اتهم الرئيس السوداني عمر البشير الولاياتالمتحدة بالوقوف وراء كل المشاكل التي تعاني منها بلاده، وتعهد ملاحقة ومعاقبة ميليشيات «الجنجاويد» التي تُتهم بارتكاب عمليات قتل ونهب في إقليم دارفور المضطرب غرب البلاد، وأيضا إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المحدد نهاية العام المقبل. وقال البشير الذي كان يتحدث من مسقط رأسه قرية حوش بانقا الواقعة على بعد 170 كيلومتراً شمال العاصمة الخرطوم، إن كل ما يجري الآن في السودان عبارة عن مشاكل مصنوعة بواسطة أجهزة استخبارات ومنظمات غربية وتقف وراءها الإدارة الأميركية، منوهاً إلى أن كل حركات التمرد التي تقود حروباً ضد حكوماتها في العالم تُصنّف بأنها تنظيمات إرهابية إلا في السودان. وأضاف: «أي مجموعة تحمل السلاح هنا فهي مظلومة ومهمشة وتجد الدعم والسند الغربي، والحكومة هي المخطئة... وحتى حركات المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي تُصنّف (في الغرب) بأنها حركات إرهابية». واعتبر البشير الذي رافقه خلال الرحلة وفد إعلامي أميركي، ان بلاده تواجه حملة تشويش كبيرة تقودها الولاياتالمتحدة، وأن هذه الحملة هي جزء من مخطط أميركي يستهدف كثيراً من الدول التي يعمل الأميركيون لضربها. وقال ان هذه الحملة «نوع من المؤامرة» التي تستهدف السودان وموارده، مشيراً الى أن تعامل المؤسسات الدولية القائم الآن هو جزء من هذه الحملة. ورأى أن من الأسباب الرئيسة لمحاربة بلاده الموقع الاستراتيجي للسودان ورفضه «الهيمنة الأميركية» و «الطمع» فى موارده من النفط والغاز والمعادن والمياه. وقال الرئيس السوداني: «هم يحاولون تقسيم (قارة) افريقيا إلى جزءين، شمالها (يتألف من) عرب ومسلمين، وجنوبها زنوج ومسيحيين»، لافتاً إلى «الحملة العدائية» التي قادتها الولاياتالمتحدة ضد العراق ونظام الرئيس السابق صدام حسين بتهم باطلة مثل امتلاكه أسلحة دمار شامل وعلاقاته مع تنظيم «القاعدة». واعتبر البشير أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه أخيراً بين حكومته والأمم المتحدة حول الحزمة الثانية من حزم الدعم الثقيل للقوة الأفريقية في دارفور، «واضح ومفصل»، مشدداً على أن كل القوات الواجب نشرها في دارفور «ستكون افريقية من القاعدة إلى قمة القيادة». وأوضح أن الدور الاممي سيكون محصوراً في تقديم دعم فني ولوجستي من المهندسين والخبراء والعمال والشرطة الفنية، قائلاً إن عدد هؤلاء ربما يصل إلى ثلاثة آلاف شخص «يقل أو يزيد»، مؤكداً أنهم عبارة عن عناصر فنية داعمة لقوات الاتحاد الأفريقي. وشدد على أن بلاده لن تستقبل أي قوات أو كتائب مقاتلة دولية. وأبلغ البشير الوفد الإعلامي الأميركي الذي رافقه إلى مسقط رأسه، إن «الجنجاويد» هم «عصابات خارجة عن القانون»، نافياً في هذا الصدد أي علاقة لهم بالحكومة، وتعهد ملاحقتهم ومعاقبتهم ومحاسبتهم عبر القانون. كما أكد قيام الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحلول نهاية العام المقبل، مشدداً على أنها ستكون انتخابات حرة ونزيهة مفتوحه لكل الناس. في غضون ذلك، انتقد الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أمس تصريحات صدرت عن الرئيس جورج بوش تحدث فيها عن مهلة أخيرة للخرطوم لحل أزمة دارفور قبل أن تفرض واشنطن عقوبات، واصفاً موقف بوش بالعدائي. وأضاف: «لم استغرب الموقف الأميركي، واتخاذ موقف عدائي من دون مبرر تجاه السودان في ما يخص قضية دارفور»، مشيراً إلى أن حكومته أبدت مرونة في قبول حزم الدعم الثقيل للقوات الافريقية في دارفور. وقال: «نحن عازمون على بسط الأمن وتوفير الحماية لشعب دارفور». وفي السياق ذاته، قلل الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية السفير علي الصادق من التهديدات الأميركية - البريطانية، معتبراً أن الأمر أصبح شأناً يخص البلدين و «ليست له علاقة بقضية دارفور». وفي القاهرة (أ ف ب) وجه وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط أمس «رسائل عاجلة» الى نظرائه الأميركي والبريطاني والفرنسي والصيني والروسي يحذرهم فيها من فرض عقوبات جديدة على السودان. وقال أبو الغيط في بيان إن «هذه الرسائل أكدت ضرورة بناء الثقة وتعزيز التواصل والحوار مع الحكومة السودانية، بدل التهديد بفرض العقوبات». وأضاف «كان من المتوقع والمنطقي أن يقابل المجتمع الدولي التجاوب السوداني مع اقتراحات حزم الدعم الخفيفة والثقيلة المقترحة من الاممالمتحدة لبعثة حفظ السلام الافريقية في دارفور بالترحيب والتشجيع، بدل التهديد وممارسة الضغط وإبداء الشكوك في مدى جدية تعاون الحكومة السودانية خلال المرحلة المقبلة». وأعلن انه «حض الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن على التروي وعدم التسرع باستصدار قرارات جديدة تزيد من تعقيد الموقف ويصعب تنفيذها على الارض».