على أن تورد موقف الإخوان المسلمين من الاعتقالات، ومن الاتهامات التي تأسست عليها الحملة. الأمريكية التي أكدت أنَّ الإخوان المسلمين لا حاجةَ لهم بتأسيس جناحٍ عسكري لأنهم يهتمون بالعمل الاجتماعي، كما يحققون نجاحًا سياسيًّا يتمثل في حصولهم على 88 مقعدًا في مجلس الشعب بعد الانتخابات التشريعية التي جرت بين شهري نوفمبر وديسمبر من العام 2005م. وذكرت الجريدة أنَّ تلكَ المزاعم تتنافى مع توجهات الجماعة التي تستند حاليًا إلى الخدمات الاجتماعية بالإضافةِ إلى عملها السياسي الذي منحها 88 مقعدًا في مجلس الشعب المصري، وهو ما أدَّى إلى إضعافِ احتكار الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم للسلطة في المجلس. وأوردت الجريدة موقف الجماعة من الاستعراض والذي أكدت أنه كان خطأً، كما نقلت عن الدكتور عصام العريان قوله إن ما حدث من اعتقالات هو أمر "مدهش وخاطئ فالطلبة قد اعتذروا وينبغي قبول الاعتذار". أما الأمريكية فقد قالت في تقريرها إنَّ الحملةَ شملت النائب الثاني لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين المهندس محمد خيرت الشاطر و180 آخرين من أفراد الجماعة من بينهم العديد من طلاب جامعة الأزهر بسبب المظاهرة التي قام بها بعض الطلبة من الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم في جامعة الأزهر؛ احتجاجًا على منع مرشحي الجماعة من المشاركة في انتخابات اتحاد طلاب الجامعة. وترى الجريدة أنَّ الاعتقالَ لم يتأسس على أدلة ملموسة، ولكنه استند إلى مجرَّد ظنون نتجت عن اعتصامٍ قام به طلبة الإخوان للاعتراض على حرمانهم من حقِّهم في المشاركةِ في انتخابات اتحاد الطلاب، كما أشار التقرير إلى اعتذار طلاب الإخوان عن الدلالات غير المقصودة التي حملها ذلك العرض بالإضافةِ إلى إعلان قيادات الجماعة عن أنَّ ذلك الاعتصام كان خطأ. وأورد التقرير نبذة عن المهندس الشاطر أشار فيها إلى أنه النائب الثاني للمرشد العام ويبلغ من العمر 55 عامًا، موضحةً أنه سبق وأن اعتُقل 4 مرات وبلغ مجموع الفترات التي قضاها في الاعتقال 7 سنوات، كما ذكر التقرير أنَّ الجماعةَ تتمتع حاليًا ب88 نائبًا في مجلس الشعب. رفض التوريث أما وكالة (أسوشيتد برس) الأمريكية للأنباء فقد أشارت إلى نقطة الجناح المسلح للجماعة في الماضي قبل أن تحله الجماعة وقالت: إن ذلك الجناح قدَّم العديدَ من الخدمات للحركة الوطنية في التاريخ المصري ومن بينها المشاركة في حرب ال1948م، ضد الكيان الصهيوني إلى جانب العمل ضد قوات الاحتلال البريطاني حتى انسحابها من البلاد، كما شاركت في دعم الجيش المصري خلال العدوان الثلاثي في العام 1956م، كما ذكرت أنَّ الحملةَ تأتي في أجواء مواجهة بين الإخوان المسلمين والنظام بسبب رفض الإخوان لخطط توريث الحكم المتوقع أن يتم تنفيذها في مصر بنقل الرئاسة من الرئيس حسني مبارك إلى نجله جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وكالة (رويترز) البريطانية للأنباء أشارت إلى أنَّ الاعتقالات التي تمَّت في صفوف الإخوان جاءت بسبب احتجاجاتِ طلاب الجماعة على حرمانهم من المشاركة في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الأزهر، كما أوضحت أن طلاب الإخوان تعرَّضوا لعملياتِ قمعٍ واسعةِ النطاق على يد القوات الأمنية المصرية، بالإضافة إلى حرمان ممثليهم من دخول انتخابات اتحاد الطلاب في الجامعات المصرية المختلفة، مؤكدةً أنَّ الجماعةَ لا تتبنى مبادئ العنف في عملها السياسي والاجتماعي، كما أشارت إلى أنَّ منظمةَ هيومان رايتس ووتش أكدت أنَّ الاعتقالات ضد الإخوان المسلمين في تصاعدٍ منذ تحقيقهم الفوز ب88 مقعدًا في مجلس الشعب المصري. أدلة متهافتة هيئة الإذاعة البريطانية ال (بي بي سي ) قالت في تقريرها حول الموضوع إنَّ السلطات المصرية استندت في حملة الاعتقالات إلى تقارير صحفية جاء فيها أن "الجماعة تعمل على تشكيل أجنحة عسكرية"، وبالتالي فإنَّ الاعتقالات لم تتم على أدلةٍ واضحة، وحرصت ال(بي بي سي) في تقريرها على إيراد موقف الإخوان المسلمين وبخاصة تصريحات القيادي البارز في الجماعة الدكتور عصام العريان التي أكد فيها أن الجماعة "ليس لها ميليشيا أو تنظيم سري يستدعي ما اعتبره تصعيدًا خطيرًا من جانب سلطات الأمن". إذن مختلف وسائل الإعلام العالمية ...انتقدت الاعتقالات ورأت فيها جزءًا من مخططات السلطات المصرية لعرقلةِ دور الإخوان المسلمين في العمل السياسي المصري بعد أن حققت الجماعة انتصارًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية الأخيرة ووضح دورها في قيادةِ المعارضة المصرية بالإضافةِ إلى معارضتها الواضحة والصريحة لتوريث الحكم، وبصفةٍ عامةٍ فإنَّ تعنت النظام السياسي المصري ضد الإخوان لا يقتصر على التصعيد الأمني ولكنه يتضمن تصعيدًا سياسيًّا ومن بينها تأجيل الانتخابات المحلية التي كانت مقررة أبريل الماضي لمدة عامين، وبالتالي فإنَّ الاعتقالات تُعتبر سياسيةً بالدرجةِ الأولى تأسست على تقارير صحفية تحريضية، وهو ما أقرَّت به مختلف وسائل الإعلام حول العالم. المصدر :