منحت السلطات المغربية ترخيصا بالعمل ل 11 مؤسسة إعلامية خاصة كدفعة أولى، في خطوة رأى المراقبون أنها ستنهي على نحو تدريجي عصر احتكار الحكومة للقطاع الإعلامي. وبينما تترقب الساحة الإعلامية مولد هذه الدفعة من القنوات الإذاعية والتليفزيونية، أعرب خبراء إعلاميون عن هم من أن تكون تلك القنوات مجرد تقليد لما هو متواجد حاليا، مشددين على ضرورة إجراء دراسة لسوق المشاهدين. فقد أعلنت "الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري" -الجهة المكلفة بإدارة مجال الإعلام المرئي والمسموع في المغرب- أنها قررت بعد شهور من الدراسة منح تراخيص العمل لقناة "ميدي 1 سات" التلفزيونية التي بدأت الاستعداد الفعلي للبث الصيف المقبل في مدينة طنجة بأقصى شمال البلاد، و10 محطات إذاعية جهوية (تابعة للمناطق) تغطي مختلف مدن البلاد، خصوصا الكبرى منها. وأكدت الهيئة في بيان لها صدر الثلاثاء 9-5-2006 أن هذه التراخيص تعد بداية فقط لتراخيص أخرى يمكن أن تمنح مستقبلا لمجموعة من المستثمرين في مجال الإعلام، سواء من المغاربة أو الأجانب. ولفتت إلى أنه توجد مشاريع محطات إذاعية وتلفزيونية أخرى توفرت فيها شروط القبول، وسيتم إعادة دراستها لاحقا في ضوء نتائج عمليات البحث عن ، واستكمال الإجراءات القانونية لمنحها التراخيص. ويواجه المغرب مشكلة تقنية وقانونية في مجال الحصول على ، حيث تبث العشرات من القنوات الأسبانية المركزية والجهوية (المحلية) على موجات مخصصة للمغرب نتيجة القرب الجغرافي، كما تبث إذاعات جزائرية أيضا على موجات المنطقة الشرقية في المغرب. ويقول مراسل "إسلام أون لاين.نت" السبت 13-5-2006: إن اللافت للانتباه في قرار الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري هو عدم حصول شخصيات نافذة على أحد التراخيص لإنشاء قنوات إذاعية أو تلفزيونية مثل منير الماجدي الخبير في الشئون الاقتصادية والمقرب من العاهل المغربي الملك محمد السادس، وكذلك نجل رئيس الوزراء المغربي إدريس جطو الذي كان يطمح أيضا إلى الحصول على ترخيص لإنشاء إذاعة، إضافة إلى رجل الأعمال ميلود الشعبي الذي اشتهر باستثماراته الكبرى في مجال العقارات والسياحة، ومن بينها إنشاء فنادق ومنتجعات سياحية لا تقدم الكحول. وأرجعت مصادر داخل الهيئة في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" السبت عدم منح تراخيص لتلك الشخصيات إلى أن "هناك مجموعة أخرى من التراخيص سيتم منحها مستقبلا". وأوضحت المصادر التي طلب عدم الكشف عن هويتها أن "الهيئة سعت إلى تجنب اتهامها بالمحاباة إذا ما منحت في المرحلة الأولى تراخيص لمستثمرين مقربين من الملك أو الحكومة". ورغم تأكيد الهيئة أن برامج المحطات الإذاعية والتلفزيونية الجديدة ستكون ما بين عامة وإخبارية وموسيقية واقتصادية، فإن الإعلامي عبد الرحمن الخالدي أعرب في مقال له بمجلة "الصحيفة المغربية" مؤخرا عن خشيته من أن تكون القنوات الجديدة مجرد استنساخ لما هو معروض بالقنوات المغربية. كما شدد الباحث الإعلامي يحيى اليحياوي في حديث لصحيفة "الصحيفة" الأسبوعية، عقب صدور بيان الهيئة، على ضرورة أن تبدع وتبتكر القنوات الجديدة برامج جديدة أيضا. وطالب تلك القنوات بعدم مقارنة برامجها ببرامج القناتين الأولى والثانية بالتليفزيون الرسمي؛ لأن هاتين القناتين لا تزال برامجهما رديئة، ولم ترق بعد إلى طموح المشاهدين المغاربة، على حد قوله. احتياجات المشاهدين أما عبد المجيد فاضل أستاذ مادة اقتصاديات وسائل الاتصال بالمعهد العالي للإعلام والاتصال فقد نبه إلى عدم وجود دراسة علمية تحدد رغبات المشاهدين حول نوعية البرامج التي يحتاجونها كما هو الحال في الدول الغربية. وتابع في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" السبت قائلا: "إن غياب الدراسة العلمية لما يريده المشاهد يجعل كل قناة تنطلق في برامجها بالنظر إلى ما هو موجود، ويكون سقف منافستها هو الوصول إلى الوضع الذي عليه القنوات الأخرى". وخلال العام الماضي تم تعديل قانون الإعلام المغربي بحيث نص على "تكريس حرية الاتصال السمعي والبصري بما يخدم تعدد الآراء والتيارات الفكرية وترسيخ وحدة الأمة عن طريق الخدمة العامة للإعلام والعمل على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية". كما أكد القانون على إشراك القطاعين العام والخاص في امتلاك المؤسسات الإعلامية في إطار تنافسي. وقبل تعديل هذا القانون كانت إذاعة "سوا" الأمريكية الموجهة هي الإذاعة الوحيدة الخاصة التي سمح لها بالبث في المغرب، في خطوة وصفها المراقبون حينئذ بأنها "مجاملة مغربية لأمريكا". لكن بعض القنوات التلفزيونية كانت قد بدأت بثها التجريبي، ومنها القناة الرابعة (تربوية)، وقناة "المغربية" التي تعيد بث أهم البرامج من القناتين الأولى والثانية المغربيتين. وتوجه "المغربية" إرسالها إلى المغاربة المقيمين بالخارج، وكذلك قناة "جهوية" التي بدأت بثها التجريبي في مدينة "العيون" المغربية، وهي تابعة للقناة الأولى، لكنها تتمتع بالاستقلالية في إدارتها. ولم يكن لدى المغرب لفترة طويلة سوى قناة تلفزيونية وحيدة هي "إ ت م"، قبل أن ينشئ قناة خاصة عام 1989، وهي القناة الثانية "دوزيم" التي أممتها السلطات المغربية بعد أن شارفت على الإفلاس.