تخيم حالة ترقب ممزوجة بتوجس في تونس إيذاء التفجيرات "الانتحارية" الأخيرة التي وقعت في الجزائر والمغرب مع تصاعد التحذيرات من أن تونس ليست في مأمن من تلك التفجيرات. تلك التحذيرات قابلتها حالة استنفار أمني غير معلنة في تونس شملت تشديد الرقابة على الأحزاب والمنظمات الأهلية وخاصة للأوساط الإسلامية والقريبة من التيار السلفي، بحسب مراسل "إسلام أون لاين.نت". وهز انفجاران قويان وسط العاصمة الجزائرية الأربعاء الماضي استهدف أحدهما مبنى الحكومة الجزائرية، والثاني مركزًا للشرطة، وأسفر عنه مقتل 33 شخصا وإصابة أكثر من 222. وفي المغرب قُتل 4 مفجرين خلال مطاردة قوات الأمن لهم الثلاثاء الماضي بحي الفدا في مدينة الدارالبيضاء، لصلتهم بتفجير انتحاري وقع في المدينة قبل نحو شهر. عبد الرءوف العيادي المحامي المختص في قضايا الحركات الإسلامية لم يستبعد أن تطال التفجيرات الانتحارية تونس، وقال في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت": "إن تونس ليست في مأمن من مثل هذه العمليات، خاصة في ضوء الاعتقالات الواسعة التي شنتها السلطة في صفوف التيارات الإسلامية بعد الاشتباكات المسلحة التي وقعت في الضاحية الجنوبية للعاصمة في نهاية العام الماضي". وحذر من مغبة المضي في السياسات القمعية بحجج مختلفة ومنها حفظ الأمن؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وكانت قوات الأمن التونسية قد قتلت 12 مسلحا واعتقلت 15 آخرين ممن أسمتهم ب"مجموعة خطيرة من المجرمين" في ديسمبر الماضي بالضاحية الجنوبية للعاصمة بعد مطاردة أمنية. وقبل عدة أشهر سلمت السلطات الجزائريةتونس 10 تونسيين بزعم أنهم كانوا ينوون الالتحاق بمعاقل الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجبال المحيطة بالجزائر العاصمة. وكانت الصحف الجزائرية قد لفتت إلى أن تدفق "العناصر التونسية" وانضمامها للمشاركة والتدريب في معسكرات الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) بدأ منذ بداية سنة 1997. وبدوره، حذر الصحفي والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الزواري من أن "تونس صارت تمثل تربة خصبة لنمو هذه الظواهر (التفجيرات) وبالتالي لتوليد الإرهاب". واعتبر أن "الاستقرار ليس مرهونا بقدرة الأجهزة الأمنية على التأمين التام للسير العادي للحياة بالبلاد وتجنيبها ويلات الاهتزازات العنيفة؛ فهي ومهما كانت قدرتها فلن تفوق خبرة ومهنية وتقنية نظيراتها الغربية التي لم تجنب بلدانها مثل هذه الأحداث"، وذلك في إشارة إلى تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، وتفجيرات لندن عام 2005. الصحف والشارع ومن جهتها، أعربت الصحف التونسية عن صدمتها وصدمة المواطنين التونسيين من تفجيرات المغرب والجزائر. ونددت بالتفجيرات وتحدثت عن عودة قوية لهذه الظاهرة في المغرب العربي دون أن تغوص في أسبابها، واكتفت بالإشارة إلى علاقة التفجيرات بتنظيم القاعدة وإعلانه عن تكوين قاعدة الجهاد بالغرب الإسلامي. أما الشارع التونسي فأعرب عن تخوفه من أن تكون تونس هي الهدف التالي للتفجيرات الإرهابية خاصة بعد إعلان تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وضع تونس ضمن لائحة البلدان التي ينوي استهدافها، رغم محاولة السلطات التونسية بث الطمأنينة بتأكيد سيطرتها على الوضع وضرورة الثقة المطلقة في الأجهزة الأمنية. طارق موظف تونسي أعرب عن قلقه في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" قائلا: "بعد أحداث الضاحية الجنوبية لا يمكن الحديث عن أمن تام، وكما نرى فإن كل البلدان حتى أكثرها تقدما أصبحت مستهدفة.. انظر أمريكا وبريطانيا وأسبانيا على سبيل المثال". ورأى أن الأفضل هو "التسليم بقدرة السلطة على حماية الأمن والاستقرار بالبلاد من أن يستسلم المرء إلى الهواجس التي تُذهب النوم والعيش في خوف من أن يقع تفجير هنا أو هناك". أما دلال (موظفة) فاعتبرت أن "تونس بلد آمن، وأن ما حدث في الضاحية الجنوبية ليس سوى لحظة عابرة، بل هو دليل على قدرة الأجهزة الرسمية على إحباط أي عملية تستهدف أمن واستقرار البلاد". اغتصاب الحقوق وفي تفسيره لظهور أعمال العنف قال عبد الزواري: "إن الإرهاب عموما يبدأ يوم يقع اغتصاب الحقوق التي جاءت شرائع السماء وشرائع الأرض داعية إلى احترامها ومنكرة للاعتداء عليها"، معتبرا أن من بين أسباب ظهور الإرهاب هو عدم الاهتمام بالشأن العام وضمور الحس الوطني. العيادي بدوره رأى أن "حل مشكل الإرهاب في بلداننا العربية ومنها تونس مرهون بفك ارتباطنا بالأجندة الأمريكية والتفرغ لتحقيق أنجداتنا الوطنية". وتابع قائلا: "إن انخراطنا إلى جانب أمريكا في مكافحة (الإرهاب) جعلنا هدفًا لمثل هذه العمليات؛ لأننا استعدينا أطرافا ليس بيننا وبينهم أي عداوة؛ فالإرهاب الذي ننخرط نحن في محاربته إلى جانب أمريكا ليس سوى حق المقاومة"، وتساءل مستنكرًا: "فهل من مصلحتنا نحن أن ننخرط في مقاومة المقاومة بدل دعمها في كل من فلسطين والعراق؟".